محمد بصطاوي... محمد خيي... محمد الشوبي... ماجدولين الإدريسي... بشير واكين... رفيق بوبكر... أمال عيوش... يونس مكري ... عزيز الحطاب... أمال السّتة... وجيهان كمال... هذه هي حلقة الممثلين غير المفقودين... حلقةٌ تعلّمت أساليب التضحية ونكران الذات مع المايسترو كمال كمال... المستحيل ليس هو كمال. فالرجل يقَدِّر لرِجْلِه قبل الخطوِ موضِعها، وحين يستيقظ أحياناً داخل الظلام الدّامس، فهو لا يَلعَنُ الظلام، بل يُشعِل الشموع... تُخبِرك الحلقة بأنها تحتمل الفن نعيماً وعذاباً... نعيماً وعذاباً من أجل الوصول إلى تكوين سمفونيةٍ مغربية نادرة. كمال كمال، ولو أنّه يعرف أن البحرَ عميق جداً، لأَبْحَر... كمال كمال... فنان لا يذوب فيه الإنسان... وإنسان لا يذوب فيه الفنان... والإنسان والفنانُ سيّان... كمال كمال مُثقف في زي فنان... وفنانٌ في زيّ مثقف... ولا إبداع سينمائي بدون مرجعية ثقافية! حين يداهمُه الحزن، يبحث عن بَهجة في كتاب... أو عن موسيقى في طريق، وينظر إلى الناس، مهما كانت ذنوبُهم وسيئاتُهم بعين الشفقة والرحمة.. لأنه يُدرك أن عواملَ موضوعية حالت دون رؤيَتِهم... دون تحديدهم الصحيح... فهل يلومُهم؟... بَلى... كمال يحب الجميع، ويكره الحِقد والحاقدين. فهو رجل متسامح... صبور... حالِم... سخي... ودود... وجميل في تواضعه... نعم، لو لم يكن كمال كمال فناناً... لكان فناناً... كمال صديق عزيز... لكن الحقيقة أعزّ... والحقيقة هي أن الرجل مسلّح بالإيمان... بالطموح... بالذاتية... بالموضوعية... بأدنى الشروط الموضوعية للحياة الإنسانية الكريمة. الرجل كبير في تواضعه... في تعاطفه مع الآخرين... نزيه في طموحه... صادق مع مشاعره وأحاسيسه... رجل يحب المقاومة والمواجهة والمجابهة والتحدّي... وعلاشان الشوك اللّي في الورد... يُحِبُّ الورد... كمال كمال... يخيّل إليكَ دائماً بأنّه على أُهْبَةِ سفر... يرحل في الزمان وهو مستقِرٌ في المكان... مع صاحِبنا كمال... الموسيقى جزء لا يتجزأ من الإبداع السينمائي... ماذا أقول؟ فهو لا يتحدث عن الفن السابع... بل عن الفنون السّبعة التي تتدخل في الشريط بالدّقة والتركيز... بالقِياس والمقاس... قدّم الرّجل في خانة السينما لمسات فنية أخّاذة بالمسامع والرؤى... إبداعاته تفرِض تعدُّدَ القراءات والتأويلات... فهو يُدرِك جسامةَ المسؤولية وخطورَتَها... ويخوض في لهيب الصورة في مواجهة داء فُقدان المعنى... كمال متعدد المواهب، اجتمع فيه ما تفَرَّق في غيره. ليس أنانياً ولا مغروراً... بل معتزاً بالنّفس غيرِ الأمّارةِ بالسوء... أتريدون اعترافاً؟ إن الرجل يُشكل حالةَ استثنائية في حقل الإبداع الفني ببلادنا... في السينما مُبدع... في التلفزيون مبدع، في الموسيقى مبدع... في قراءةِ أمّهات الكتب مبدع... في مناقَشِتها مبدع... في جلساتِهِ مُبدع... ولا يمكن أن يكون، والحالة هذه، إلاّ مبدعاً في الحياة... كمال كمال بيت شعري جميل في قصيدة شعرية بالوزن والقافية من البحر الكامل. كمال ذو إحساس مرهف... كمال ذو حدس للمواهب... أليس كمال هو من أنتج أوّلَ شريط قصير لشابٍ في بداياته إسمه محمد مفتكر، الذي سلك طريقاً في البال أغنية؟ هنا والآن، حين يقترح عليه التلفزيون الدخول إلى مهازل الأعمال الرمضانية يرفض... كما رفض ذات يوم الهجرة من الوطن مستنداً إلى ما قاله الشاعر: لستُ جديراً ببلادٍ يكون المرورُ إليها جوازَ سفر أنا جديرٌ ببلادٍ جوازاتُها أن تُحبّ القَمر شهادة الإعلامي حسن نرايس في حفل اختتام مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة أثناء تكريم المخرج السينمائي المقتدر كمال كمال.