استأنف سائقو سيارات الأجرة الكبيرة بجهة الشرق عملهم صباح الجمعة فاتح أبريل 2016، بعد أربعة أيام من الإضراب والاعتصام أمام مقر الجماعة الحضرية لوجدة، نظموا خلالها وقفة احتجاجية وسط شارع محمد الخامس، متسببين في شل حركة المرور لساعة من الزمن، قبل أن ينطلقوا في مسيرة جماعية نحو محطة الأداء بالطريق السيار ، مهددين بنقل احتجاجاتهم على ما وصف ب»المنافسة غير المشروعة» لحافلات النقل المزدوج ، إلى العاصمة الرباط. وقد منعت عناصر الدرك الملكي أصحاب «الطاكسيات» من مواصلة المسيرة، وحضر إلى عين المكان الكاتب العام لولاية جهة الشرق رفقة رئيس مصلحة الشؤون الداخلية، وتم ثني سائقي سيارات الأجرة عن تنفيذ تهديدهم على أساس إيجاد حلول مناسبة لطرفي النزاع (سائقو سيارات الأجرة الكبيرة وحافلات النقل المزدوج). ولجأ سائقو سيارات الأجرة الكبيرة إلى الاحتجاج عندما سمح لحافلات النقل المزدوج بنقل زبائنها إلى داخل المدار الحضري، واعتبروا ذلك خرقا لكناش التحملات الذي حدد كيفية عمل هذه الحافلات بحيث تربط بين القرى ويكون خط نهاية سيرها ضواحي المدينة. واعتبر عبد العزيز الداودي، الكاتب العام للمكتب النقابي الموحد للنقل الطرقي، العضو في الاتحاد المغربي للشغل، في تصريح لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، اعتصام أصحاب الطاكسيات أمام الجماعة الحضرية واحتلال الشارع العام لمدة أربعة ايام مع محاولة النزوح الجماعي إلى العاصمة الإدارية، «ينذر بزيادة حدة الاحتقان الاجتماعي الذي يترجم غالبا بردود أفعال قوية لا أحد يملك القوة للسيطرة عليها». وذكر في هذا الإطار بأن قطاع سيارات الأجرة بجهة الشرق يعاني إكراهات ومشاكل كثيرة ومتنوع، مشيرا إلى أن المهنيين أصبحوا على حافة الإفلاس وخصوصا بعد أن تم المنع الكلي لتهريب الوقود من الجزائر الذي كانوا يعتمدون عليه، حيث كان هامش الربح لديهم هو الفرق في ثمن كل من الوقود الوطني والوقود المهرب، مضيفا بأنهم أصبحوا غير قادرين على أداء مصاريف الصيانة والتأمين والضرائب والسومة الكرائية ناهيك عن متطلبات الحياة اليومية». وأضاف الداودي بأن هذا المشكل ينضاف إلى مشاكل القطاع البنيوية والمرتبطة بعدم وجود قانون تنظيمي للمهنة، مبرزا بأن «القطاع غير مهيكل وحتى الدوريات والمذكرات الوزارية الصادرة في هذا الشأن لا تحترم، بل لا تلزم حتى السلطة القضائية، والدليل على ذلك الدوريتان الوزاريتان 61 و16 اللتان بموجبهما يتم ضمان استمرار العلاقة التعاقدية بين مستغل المأذونية ومالكها، هاتان الدوريتان لا تستند إليهما المحكمة في أحكامها ، بحيث أنها تستند إلى قانون العقود والالتزامات وخاصة المادة 689 ، وعلى أن العقد شريعة المتعاقدين، مما يجعلنا نطرح السؤال ما الجدوى من إصدار دوريات وزارية غير ملزمة للسلطة القضائية؟» يقول الكاتب العام للمكتب النقابي الموحد للنقل الطرقي. وأوضح عبد العزيز الداودي بأن المهنيين لا يسري عليهم قانون الشغل على الرغم من الدور الكبير الذي يلعبه القطاع في إنعاش الاقتصاد الوطني، حيث أنهم محرومون من أبسط الحقوق، فلا تغطية صحية ولا ضمان اجتماعي ولا تقاعد «مما يدفع بالكثير من المهنيين إلى إنهاء مسارهم في التسول أمام مراكز التنقيط»، مضيفا «حتى الحق الدستوري في أن يكون لهم ممثلون في الغرف المهنية محرومين منه، ورغم الوعود الكثيرة التي أعطيت من طرف الحكومات المتعاقبة، والتي أكدت على ضرورة تحرير قطاع سيارات الأجرة وفق كناش تحملات يروم القطع مع اقتصاد الريع ونظام الامتياز ويكون مدخلا أساسيا لكي تسري على السائقين مقتضيات وبنود مدونة الشغل، إلا أن شيئا من هذا لم يحدث وهو ما ينذر بزيادة حدة الاحتقان الاجتماعي». وأكد الكاتب العام للمكتب النقابي الموحد للنقل الطرقي (ا.م.ش) على ضرورة تأهيل الإطار التشريعي المنظم للمهنة بما يضمن جودة الخدمات للزبون وظروف عمل مريحة للسائقين، وهذا «لن يتم إلا بالقضاء على اقتصاد الريع وتحرير القطاع بالاستناد إلى مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار انشغالات المهنيين وتكون مدخلا أساسيا للنهوض بالأوضاع المادية والمهنية للسائقين». هذا، وكان مهنيو سيارات الأجرة الكبيرة قد دخلوا ابتداء من صباح الاثنين 28 مارس 2016، في إضراب واعتصام أمام مقر الجماعة الحضرية لوجدة، حيث عمدوا إلى ركن سياراتهم أمامها ورددوا في وقفات احتجاجية شعارات منددة بقرارات الجماعة الحضرية والسلطة المحلية ومطالبة بإبعاد أصحاب النقل المزدوج إلى خارج المدار الحضري. وغير بعيد عنهم اصطفت حافلات النقل المزدوج ورفع اصحابها لافتات حملت عبارات «لا للإقصاء لا للحكرة»، وأخرى عبروا فيها عن تشبثهم بحقهم في العيش الكريم بالمحطة الخاصة بالنقل المزدوج قرب شارع ابراهيم الحسيني بوجدة كمحطة دائمة لهم.