انطلقت الدورة الثانية والعشرون من «المعرض الدولي للكتاب بالدارالبيضاء» بالمغرب منه، ويشارك فيها مئات العارضين، وآلاف الكتب، وتنظم على هامشه عشرات الأنشطة الثقافية المختلفة. في هذه الفترة تنتشر في الفيسبوك تواريخ الأنشطة التي يشارك فيها مبدعون لا يترددون في دعوة متابعيهم إلى الحضور، و تنتشر صور الزوار الذين يعدون بمئات الآلاف كل سنة. إنه موسم الكتاب كما وصفه الشاعر المغربي حميد عسيلة ذات قصيدة. تنتشر أيضًا منشورات السخرية والتهكم من الحدث، ومن كثرة الصور، واصفة أصحابها بالتفاهة تارة، وبحب الظهور المجاني تارة أخرى. يحدث أيضًا أن تطفو على السطح معارك المثقفين، كما حدث في الموسم السابق بعد حادثة حجب جائزة المغرب للشعر، الأمر الذي جعل وزارة الثقافة تؤجل الإعلان عن جوائز المغرب للكتاب إلى ما بعد فترة المعرض. يسافر عشاق الكتاب والمبدعون من مدن مختلفة إلى الدارالبيضاء، إلى موسم الكتاب. يلتقي الأصدقاء ومشاريع الأصدقاء. ويعود الجميع إلى لوحته الإلكترونية وهاتفه الذكي ليحكي، أو لينشر صور الكتب التي اشتراها، وصوره مع الأصدقاء الذين التقاهم مبتسمين كما يليق بالحجاج. كل هذه الأحداث وغيرها يكون بطلها الكتاب. كل هذه الحكايات، والصور والتعليقات والمقالات، هي حول السيد الكتاب. و لكننا لن نحرم أنفسنا من التساؤل، لماذا كل هذا؟ ما السبب؟ وما الغاية؟ هذه الأسئلة، كما هو واضح، تنتقل من سنة إلى أخرى، من موسم إلى الذي يليه. دون أن ترسو على إجابات شافية. و هل لها أن ترسو؟ يتحدث الإعلام في كل مرة عن آلاف الكتب التي تباع، وتتحدث التقارير عن ضعف المقروئية بعد ذلك، وتعزز حديثها بأرقام مخجلة، تُطرح في الندوات أفكار واقتراحات للتطوير، تقرأ أشعار وقصص للاستمتاع والتذوق، يُحكى الكثير عن الروايات التي تشرّح المجتمع، والإنسان. لكننا نعود بعد كل المواسم إلى مظاهر مجتمعاتنا المتخلفة، وإنساننا اللاحضاري مع التحفظ اللازم عن التعميم. إنه موسم الكتاب، وهذا يكفي لأن نرحب به، و نحج إليه إذا ما استطعنا سبيلا، في انتظار أن تنتقل القيم الحضارية التي يفترض أن يختزنها الكتاب ويدعو لها إلى إنساننا الراسخ في التخلف.