السعال المزمن هو حالة شائعة، ويوصف بكونه مزمنا عندما تفوق مدة المعاناة «السعالية» ثمانية أسابيع، الذي يمكن أن يحدث بشكل واع أو كحدث إرادي، أو نتيجة لرد فعل لا إرادي غير متحكم فيه. والسعال هو صفير ينجم عندما ينحصر الهواء بعد انغلاق «الزردمة « مما يولد ضغطا هائلا داخل القصبات الهوائية، وعندما تنفتح يخرج الهواء مندفعا بقوة، علما بأن السعال يلعب دورا ايجابيا في الجهاز التنفسي، إذ يطرد المخاط، والميكروبات، والدقائق الغريبة، ويدعم حماية الرئتين من العدوي والالتهابات، ويفرق الأطباء بين نوعين منه، الجاف والمنتج. تصل نسبة الاستشارات الطبية عند الطبيب العام نتيجة للسعال المزمن إلى 6 في المئة، وما بين 20 و 30 في المئة عند الطبيب المختص في أمراض الرئة، وجدير بالذكر أن السعال المزمن يتسبب في نسبة 57 في المئة من الإعياء، و 45 في المئة من الأرق. ويمكن للسعال المزمن أن يكون معزولا بدون أعراض أخرى، كما يمكن أن يكون مصاحبا بأعراض سريرية، كتدهور في الصحة العامة، ضيق التنفس الجهدي، خلل في الصوت، نفث الدم، عسر البلع، ألم عضلي، كسر ضلعي، اضطرابات نومية، واضطراب في التركيز الذهني، كما يمكن أن يؤدي إلى تدني الأداء في العمل، وإلى تأثر العلاقات الاجتماعية. ويعتمد الطبيب المعالج على ثلاثة ركائز لتشخيص سبب السعال المزمن، من خلال استجواب المريض، الفحص السريري، والفحص بالأشعة السينية للصدر. وتشير الإحصائيات إلى أن الأمراض التنفسية، وأمراض الأنف والحنجرة، تشكل الجزء الأكبر من أسباب السعال المزمن، وذلك بنسبة 35 في المئة لكل منهما، في حين أن أمراض الجهاز الهضمى، تكون دافعا هي الاخرى بمعدل 20 في المئة. ومن الأسباب الرئوية للسعال المزمن، نجد التهيج الكيميائي للتدخين، الربو، التهاب القصبات الهوائية، انتفاخ وسرطان الرئة. ويعتبر الرشح الأنفي الارتجاعي من أسباب السعال المزمن أيضا، ويعاني المصابون من سعال يحتدّ في الليل مع إحساس مزعج في الجزء الخلفي من البلعوم. ويساعد الفحص بالأشعة السينية للصدر الطبيب المعالج في التشخيص السببي للسعال المزمن، كما هو الحال بالنسبة لأمراض الشعب الهوائية، السرطان الرئوي أو الشعيبي، أورام صدرية، مرض السل، الالتهاب الرئوي أو مرض قلبي مع انتفاخ البطين اليساري. في الختام، يجب التأكيد كخلاصة على أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية للسعال المزمن، وهي الربو، الرشح الأنفي الارتجاعي، والارتداد المعدي المريئي، كما يجب مقاربة التشخيص السببي للسعال المزمن بمنهجية وتراتبية في الفحوصات الإضافية اللازمة، مع عدم الإسراف في تحقيقها والقيام بالعلاجات الاختبارية لمدة محددة في الحالات المستعصية على التشخيص السببي. الدكتور مصدق المرابط