رحلت عن عالمنا في الساعات الأولى من صباح أمس الاثنين بألمانيا، الباحثة السوسيولوجية والكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي عن عمر يناهز 75 سنة. فاطمة المرنيسي المزدادة سنة 1940 بفاس، درست العلوم السياسية في السوربون وحازت على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، ترعرعت في وسط عائلي واجتماعي بورجوازي محافظ، ما جعلها قريبة من ظاهرة "الحريم" التي كانت منتشرة في الاوساط البورجوازية، والتي شكلت مادتها الخام الذي اشتغلت عليه في مشروع فكري ونضالي من داخل قلعة علم الاجتماع يروم تفكيك بنيات الأنماط التقليدية لدور المرأة ومكانتها. المرنيسي المعروفة بكتاباتها المنحازة واقعيا للمرأة، وبتكسيرها للطابوهات الجنسية والدينية التي تفرض قيودا وحدودا صارمة على النساء ومجال تحركهن، اهتمت بالإسلام والمرأة وبتحليل الخطاب الاسلامي المرتبط بالمرأة وربطه بالتحولات المجتمعية، وتميزت بقدرتها على التقاط ورصد وتشخيص مكامن العطب في الذهنية العربية الذكورية المتكئة على تفسيرات ميكيافلية للدين، بناء على قراءة نقدية للتاريخ الاسلامي سواء من داخل مصادر التشريع الاسلامي الأساسية (القرآن والسنة) أو من خلال نقد الكتابات والاجتهادات الفقهية التي لعبت دورا في تكريس الوضعية الدونية للمرأة العربية. وقد تأتى لها ذلك بفضل دراستها للقرآن الكريم، وهو ما جعلها تدافع عن رؤية تنويرية وحداثية لحقوق المرأة من خلال كتاب "الحريم السياسي: النبي والنساء " الصادر في 1987، والمصادر من طرف الرقابة مثل عديد من كتبها ك "ما رواء حجاب: الجنس كهندسة اجتماعية"، و"الحجاب والنخبة الذكورية". وقد صدر للراحلة العديد من المؤلفات التي حاولت من خلالها تعرية واقع المرأة المغربية والعربية، ورصد الخطابات والثقافة والمفاهيم الخاطئة حولها نذكر منها : "الاسلام والديمقراطية "، " سلطانات منسيات" ، "ما وراء الحجاب ( الجنس كهندسة اجتماعية)"، "شهرزاد ترحل الى الغرب"، "نساء على أجنحة الحلم"، "الحريم السياسي"، "هل أنتم محصنون ضد الحريم؟"، "الخوف من الحداثة"... وسبق للراحلة فاطمة المرنيسي أن حصلت على الجائزة الإسبانية " أمير أستورياس للآداب" في أكتوبر 2003 مناصفة مع سوزان سونتاغ. كما حازت في نونبر 2004 على جائزة "إراسموس" الهولندية إلى جانب المفكر السوري صادق جلال العظم والإيراني عبد الكريم سوروش، وكان محور الجائزة "الدين والحداثة". واختيرت عام 2003 عضوا في لجنة الحكماء لحوار الحضارات التي شكلتها اللجنة الأوروبية برئاسة رومانو برودي رئيس المفوضية الاوربية سابقا الى جانب كتاب كبار مثل أمبرتو إيكو وخوان دياث نيكولاس وأحمد كمال. كما أنها اختيرت في تصنيف مجلة "أرابيان بيزنس"، لسنة 2013 المرأة المغربية الوحيدة على قائمة أقوى 100 امرأة عربية. عملت الراحلة باحثة بالمعهد الوطني للبحث العلمي بالرباط، وبكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة محمد الخامس بالرباط)، وعضوا في مجلس جامعة الأممالمتحدة. وقد سبق للملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي، في فبراير 2014 ، أن نشر ترجمة لحوار مع الراحلة والذي تضمنه كتاب «مهنة المثقف، حوارات مع 15 مفكرا من المغرب» لمؤلفيه فاضمة أيت موس وإدريس كسيكس.