الإحصائيات التي تكشف عنها " ماروك ميتري"، المؤسسة المختصة في رصد متابعات المغاربة التلفزيونية، بشكل أسبوعي، شهري ودوري .. في تقاريرها المسترسلة منذ سنوات، تبوئ، الإنتاجات الدرامية الأجنبية المرتبة الأولى، وبالأخص التركية، ضمن خريطة برامج قنواتنا التلفزيونية.. حيث ملايين المغاربة، من مختلف الأعمار و الشرائح الاجتماعية.. حريصون على مشاهدتها ومتابعة أحداثها أيما حرص، بالرغم من تفاهة معظمها ، إن لم نقل كلها، وخواء محتواها الفكري .. وهو واقع يطرح الكثير، الكثير من علامات الاستفهام .. في ظل وضع تلفزيوني مغربي مرير، حقيقة، يتم تزكية معطياته هذه الأيام .. بالمعطيات نفسها، حيث لا شيء يعلو على الدراما التركية التي تختص في بثها قناة مغربية تمسى الثانية، ذلك أن مسلسلين تركيين مدبلجين إلى اللهجة المحلية يتربعان في صدارة لائحة الأعمال الخمسة الأولى الأكثر مشاهدة، ليس فقط في القناة الثانية نفسها، بل في جميع القنوات الوطنية، إذ كرس المسلسل التركي المدبلج "سامحيني" تصدره للائحة البرامج الأكثر متابعة بخمسة ملايين و936 ألف مشاهدة، متقدما على البرنامج الاجتماعي المغربي المميز "الحبيبة مي" ، الذي سجل 5 ملايين و221 ألف مشاهدة، ثم المسلسل المغربي الأسبوعي "مقطوع من شجرة" للمخرج عبد الحي العراقي (4 ملايين و557 ألف مشاهد)، و المسلسل التركي المدبلج الآخر "ثمن الحب" في المركز الرابع (4 ملايين و28 ألف مشاهد)... الذي تقدم بدوره على برنامج تلفزيون الواقع "المغربي" " ما ستر شاف" ودائما على القناة نفسها، وهي "دوزيم"، حسب التقرير الأخير للمؤسسة الإحصائية التلفزيونية المغربية المذكورة، الذي يقول، وإن بشكل غير مباشر، إن لا مكان لبرامج قناة " الأولى" في مسودة هذه اللائحة، ذلك أن أول برنامج متصدر فيها لا يتجاوز 3 ملايين ونصف في وقت الذروة، أي أكثر ببعيد عن عشرة برامج متصدرة بالقناة الثانية.. هذا الرصد، الذي لا يتغيا أسلوب المفاضلة و التمايز .. بين القناتين.. ، و ليس هو ببيت القصيد بطبيعة الحال، يكشف عن انجراف خطير أخذت تسلكه ذائقة المشاهدة المغربية نحو دراما "لا هي منا، ولا نحن منها"، دراما لا تعكس حقيقة وضعنا، بيئتنا وثقافتنا .. إذ أن أغلب ما تتناوله هذه الدراما، أو ما يتم اختياره لنا منها بالأصح، لا شك، أن فيه بصمات سلبية سلوكية.. على الأفراد، الأسرة والمجتمع، باعتبار ما تتضمنه من حالات الخلافات الزوجية، و من تأجيج حدة الغيرة والخيانة والبحث المتواصل عن الشخص ذي المواصفات الجسدية والمادية والشكلية النموذجية ولو كان في " حرمة " الغير وهلم جرا.. كما فيها بصمات سلبية أكثر وأكبر على تطور درامانا التلفزيونية التي نريدها قوية، كما السينمائية التي بدأت تخرج من عنق الزجاجة بفضل شباب سينمائي متمكن.. ويبدو أن هذا لن يتحقق للدراما التلفزيونية في ظل إصرار على برمجة غير وطنية في وقت ذروة المشاهدة وكذا عدم الالتزام الواضح بدفتر التحملات الذي ينص على إعطاء الأولوية للأعمال الوطنية إنتاجا وبثا..