لم يكن متتبعو البطولة الوطنية يعتقدون أن المدرب رشيد الطاوسي سيغادر سفينة المغرب الفاسي عند محطة الدورة الرابعة، خاصة وأن المشروع الذي سطره رفقة مسؤولي الفريق الفاسي يمتد لسنتين، تخصص الأولى لتكوين فريق من عناصر محلية، قادمة من فرق الهواة، برهان تكوين فريق للمستقبل، قادر على المنافسة على الألقاب و البطولات. فبعد إنقاذ الفريق خلال الموسم الماضي، بعد رحيل المدرب الفرنسي فرنك دوما، تم الاستنجاد بالإطار رشيد الطاوسي، الذي كان قد غادر للتو الجيش الملكي مرغما نظرا لضعف النتائج، فحقق معه البقاء، وإنهاء الموسم في المرتبة التاسعة، بعد ما كان مهددا بالنزول. التطلع إلى المنافسة على الألقاب مباشرة بعد نهاية الموسم الماضي، وفي غمرة الفرحة بالنجاة من السقوط، اجتمع الرئيس رشيد والي علمي وبعض أعضاء مكتبه المسير بالمدرب رشيد الطاوسي، حيث تم تسطير مشروع مستقبلي، طرحت فيه الحدود المالية، التي يمكن للفريق أن يقف عندها في تعاقداته مع اللاعبين، لتعزيز الفريق من أجل لعب الأطوار الطلائعية في بطولة الموسم الجديد، مع الرهان على بلوغ نهاية كأس العرش. كما تم خلال هذا الاجتماع الاتفاق على جلب مجموعة من اللاعبين من الفرق الصغرى والعمل على تكوينهم، ليصبحوا نجوما في المستقبل. وهكذا و نظرا للإمكانيات المادية المحدودة، انتدب الماص قلب هجوم من فريق طلبة تطوان، وهو الذي سجل هدفا أمام جمعية سلا في تصفيات كأس العرش، ثم جلب لاعبين من الرشاد البرنوصي، هما زاهير و فيكري، و لاعبا من الجيش الملكي، سعد الغرباوي، وآخر من حسنية أكادير، محسن عبد المومن، بالإضافة إلى زميله أمين جمال، الحارس الثالث للحسنية. وفي مقابل ذلك، تم الاستغناء عن أنور العزيزي، قلب الهجوم الذي سجل خلال الموسم الماضي 5أهداف، والذي بات هداف الوداد الفاسي هذا الموسم، فضلا عن رحيل الحارس الشاب الواف جلال مصلح، الذي حل هو الآخر بالواف، إضافة لأنور عبد المالكي، الذي انتقل إلى شباب الحسيمة واللاعب موسمي والرحماني، وهم الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للمغرب الفاسي. البداية المبكرة من أجل تحقيق أهداف المشروع الرياضي، انطلق الفريق في تربص أول بمدينة إيفران طيلة شهر رمضان، حيث وفر المكتب المسير كل الإمكانيات المادية و المعنوية لإنجاح هذا التجمع التدريبي، الذي كلف خزينة الفريق مبلغا مهما، حيث خاض الفريق عدة مقابلات حبية، أبان فيها عن محدوديته، الأمر الذي دفع بالرئيس إلى مطالبة الطاوسي بانتداب عناصر جديدة ومجربة، لكنه رفض ذلك وآمن بمجموعته، ليرحل الفريق إلى الديار الاسبانية لخوض تجمع تدريبي، غير أن المدرب الطاوسي فضل مرافقة الرئيس في عمرة إلى الديار المقدسة، وأشرف المدرب المساعد شكيب جيار عن الفريق في هذا التربص، الذي أنهك خزينة الفريق، الذي أجرى ثلاث مقابلات حبية. وبعد العودة بأسبوع، سيرحل المدرب رشيد الطاوسي إلى مورسيا بإسبانيا، حيث قضى أسبوعا، لكنه بعد عودته سيمكن اللاعبين من عطلة، قبل أن يسطر تربصا جديدا بمدينة إيفران، ثم بمدينة مراكش. و حسب الناطق الرسمي، خالد الصنهاجي كرامي، فإن هذه التجمعات التدريبية كلفت الفريق 160مليون سنتيم، كان الممكن رصدها لجلب لاعبين متمرسين، أو تخصيصها لصرف مستحقات اللاعبين، التي مازالت في ذمة الفريق. انطلاق البطولة وتراكم المشاكل مع انطلاق الموسم الرياضي الجديد، استبشر الجميع خيرا بإمكانية تغيير الوجه الذي دأب الفريق على الظهور به في المواسم الماضية، لكن الطريقة التي لعب بها الفريق أثارت مخاوف الأنصار، حيث مني بالهزيمة بطنجة ثم اكتفى بتعادل مخيب للأمل في مواجهة الفتح وآخر مسروق أمام الكوكب المراكشي، حيث لم يخلق أي محاولة للتسجيل. والغريب أن الانتدابات التي دخل فيها الطاوسي، والتي استنزفت أكثر من 60مليون سنتيم، تراجع عنها وفسخ عقود سعد الغرباوي والصوابني ولاعب آخر استقدمه من الهواة، لترتفع خسائر الفريق، بإضافة قيمة التربصات، إلى 220 مليون سنتيم، مما أثار حفيظة الجمهور الذي احتج بشدة على تواضع أداء الفريق، ليدخل رشيد الطاوسي والجمهور في خلاف قوي، وصل حد السب والقذف، ثم تطور إلى الاشتباك بالأيادي وتبادل الاتهامات. ورغم كل ذلك دافع المكتب المسير عن المدرب الطاوسي، الذي أصبح يفتعل المشاكل على حد تعبير الناطق الرسمي، خالد الصنهاجي كرامي، من أجل التخلي عن الإدارة التقنية للمغرب الفاسي، وهي الرغبة التي تكونت لديه في ظل فشله في الانتدابات. وحسب نفس المصدر، فإن الطاوسي الذي يحلم بتدريب الرجاء أو المغرب التطواني لعب بطريقة غريبة أمام المولودية الوجدية، حتى تغييراته طرحت أكثر من علامة استفهام، فكانت الهزيمة نتيجة حتمية. وأضاف مصدرنا أن الطاوسي دخل في مشاكل مع إدارة المركب، و اتهم المكتب بعدم توفير التغذية، في الوقت الذي كان يختار فنادق 5نجوم. كل هذه العوامل وغيرها تفاعلت فيما بينها، لتعلن عن فسخ عقد الطاوسي، الذي بدوره يقول إنه حقق نتائج إيجابية، تتجلى في بلوغ ربع نهاية كأس العرش وخرج على الرجاء، كما أن التحكيم كان غير منصف للمغرب الفاسي، كما أنه في البطولة حقق تعادلين وهزيمة بالميدان، لكن المشروع حسب قوله ليس مرتبط بهزيمة واحدة. الطلاق البائن خرج الجميع مستاء من المركب الرياضي بفاس للطريقة التي انهزم بها الماص، حيث صب الجمهور غضبه على الطاوسي، كما أن الرئيس - ولشدة غضبه - تحاشى الرد على اتصالات المدرب، الأمر الذي أدخل الطرفين إلى طريق مسدود. ويوم الاثنين الماضي، وخلال اللقاء الودي، الذي جمع المغرب الفاسي بالمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة بالرباط، رفض الرئيس التحدث إلى المدرب، وكلف شقيقه بإبلاغ المدرب الطاوسي بقرار عدم الجلوس بدكة الاحتياط، فكانت الخطوة الرسمية الأولى في طريق فك الارتباط. البحث عن البديل في مكتبه بمدينة الدارالبيضاء، اجتمع الرئيس والي علمي بالمدرب الطاوسي، الذي كان مستعدا للانفصال، وهو ما تم بشكل سريع، وتم الاتفاق على حصول الطاوسي على راتب شهرين و 12 يوما، وفوض الرئيس للمدرب المساعد شكيب جيار أمر تدريب الفريق، في انتظار البحث عن مدرب بديل، سيما وأن البطولة ستتوقف لثلاثة أسابيع، وهي فترة كافية لاختبيار الربان الجديد.