في إطار تحليل إستتيقي للشريط السينمائي الطويل "إطار الليل" للمخرجة المغربية العراقية تالا حديد، يمكن القول إن هذا الفيلم هو عبارة عن قصة شخص في رحلة بحث عن أخ غائب مفقود ذهب للجهاد في العراق يُضطَرُّ للتخلي عن خطيبته الأجنبية و حكاية طفلة مُختطَفَة تنجح في الهروب من مختطفيها من أجل تحقيق حريتها. و الأربعة تتقاطع مصائرهم في عالم يعمُّه الرعب. ما غاب في جلِّ الأفلام تَوفَّرَ في فيلم "إطار الليل" الفائز بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، فالمُشاهد المتذوِّق يشعُرُ بوجود سرد سينمائي و بحضور لغة سينمائية. ثمة في الفيلم قليلٌ من الكلام و كثير من الصور الموظَّفة بشكل فني. كما يشعُرُ المتفرِّجُ بعمْقٍ سيكولوجي لشخصيات الفيلم من خلال حركة الكاميرا التي تحومُ حوْلهم و تُفشي ما يخبِّئون من أسرار و ما يستترون عليه من معاناة داخلية. ثم إن فيلم "إطار الليل" وُفِّقَ في إظهار هؤلاء الشخوص ضائعين تائهين باحثين عن خلاص لا يجدونه. إن البحث هو السمة الغالبة على البنية السردية. إنها مصائر متوازية لشخصيات تائهة: الطفلة التائهة و البطل التائه و الباحث عن أخيه المفقود مجهول المصير و أخيرا البطلة التائهة. إن لقطات الفيلم هائلة و بنيتُهُ السردية رائعة لأنها ترصُدُ مصائرَ متقاطعة لشخصياتٍ تائهةٍ. و يتجاوَرُ في الفيلم الرائعُ و المُريعُ و تكفي الإشارة إلى المنظر المُريع لمُسْتَوْدَعِ الأموات الذي يدلُّ تلميحا على المصير المحتوم للأخ المبحوث عنه و الذي ذهب للجهاد في العراق. هذه اللقطة وحدها كافية للدلالة على رعب و فظاعة الحرب الجارية في العراق و خاصة جثة الميِّت المُسجَّاة في كفنٍ أبيض. إنَّ أبلغ لقطة في الفيلم هي اللقطة الأخيرة التي تجتاحُ مِسَاحَتَها نساءٌ يَرْتَدِينَ "البُرقُع" الأسود و اللاّئي يكتسِحْنَ بياض الإطار فيُحوِّلْنَهُ إلى سواد. فهذه اللقطة تومئ تلميحا لا تصريحاً و بكيفية فنِّية رائعة إلى النهاية المحتومة لِعَالَمٍ يجتاحُه التطرُّف و يُرْخي عليه العنفُ بظلاله أستاذ الفلسفة و الجماليات