منذ أيام قليلة، ينتصب وسط حديقة مولاي الحسن بالمدينة السفلى بالمحمدية نصب نحتي للقلاق ذي لون برتقالي محمر، علوه أربعة أمتار وعرضه 400 سنتمتر وسمكه 16 سم من دون احتساب القاعدة. العمل من إنجاز الفنان التشكيلي المصطفى غزلاني، وقد تولدت فكرته من سنوات، لكن عوائق خاصة حالت دون تنفيذها، بل إن اللقلاق هذا كاد يهاجر إلى مدينة أخرى لولا الصدفة التي جعلت تخطيط نصبه ينفلت خارج حقيبة مبدعه. في تعليله الفني للعمل، يقول غزلاني: «الطائر المهاجر طائر وفيّ بالضرورة وفي لمكانه أي للوجود، وفيّ لوقته أي للسيرورة هو اللقلاق، طائر الحوم، بلارج أو هو البلشون أو هو النحام الوردي هي طيور تضمر في هجرتها سيرة أنواء تختزل العام بين ذهاب وإياب بدقة مسبار بيئي سيرة وفاء تمتد من الزوج إلى الوكر، من المسافة إلى الوجهة. عودة زوج الطائر من قارة إلى قارة، إلى البلدة إلى عشه يرممه بصرامة الفطرة بتفاني السيرة بحب الحياة ثم يفرّخ ويدري كيف يحفظ لعشه مقام التوقير، كل الشعوب توقر اللقلاق أما رمزية اللقلاق عندي فتنامت منذ طفولتي وأنا أسمعه يسبح لله كما شرح لي السيد الوالد حين سألته عن تصفيقات الطائر العجيبة ثم نضجت رمزيته واستوت حين اطلاعي على حادث الحريق الذي التهم دارا بمدينة الرباط وعليها كانت أنثى اللقلاق تحضن صغارها، وظلت كذلك إلى أن احترقت وإياهم لا درس يكبر هذا في الوفاء، الإخلاص والتضحية أما عن الرائز النحتي فلأن هيأة الطائر تسعف بالاشتغال بأريحية فقد اخترت أن يكون في صيغة مؤسلبة أي باقتصاري على ماهو أساس في الشكل لحمل الرسالة الفنية كما أني ركبت العمل على لحظة تطعم الأم صغيرها لأقوي رمزية الرعاية والحب. تقنيا، اخترت التلحيم لبناء المجسم، كما تعمدت عرض متبقى المادة المستعملة حول العمل كأثر دال على وجود الطائر مما يمنحنا احالة قريبة إلى عش الطائر قبل وبعد الهجرة ونظرا لشساعة الفضاء الحاوي للعمل الحديقة اخترت أن يكون في علو خمسة أمتار باحتساب الأساس، أما عن اللون المختار فهو برتقالي أحمر أخذته من لون أصل منقار الطائر وكان لتقابليته مع اللون الأخضر المهيمن على الفضاء العام مبررا اضافيا»