على نقيض البدايات الفياضة، تتسم مرحلة النضج بحس تجريبي يحد من الاندفاعية والثقة الزائدة في النفس، كما ينفرج الوعي بالحياة التي تتخذ فلسفتها الخاصة: "أنا لا أحسب العمر بالسنوات ولا أقيس الكسب بما أُنجزه وإنما ببعض اللحظات التي تومض ومضا خاصا يرج كياننا، ويُطَوِّح بنا خارج المألوف، حافرا حب الحياة في السويداء.هي لحظات لا تتكرر كثيرا" (20). بهذه النظرة التي تحدد معنى الكينونة يستفيق الشرط الوجودي: "عندما نظن أننا نعيش نكون موتى، ونبدأ نحيا عندما نكون على شفا الانطفاء. أنا وأنتِ (العيشوني مخاطبا فاطمة) في أعمار مختلفة، لكن يخيل إلي أن أسئلة الموت والحياة تجمعنا"(21). إنها التصورات المنبنية على مرجعية معرفية تثير استذكار ما قرأه البطل عند دوستويفسكي "عن لحظات التناغم الخالد التي ليست أرضية ولا سماوية إلا أن الإنسان بمظهره الأرضي يكون عاجزا عن تحملها فيجد نفسه مضطرا لأن يتحول فيزيقيا أو يموت. كم مرة نموت في هذه الدنيا؟" (22). إن مسألة الموت التي تبدو مضمرة سرعان ما تنتصب بين شبقية الحب والتصوير كسؤال جوهري يجسد ذروة القلق عند البطل المسكون بالجدل الوجودي الذي يؤسس من خلاله قوانين حياته الشخصية الموَجَّهة بذاتية مفرطة، مطبوعة بديمومة القلق التي لا تنعكس إلا على الذات القلقة نفسها، مما يدفعنا لاستحضار بروفايلات أبطال روائيين مرموقين يضعهم سارتر في عداد الوجوديين كدوستويفسكي وتشيكوف وفوكنر، إذ "يتميز أبطالهم بالقلق أكثر من الالتزام. وهذا القلق في أبطالهم أو هذه التباريح، أو ما يدعوه دوستويفسكي في "الإخوة كارامازوف" "ضربات السياط"، أمر شخصي، فردي، داخلي، ينتهي إلى فعل عنيف يؤثر أو لا يؤثر في الآخرين" (23). من جهة أخرى، تثير الرواية علاقة الحب بالفضاء، من خلال انتحال فاطمة شخصية الآنسة بونون بطلة رواية "آحاد الآنسة بونون" Les dimanches de mademoiselle Beaunon لجاك لوران، حيث تُداوِم زيارة متحف اللوفر بحثا عن الحب. في هذا المسعى، تقف أمام تماثيل أوجيست رودان (1840-1917) العارية، وخاصة منحوتة "القبلة" التي تساعدها على رفع الحرج وخلق حوار حول العُري مع أي رجل. لذلك تبقى صالات العرض والمتاحف (وضمنها الأعمال الفنية) فضاءات للتواصل المرن وتيسير ربط العلاقات الإنسانية، باعتبار "المتاحف هي أصلح مجال لتلاقي وتدبير المغامرة براحة بال، ففيها لا نكون مستعجلين بل نتحاذى ونظل متحركين نبادل جارا بآخر، خلافا لما هو عليه الأمر في قاعة السينما أو المسرح، في المتحف نوجه نظرتنا سوية إلى نفس التماثيل والمنحوتات، فنحس بانطباعات تتجارى إلى شفاهنا، ونتطلع إلى وجوه تجاورنا فتتقاطع النظرات تلقائيا ثم تغيب لتعود فنلتقيها عند تمثال آخر، ويتولد لدينا الوهم بأننا نعرف بعضنا البعض. على هذا النحو كانت الآنسة بونون تستطيع أن تميز بين أنماط الرجال الذين يزورون المتحف فرادى وأن تختار على مهل، من سيكون هدف هجومها" (24). إذا كان حديث فاطمة مصبوغا بلغة فنية تقارب الوصف والتعليق على قِطَع رودان النحتية، فإن أحاديث العيشوني تظل موصوفة بلغة العارف بالفن وبتفاصيله المفاهيمية والتقنية. ففي منحه البطولة الرئيسة لفنان تشكيلي ذي مزاج ولغة خاصَّيْن، حقق الروائي محمد برادة خصوصية "الضوء الهارب"، استنادا إلى معارفه الفنية المترجَمَة عبر اعتماد الثقافة البصرية واللغة المستمدة من قواعد النقد الفني الذي ظل مهتما به وقريبا منه منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث كتب العديد من النصوص التقديمية والنقدية حول أعمال عدد من التشكيليين المغاربة (25). وهو الاهتمام الذي قاده إلى ترجمة كتاب "مرسم ألبرتو جياكوميتي" لجون جينيه، وقد اختار له (من النص ذاته) عنوانة:"الجرح السري" (26). علاوة على ذلك، تَغْرِف معارفه الفنية من زيارة المحترفات والمعارض والمتاحف العالمية، ومن احتكاكه وصداقاته بالفنانين. في سيْر متابعاته تلك، ورد في الرواية حديث (قراءة) عن أعمال أحد التشكيليين المغاربة دون ذكر اسمه؛ جاء على لسان العيشوني: "صديق رسام ظل يرسم لفترة طويلة هياكل مفرغة في شكل جلابيب تنتصب دون أجسام بشرية، والقُبّ المثلث ذو الخطوط الأسطوانية يوحي بالانتفاخ واللاحدود (كسدة بدون روح كما نقول). ظللت أمدا أقرأ تلك الرسومات من خلال إيحاءاتها قبل أن أبدأ في النظر إليها مكتفيا بها. لكنني كنت دائما أستشعر أن هناك أشكالا أخرى يمكن أن تضاف إلى تلك الجلابيب المفرغة المتحركة بآلياتها الخاصة" (27). تعود هذه الهياكل المفرغة إلى الفنان بغداد بنعاس (28) الذي عُرِف برمزيته التشخيصية باعتماد تنقيطية دقيقة مونوكرومية (أسود على أبيض) في سبعينيات القرن الماضي، وبصداقته مع الفنان فؤاد بلامين زمَنَئِذ. لعله تكريم رمزي لهذا الفنان الذي غاب عن الساحة المحلية. مع التذكير بتحية خاصة بالفنان خليل غريب من خلال غلاف الطبعة الأولى. فيما وردت الإشارة إلى عدم وجود متحف وطني للفن المعاصر (على لسان فاطمة) (29). ذلك ما يجرنا للقول بأن زمن كتابة الرواية ينحدر إلى تاريخ هذا الاهتمام بالفن والوعي بفاعليته الأدبية. هذا الولع الجمالي الخاضع لدربة الكتابة، مكَّن الروائي من تطويع الخطاب البصري، باستثمار معجم فني ثرّ، بحيث نجد اللون يفيد التعيين والتحديد مثلما يفيد التوصيف والاستعارة (الهواجس السوداء والرمادية، الاستنجاد بحمرة الخجل، مجاملات رمادية، الأحلام الأرجوانية...). كما تم توظيف توليفات لغوية تمس الخط Ligne والشكل Forme (ثنائي الأبعاد) والحجم Volume (ثلاثي الأبعاد)، كي تقوم مقام الرسم والتجسيم لتأكيد الإيحاءات المرئية الموازية لعناصر التشكيل (اهتزازات ردفي وعجيزتي اللولبية، غيلانة الشقراء المدورة الوجه الممتلئة الصدر، الدحماني بقامته المربعة، كتلة بشرية، تداخل دائري، وجهها الأسمر الطويل، وجوه عريضة، جسوماتها شبه المستطيلة الواسعة، يرسمون حركات دائرية بأيديهم، بيوت فسيفسائية الأشكال...). فضلا عن هذا الأسلوب السردي التصويري (pictural)، يتضاعف شحذ البعد البصري بإدماج القارئ في أجواء الفن عبر عناوين اللوحات والقطع النحتية وأعلام الفن الغربي وتياراته (رامبرانت، كليمت، سيزان، براك، مونيه، كلي، ماتيس، بيكاسو، ديغا، جياكوميتي، دى بوفيه، رودان، هوكيزاي...)، والفضاءات الفنية (صالون مادام شانطال، معرض فيينا عاصمة الحداثة، متحف اللوفر، حديقة الليكسمبورغ...)، مع استحضار الفن المعماري باعتباره من مكونات الفنون التشكيلية، إضافة إلى مجالات إبداعية أخرى كالموسيقى والسينما والأدب والفلسفة. هذا الإبحار التصويري هو ما جعل الرواية تتجاوز فنِّيتها الروائية، لتساهم بدورها في نشر الثقافة الفنية التي تحتل فيها المعارف التشكيلية مركز الصدارة. لتكثيف الجدوى في هذا المنحى، ألا يمكن تصور طبعة إيكونوغرافية (مرفوقة بصور الأعمال الواردة في النص، نماذج من أعمال الفنانين المذكورين، صور الفضاءات الفنية...)،ليس كصور وثائقية داعمة فقط، بل كنصوص أيقونية تفرض سياقها التكاملي مع النص الروائي؟ في هذه الرواية المائزة، يشكل الجسد سندا للحب والتصوير ضمن منظومة حِسِّية تمزج بين الجنسي والإبداعي (الجسد الموديل)، عبر تقعيد مُتخَيَّل لفلسفة مسار وحياة موَجَّهَيْن بنفسية البطل الفنان الذي برع الروائي محمد برادة في فسخ وتفكيك تشابك مشاعره وتصوراته وهواجسه وآماله وآلامه وإخفاقاته (في أجواء مغرب ما بعد الاستقلال). ذلك عبر إغناء وتوسيع الحوارات الكاشفة وتصعيدها أملا في القبض على سر الوجود المنفلت على الدوام،كما الضوء المنفلت بحكم مادته النورانية الجديرة بتثبيت ( fixation ) صورة العالم وحرقها أيضا: بقدر ما يكشف الضوء نصاعة اللون، بقدر ما يقتات من هذه النصاعة لتصبح باهتة، منطفِئة، فمُعْدَمَة، إلى حد المحو التام. ضمن سياق حديثه عن الرواية باعتبارها أفقا لتعدد الشكل والخطاب، أكد محمد برادة (1993) على أن "هذا التنوع المفرط داخل الجنس "الواحد" يسم الرواية بحرية الشكل ويؤمن لها التجدد" (30). "الضوء الهارب" (1993) تمثل التجاوب والتفاعل الأمْثَليْن مع هذا الطرح النقدي. من ثمة، فإن قوة هذا العمل الروائي تُعَدُّ نتيجة لكتابة إبداعية بأياد متعددة. كتابة موصوفة ببلاغة تصويرية يتواشج فيها الخيالي والفني والثقافي عبر إيقاع تعبيري مُدَوْزَن بمهارة الروائي ورؤية الناقد الأدبي والفني. هوامش * يتعلق الأمر في الأصل بالمداخلة التي ساهمت بها في ندوة: "تجليات الحب في الرواية العربية والمغربية"، جمعية الباحثين الشباب في اللغة والآداب بكلية آداب مكناس والمديرية الجهوية للثقافة مكناس- تافيلالت، دار الثقافة محمد المنوني، مكناس، 10-11-12 ماي 2012 - سبق أن قدمت عرضا تحت عنوان: "الثقافة الفنية من خلال الضوء الهارب لمحمد برادة" (باعتماد وثائق مصورة ذات صلة)، ندوة: "الأدبي والبصري- قراءات في الأدب المغربي المعاصر"، جمعية الباحثين الشباب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة مولاي إسماعيل، مكناس، 24 يناير 1997. 1. محمد برادة، "الرواية أفقا للشكل والخطاب المتعدِّدَيْن"، مجلة فصول، المجلد 11، ع4، شتاء 1993، ص11 2. في هذا السياق نشير أيضا إلى رواية (مدينة الفنانين) مكتوبة بالفرنسية لعزام مدكور (فنان تشكيلي وكاتب): Azzam Madkour , La cit? des artistes, Imprimerie Omnia, Rabat, 2001 - 3. محمد برادة، الضوء الهارب، نشر الفنك، البيضاء، ط1، 1993، ص20 4. Ibid، ص 61 5. Ibid، ص 58 6. Ibid، ص 55 7. Ibid، ص 58 8. Ibid، ص 47 9. Ibid، ص 49 10. Ibid ، ص 42 11. Ibid ، ص 55 12. Ibid ، ص 57 13. Ibid ، ص 47 14. عبد الله كرمون، "تحقيق الذات عن طريق الآخر"، مجلة الدوحة، وزارة الثقافة والفنون والتراث، الدوحة- قطر، ع52، فبراير 2012، ص 81 15. عبد الحليم محمود السيد، الإبداع والشخصية- دراسة سيكولوجية، منشورات جماعة علم النفس التكاملي، دار المعارف، القاهرة، 1971، ص 40 16. Ibid ، ص 234 17. محمد برادة، الضوء الهارب، Op-cit، ص 17 18. Ibid ، ص 82 19. Ibid ، ص 69 - 70 20. Ibid ، ص 68 21. Ibid ، ص 51 22. Ibid، ص 32 23. جبرا إبراهيم جبرا، الحرية والطوفان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط 3، 1983، ص 18 24. محمد برادة، الضوء الهارب، Op-cit، ص 133 25. من بين كتاباته حول التشكيل في السبعينيات أنظر: نصه على شكل مراسلة لمحمد القاسمي (خاص بتقديم معرض في الأصل، مُوَقَّع في 1975)، وحواره مع الفنان ميلود الأبيض (مرحلة الجنس، مُوقَّع في 1974)، مجلة الفنون (المغربية)، وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية، عدد 1/2 مزدوج، السنة الثالثة، أبريل- يوليوز 1976، ص 116 - ص 142 26. جون جينيه، الجرح السري- مرسم ألبرتو جياكوميتي، سلسلة المشروع القومي للترجمة و المجلس الأعلى للثقافة بمصر، 625، 2005 - كتب جون جينيه "مرسم ألبرتو جياكوميتي" العام 1957 ونُشر في مجلة ? Derri?re le miroir ? ، ثم صدر على شكل كتاب مصور لأول مرة في 1963: - Jean Jenet, L?Atelier d?Alberto Giacometti, Photographies d?Ernest Scheidegger, Editeur : M . Barbezat, 1963 - الكتاب عبارة عن حوارية مطولة حول مفاهيم الفن والأدب والجمال والخيال، وهو نتاج لفترة قضاها جينيه في مرسم صديقه النحات ألبرتو جياكوميتي (1901- 1966 ) (...) يصف جينيه تماثيل النساء في مرسم صديقه الفنان بأن ظهورهن أكثر من وجوههن، فقد صيغ الظهر أكثر مما صيغ به الوجه، ثم إنها تماثيل تظل مورقة وثابتة في وقفتها، وكأنها تسير بجوار ميت، على حد تعبيره. وبإيقاع الومضات السريعة، يصف مرسم صديقه على هذا النحو: "طاولة الرسم على زجاجات البنزين القديمة، الغرفة مزدانة ببلاط أحمر، سرير يأخذ حيزا من الغرفة، هذه الغرفة هي حياته ومرسمه". نقلا عن عبد النبي فرج، "جان جينيه: الجمال جرح متفرد داخل كل إنسان"، الشرق الأوسط، ع 9857، 23 نونبر 2005 27. محمد برادة، الضوء الهارب، Op-cit، ص 35 28. بغداد بنعاس، ولد في 1951 بزغنغان منطقة الريف، حائز على دبلوم التقني المغربي تخصص: إشهار، أستاذ الفنون التطبيقية، عضو الجمعية المغربية للفنون التشكيلية 29. محمد برادة، الضوء الهارب، Op-cit، ص 138 30. محمد برادة، "الرواية أفقا للشكل والخطاب المتعدِّديْن"، Op-cit، ص 11 3 أسئلة للكاتبة حبيبة الزوغي: أعشق الكتاب لأنني مدمنة على رائحة الورق تبدع الشعر زجلا وبلغة موليير. كما تستريح على ضفاف الترجمة. آخر ما صدر لها ديوان زجلي بعنوان «عزري الدوار». مراقبة بنوارس مدينة الجديدة، تجيب المبدعة حبيبة الزوگي على 3 اسئلة وجهها لها الملحق بمناسبة الدخول الثقافي المفترض. (المحرر الثقافي) - ما مشاريعك للموسم الثقافي الجديد؟ أشتغل الآن على ديوان زجل بتيمة جديدة، الكتابة فعل لا ينصاع لرغبتنا أو للمواعيد . أكتب خلال عطلتي السنوية وخلال نهاية الأسبوع. حينما تراودني بعض النصوص عن نفسي و حينما تلح لترى النور يكون ذلك على حساب راحتي.فهناك نصوص كالحمى لا تأتي إلا ليلا تؤنس خلوتنا و تأجج الأحاسيس كما أنها تعيد طرح الأسئلة الحارقة و الموجعة . - لماذا يصر الكتاب المغاربة على النشر رغم أزمة القراءة وانحسارها؟ لكل كاتب قراء و لو أن بعضهم يعولون في غالب الأحيان على كرم الكاتب. الإصرار على النشر كالإصرار على حب الحياة و التشبثبها . ما فائدة الكتابة إن لم يكن هناك قراء يشاركون الكاتب هواجسه، أحلامه و رغبته في خلق شخوص من ورق. القراءة تساهم في تطور الشعوب حيث أن كتابا قيما قد يكون له الفضل في تغيير مسار شخص آخر. إصرار الكاتب قد يكون في البدايات، أما حينما يجد نفسه منعزلا في جزيرة فقد يصاب بالاستياء و لا يعير بعدها ما يكتبه أية أهمية. الكتاب بلا قارئ لا وجود له . القراءة تهب النصوص الحياة و الخلود أحيانا .لأننا ما زلنا ألف ليلة و ليلة فهي حاضرة ما تزال بيننا. ولأننا نقرأ جبران خليل جبران و ملارميه و بودلير و غيرهم كثير فهم أحياء. - هل النشر الإلكتروني بديل لأزمة القراءة والنشر الورقي في المغرب؟ النشر الإلكتروني ليس بديلا لأزمة القراءة، الذي يعشق الكتاب و القراءة سيبحث عن أخر الإصدارات .شخصيا أعشق الكتاب لأنني مدمنة على رائحة الورق، أحب ملامسة الكتاب و كتابة الهوامش. بالقراءة نطلع على ما جد في عالم النشر ، كما يزرع فينا النبش في ذاكرة الشعوب.