مرة أخرى يتطور الجدل العنيف بين أعضاء الحكومة، حيث انتقد رئيس التجمع الوطني للأحرار، صلاح الدين مزوار، حزب العدالة والتنمية، وأمينه العام، عبد الإله بنكيران، متهما هذا الحزب ورئيس الحكومة، بمحاولة الهيمنة على الائتلاف الحكومي، والتحكم في توجهاته، وممارسة الترهيب ضد من يخالفونه الرأي. وقد تصدت لمزوار، عدة مواقع إلكترونية، قريبة من العدالة والتنمية، مرفقة بتعليقات، في إطار حملة منظمة، حيث كالت له كل أنواع السب والقذف، وهاجمته على مختلف المستويات السياسية والأخلاقية، في إطار التقليد الذي أصبح معمولا به من طرف أنصار هذا الحزب، الذين يستعملون الشبكات الاجتماعية، بمنهجية التجنيد الشامل، حيث أطلق عليهم وصف «الكتائب الإلكترونية». غير أنه بغض النظر عن المسار الذي اتخذته هذه الحملة ضد مزوار، فإن ما هو أهم وأعمق من التهجم، هو التأمل في خلفية هذه التصريحات، وأهدافها وتوقيتها، من أجل تفسير ما يحصل داخل الحكومة، حيث أن من حق الرأي العام أن يفهم، بشكل جدي وموضوعي، الخلافات والنزاعات، التي تحصل داخل السلطة التنفيذية، التي من المفترض أنها تنفذ برنامجا متفقا بشأنه، وتشتغل في إطار تنسيق تام. من الضروري أن يرد بنكيران، على الاتهامات الموجهة له ولحزبه، بالهيمنة والتحكم، داخل الائتلاف الحكومي، وهي مسألة سبق أن اشتكى منها حزب الاستقلال، عندما كان مشاركا في هذا الائتلاف. و يمكن لأي متتبع للحياة السياسية في المغرب، أن يلاحظ، أن لا صوت يعلو فوق صوت حزب العدالة والتنمية، في الحكومة، وأن الأحزاب الأخرى المشاركة فيها، تكاد تغيب في العديد من القضايا الكبرى، حيث من المفترض أن هذا الحزب لا يمكنه أن يفرض فيها كامل توجهه السياسي والإيديولوجي. المسألة الثانية التي أثارها تصريح مزوار، هي عنف الخطاب، الذي عبر عنه بنكيران، عندما توجه بالانتقاد للتجمع الوطني للأحرار، وهذه مسألة أعادت إنتاجها «الكتائب الإلكترونية»، التي تعتبر أن كل من ينتقد حزب العدالة والتنمية، يستحق الرجم المعنوي، والتجريح والتحامل... وكأن المطلوب من كل الفرقاء السياسيين، أن يبلعوا لسانهم ويقولوا آمين لكل ما يتفوه به بنكيران، وحزبه وجماعته. انهم يتصرفون مع باقي الفرقاء، حسب درجة «ولائهم»، لمواقف حزبهم، يرضون عنهم ويرمون لهم الورود، عندما يتفقون معهم ، غير أن هذا الرضى سرعان ما ينقلب إلى سخط جارف، ليتحول الملاك إلى شيطان، بمجرد انتقاده لهم، عملا بالمثل الشعبي «الديب حلال الديب حرام».