وردت تقارير كثيرة حول فظاعات الحرب الاهلية في جنوب السودان، غير ان عنصرا هاما لا يزال مجهولا هو عدد الضحايا الذين سقطوا منذ اندلاع النزاع الدامي في هذا البلد في دجنبر 2013. وتعرض مدنيون للقتل والحرق والخصي والشنق والاغراق والخنق او قضوا جوعا، وبقيت جثثهم مرمية او مكدسة في مقابر جماعية. حتى انه تم رصد حالة قسرية من اكل لحوم البشر. وبعد بضعة اشهر على اندلاع الحرب، اعلنت الاممالمتحدة عن سقوط عشرة الاف قتيل، ورغم تواتر المجازر بصورة متسارعة وانتشارها على امتداد البلاد، ابقت المنظمة الدولية على هذه الحصيلة حتى الشهر الجاري، حين افادت عن سقوط ما لا يقل عن 50 الف قتيل. غير ان حصيلة 50 الف قتيل كانت اعلنتها مجموعة الازمات الدولية منذ نوفمبر ،2014 وهي المجموعة التي تتابع هذا النزاع عن كثب . وبراي عاملين في المجال الانساني ومسؤولين طلبوا عدم كشف هوياتهم، فان العدد الاجمالي للقتلى قد يقارب 300 الف، ما يعادل حصيلة خمس سنوات من النزاع في سوريا. وقال عامل انساني معتاد على العمل في مناطق النزاعات ان مستوى اعمال العنف اكبر بكثير من "كل ما شهدناه في اي مكان اخر تقريبا". وقتل في هذا البلد اكثر من ثلاثين عاملا في المجال الانساني منذ اندلاع الحرب. ورقم 50 الف قتيل هو حصيلة الحد الادنى للقتلى الذين سقطوا جراء النزاع مباشرة. لكن العدد يرتفع ارتفاعا هائلا اذا ما احصينا القتلى الجانبيين. ويتحتم عندها الاخذ بالذين يموتون جوعا في وقت يعرقل اطراف النزاع وصول المساعدات، او الذين يسقطون ضحايا فظاعات على نطاق واسع، مثل ستين مدنيا تركتهم القوات الحكومية يختنقون في حاوية تحت الشمس في تشرين الاول/اكتوبر 2015. كذلك ينبغي الاخذ بالقتلى الذين يسقطون لعدم تلقيهم العناية المناسبة بعد التدمير المتعمد للعديد من المستشفيات. وحذرت منظمة اطباء بلا حدود من "العواقب الهائلة على مئات الاف الاشخاص" بعد تعرض ستة من مراكزها الطبية للهجمات او النهب او الحرق، وبعضها اكثر من مرة. ونفذت العديد من المجموعات المسلحة مجازر اتنية وبالرغم من توقيع اتفاق سلام في غشت،2015 لا تزال المعارك متواصلة في عدة مناطق حيث الفصائل المسلحة لها مصالح محلية. وجرت المعارك بتجهيزات حديثة من مروحيات قتالية وقاذفات صواريخ ومدفعية ثقيلة ودبابات انزال لمطاردة المتمردين في مناطق المستنقعات المعزولة. وتم تدمير مدن بالكامل. وتشير الارقام المتوافرة الى ان 2,3 مليون شخص طردوا من منازلهم، و6,1 ملايين شخص بحاجة عاجلة الى المساعدة الغذائية، و15 الف طفل جندي تم تجنيدهم، وايواء 200 الف مدني في مخيمات للنازحين تابعة للامم المتحدة التي تحتاج الى مساعدة بقيمة1,1 مليار دولار.