أكدت الرباط من خلال الإعلان أول أمس الثلاثاء عن تفكيك المصالح الأمنية المغربية لخلية إرهابية جديدة، عن المسعى المتواصل لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في أن تجعل من المغرب معسكرا جديدا للتنظيم. حيث تمكن من إفشال مخطط للتسلل قامت به عناصر إرهابية، وذلك بمنطقة أمغالا التي تمكن الجيش المغربي فيها من ألحاق هزيمتين بالجيش الجزائري. ففي السابع والعشرين من يناير 1976 هجم الجيش الجزائري على أمغالا بالتراب المغربي، مما أدى إلى نشوب معركة أمغالا، حيث لم يتأخر رد القوات المسلحة الملكية التي تحركت لتطهير المنطقة نهائيا من الجنود الجزائريين، فكان أن أدى الهجوم المغربي إلى أسر 101 جزائري فيما أقرت الجزائر بأن وحداتها تعرضت للهزيمة وأقفلت عائدة إلى الجزائر. وفي ليلة 15 -14 فبراير، شن الجيش الجزائري هجوما ثانيا غادرا على أمغالا، بعد أن غادرتها وحدات القوات المسلحة الملكية عقب تعهد الرئيس الجزائري أمام رؤساء الدول العربية بأن لا يكرر غاراته على المغرب، خاصة وأن أمغالا تراب مغربي يبعد عن الحدود الجزائرية ب 300 كلم، فتم قتل 120 مغربي وأسر 25 جنديا آخر، وذلك لأن الجزائر لم تستسغ أن تتعرض لهزيمة نكراء في معركة أمغالا في يناير. وفي صبيحة 15 فبراير 1975، وصل الدعم العسكري المغربي إلى أمغالا، حيث تم سحق الجنود الجزائريين وفرار وحداتهم إلى التراب الموريتاني المجاور. فما كان من الجزائر سوى أن ألصقت التهمة بالبوليزاريو. ولتفنيد الادعاء الجزائري، استدعى المغرب الصحافة الدولية، حيث وقف الوفد الصحفي على حقائق دامغة بخصوص تورط الجيش الجزائري (ملابس الجنود الجزائريين، علب الفورماج، والأكل التابعة للجيش الجزائري، الدخيرة المتبقية التي تحمل علامة الجيش الجزائري...). تفكيك الخلية الإرهابية التي أعلن عنه بيان للداخلية يكشف أنها تتكون من27 فردا، من بينهم عضو تم إيفاده من قبل هذا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بغية «إنشاء قاعدة خلفية داخل المملكة وإعداد مخطط للقيام بعمليات ارهابية». ويتعلق الأمر بمواطن مغربي، متواجد بمعسكرات القاعدة في شمال مالي عمل على تأطير أعضاء هذه الخلية الذين كانوا «يخططون للقيام بمجموعة من الأعمال الإرهابية بواسطة أحزمة ناسفة وسيارات مفخخة تستهدف خاصة المصالح الأمنية، وكذا عمليات هجوم على بعض الوكالات البنكية من أجل الحصول على التمويل الضروري لمشاريعهم الإرهابية». وتحسبا لتحول مسعى تنظيم القاعدة إلى واقع وأيضا مساهمته في بلقنة الهدوء والسلم المغربيين، رفع المغرب من درجة التأهب واليقظة بعد أن غيرت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية اسمها إلى تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي». وبالموازاة، كشف بلاغ لوزارة الداخلية أن الشبكة الارهابية المفككة خططت لإرسال متطوعين إلى معسكرات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بالجزائر ومالي قصد الاستفادة من تداريب شبه عسكرية قبل العودة إلى المغرب من أجل تنفيذ مخططاتها التخريبية بواسطة الاسلحة التي تم العثور عليها قرب أمغالا على بعد220 كلم من مدينة العيون. ومكنت التحريات أيضا لدى «تفكيك» هذه الخلية «من العثور على ترسانة من الاسلحة مخبأة في ثلاثة مواقع قرب امغالا على بعد 220 كلم من مدينة العيون». وللإشارة فقد سبق للمصالح الأمنية المغربية أن فككت في دجنبر الماضي، شبكة متهمة بالإرهاب مكونة من خمسة مغاربة تمكنوا عبر شبكة الانترنيت من نسج عدة علاقات مع إسلاميين متطرفين من مختلف الجنسيات العربية. وأوضح مصدر أمني حينها أن أعضاء الخلية الخمسة، الذين ينشطون في مجال ما يصطلح عليه بالإرهاب عبر الشبكة العنكبوتية، كانوا يتواصلون في ما بينهم عبر المواقع الجهادية من خلال مشاركتهم في المنتديات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة. وأشارت الى إن الموقع الالكتروني الجهادي «الفلوجة» كان من بين المواقع التي كان يتردد عليها أعضاء الخلية ووفرت لهم مناخا لتمتين العلاقة في ما بينهم، إذ تمكنوا من عقد أكثر من لقاء في ما بينهم، ومكنتهم أيضا من تطوير مهاراتهم «التخريبية»، حيث أجروا أكثر من تجربة لكيفية صنع المتفجرات. وحسب التحقيقات الأولية، فإن أفراد هذه الشبكة، الذين استطاعوا كسب خبرة كبيرة في صنع المتفجرات، كانوا يخططون لتوظيف هذه الخبرة قصد القيام بأعمال تخريبية بمختلف بؤر التوتر العالمية وداخل التراب الوطني، خاصة بواسطة سيارات مفخخة تستهدف بعض المصالح الأجنبية بالمملكة، وكذا عدة منشآت وطنية حيوية ومراكز أمنية. يذكر أن المغرب قد سبق وأعلن عن تفكيك أكثر من 60 خلية إرهابية بعد سلسلة تفجيرات انتحارية هزت الدارالبيضاء سنة 2003 وخلفت 45 قتيلا من بينهم 13 انتحاريا.