تتواصل منذ يوم الخميس الماضي فعاليات الدورة السادسة والعشرين من ملتقى أيام الشارقة المسرحية، وهو واحد من أهم الملتقيات المسرحية بمنطقة الخليج العربي، والذي تحتضنه إمارة الشارقة تحت رعاية حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، الذي أكد في كلمة له خلال حفل الافتتاح، الذي احتضنه قصر الثقافة، على دور الإبداع في محاربة العنف والحرب والخراب الروحي للإنسان...وسيتم عرض أكثر من 14 عرضا مسرحيا طيلة أيام المهرجان الذي يرمي إلى تشجيع الثقافة المسرحية وجذب الاهتمام إلى أهمية المسرح في حياة الشعوب. ويحضر إلى جانب الوفود العربية المسرحية المشاركة خلال هذا الملتقى المسرحي، وفد مسرحي مغربي يتكون من باحثين ومسرحيين وممثلين وإعلاميين، نذكر من بينهم المسرحي عبد الحق الزروالي الذي سيشارك في ندوة حول الراحل الطيب الصديقي في فقرة "لمسة وفاء"، وذلك تقديرا ووفاء من أيام الشارقة المسرحية لما قدمه المسرحي المغربي الراحل للمسرح العربي عامة. كما يحضر الناقد والباحث المغربي رشيد بناني، الذي يشارك في ندوة حول دور تاريخ الملصق في المسرح العربي ، ويتواجد المسرحي مسعود بوحسين ضمن أعضاء لجنة التحكيم في المسابقة الرسمية للملتقى، في حين يشارك الدكتور فهد الكغاط في ندوة حول "أرشفة العرض المسرحي الوعي والتجربة"، وهي الندوة التي تسلط الضوء على ذاكرة وواقع أرشفة وتوثيق العرض المسرحي في الوطن العربي. ومن المهتمين بالمسرح، يحضر الباحث المسرحي سعيد الناجي كواحد من ضيوف الملتقى المسرحي، كما يحضر الكاتب الطاهر الطويل، الذي يشارك في ندوة النص المسرحي في البلدان العربية وموقعه في الصحف اليومية ودور الإعلام في إشاعة ونشر ثقافة القراءة وكتابة النص، بالإضافة إلى كل الممثل والمخرج أمين ناسور والممثلة فاطمة الزهراء بناصر اللذين يشاركان في عمل مسرحي، إلى جانب عبد الحق الزروالي، يستلهم فيه روح تجربة المسرحي الراحل الطيب الصديقي لتقريب هذه الشخصية المسرحية الفريدة من الجمهور الحاضر خلال هذا الملتقى، وضمن نفس الوفد المشارك يحضر أيضا المخرج فؤاد عبد الإله مدير مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الطفل... وعن مكانة ملتقى الشارقة ضمن خارطة الملتقيات المسرحية العربية، يقول الدكتور بشير بناني: "الملتقيات المسرحية عامة هي دعامة أساسية للتعريف بالمسرح وواجهة جيدة لنشر التجارب المختلفة خاصة المحلية و الوطنية، وأهمية ملتقى الشارقة انه يعرف بالتجارب الخليجية المسرحية التي تبدل فيها مجهودات جبارة للتجويد والاستمرار سنة بعد سنة، ولكنه أيضا يعرف المهتم بالمسرح، الممارس أو الدارس أو الإعلامي المتخصص، على هذه التجربة الخليجية وتعدد الرؤى والزوايا الفنية التي تميزها..من جهة أخرى، يعنى الملتقى بالجانب الفكري من خلال الندوات التي تختار مواضيعها بشكل دقيق وذكي مواكب للمستجدات التي تطرح نفسها على ممارسي ومتابعي المسرح ، فموضوع المسرح بين النخبة والجمهور موضوع إحدى ندوات الملتقى، و هو موضوع يؤرق كل ممارسي المسرح حاليا، فالتألق والانتشار الذي عرفه المسرح سابقا لم يعد قائما الآن في ظل منافسة وسائل نشر الفنون الأخرى مثل التلفزيون والانترنيت والمسارح المسجلة لأنها بدأت تحظى بانتشار أكبر...وإلى جانب هذه الإشكالية الأساسية مثلا هناك كناك قضايا جانبية لا تقل أهمية مثل دور المرأة في الإخراج ودور الملصق المسرحي ودراسته ..فهذه ثقافة جديدة ضمن الثقافة المسرحية كمكون أساسي للعمل المسرحي، وهذا ذكاء على مستوى البرمجة واختيار الموضوعات........" كما يحضر المغرب ضمن البرنامج الفكري لهذا الملتقى من خلال ندوة لمسة وفاء التي خصصت للمبدع المغربي الكبير الراحل الطيب الصديقي، برنامج تطرح ندواته أسئلة هامة، نذكر منها "المسرح بين النخبة والجمهور"، "المرأة والإخراج المسرحي في الوطن العربي: تجارب وشهادات"، "أرشفة العرض المسرحي: الوعي والتجربة"، "كيف تدار الفرق المسرحية العربية"، "تاريخ البوستر في المسرح العربي، "السير والمذكرات في المسرح العربي"، "برامج المسرح الإذاعية: الصوت ومداه"، "النص المسرحي والصحف والقراء".... وقد حرصت أغلب العروض المسرحية التي عرضت خلال الأيام الأولى للملتقى، على تقديم أعمالها باللغة العربية الفصيحة، مع استعمال اللهجة المحلية بشكل قليل، وهو ما مكن المتابعين من مهتمين مسرحيين من مختلف الأقطار العربية من الاستمتاع بالعروض دون حواجز لغوية، كما جاء مستوى العروض مرضيا ونصوصه متماهية مع الواقع العربي، خاصة في مسرحية "مرثية الوتر الخامس"... وإلى جانب العروض المسرحية خصص الملتقى برنامجا فكريا وثقافيا موازيا لطرح الأسئلة الملحة التي تطرح على المسرح العربي اليوم، محاولا الجمع بين المسرح والتطبيق والتنظير. ويسهر على تنشيط هذه اللقاءات مجموعة من الباحثين والنقاد والمنشغلين بالهم الثقافي، من مختلف الدول العربية. كما حاول الملتقى إشراك الشباب في شخص الطلبة المتفوقين المنتمين إلى معاهد وكليات المسرح في مختلف دول الوطن العربي، وذلك من خلال ملتقى الشارقة لأوائل المسرح العربي، حيث يمكنهم المهرجان من متابعة العروض والندوات التطبيقية وإثراء تجاربهم التي لا زالت في بدايتها وصقلها من خلال المواضيع وأساليب العمل...