دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا            تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    هجوم ماغديبورغ.. الشرطة الألمانية تُعلن توجيه تهم ثقيلة للمشتبه به    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين تسقى المزروعات الفلاحية بالمياه العادمة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 15 - 09 - 2015

تفاقمت في الآونة الاخيرة، ظاهرة سقي المزروعات بمياه الصرف الصحي و أضحت أمراً خطيراً ومقلقاً لما لهذه الظاهرة من تأثير سلبي ليس على صحة الإنسان فحسب، بل يمتد ذلك الى الحيوان وباقي الكائنات الحية، كما تساهم فيً تلويث التربة والغطاء النباتي وتحويل المنطقة إلى بؤرة من الأمراض الصحية .
تتميز منطقة دكالة عامة و سيدي بنور خاصة، بوفرة الأراضي التي يتم استغلالها في زرع مجموعة متنوعة من الخضر و الحبوب و القطاني و الفواكه الموسمية، كما يعد اقليم سيدي بنور منطقة مهمة لزراعة الشمندري، و هي بذلك تحتاج الى كمية هائلة من المياه قصد سقي المنتوجات الفلاحية ، الأمر الذي يدفع بالفلاحين الى حفر الآبار باعتماد آليات و تقنيات حديثة أو السقي انطلاقا من قنوات الري التابعة للمراكز الفلاحية، و هناك فئة من الفلاحين التي اختارت سقي مزروعاتها بالمياه العادمة دون أن يكلفها ذلك أعباء مادية و لو على حساب صحة و سلامة المواطنين، مستعينة في ذلك بمحركات ذات قوة مرتفعة لجلب المياه من مجاري الصرف الصحي و لمسافات طويلة ، طمعا في تحقيق ربح سريع ، و هي الحالة التي رصدتها جريدة الاتحاد الاشتراكي بسيدي بنور في جولة استطلاعية لنقل صورة أكثر وضوحاً عن حجم هذا التلوث البيئي ومخاطرة و الإجراءات المتخذة قصد الحد من هذه الظاهرة، في لقاءات مع بعض المختصين والمسؤولين والفلاحين والمواطنين....
أخطار على امتداد أزيد من عشرين كيلومترا
يشد انتباهك و أنت على مشارف الدخول الى مدينة سيدي بنور من جهتها الشمالية و على مسافة طويلة، ذاك العدد الكبير لمحركات ضخ المياه الثابت منها و المتحرك و كذا الانتشار المهول للأنابيب البلاستيكية المتفاوتة الطول و الحجم على امتداد الوادي الحار لما يزيد عن 20 كلم انطلاقا من مدينة سيدي بنور في اتجاه اقليم الجديدة ، ضجيج المحركات لا ينقطع و يزداد قوة بالليل عن النهار ما يؤكد شساعة المساحة المزروعة و الاعتماد الكبير في سقي المزروعات بالمياه العادمة .
سعيد ابن المنطقة ، أكد لنا أن الزراعة هي الحرفة الأساسية التي يعتمد عليها سكان القرى المحاذية لسيدي بنور التابعة ترابيا لجماعتي بوحمام و المشرك القرويتين ، لكن قلة المياه والتكلفة العالية لاستعمالها و ما أصبحت تتطلبه عملية حفر الآبار من إجراءات إدارية و مصاريف مادية، دفعت الكثير من المزارعين إلى وضع أنابيب في مجرى المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، باتجاه أراضيهم المزروعة، مستعينين في ذلك بمحركات لضخ المياه تختلف قوتها من محرك لآخر ، بحيث هناك من يعمل بالبنزين و نوع آخر بغاز البوطان ، و يضيف سعيد قائلا : « فعلى طول مجرى الوادي المتعفن، انتشرت محركات ضخ المياه وأنابيب مخبأة أسفل محيط الوادي، لجلب المياه وسقي عشرات الهكتارات من حقول الذرة والفول و الشمندر و العشب... «
الاعتماد على مياه الصرف الصحي، التي تنطلق من مدينة سيدي بنور دون معالجة، والتي تتكون من مياه النفايات المنزلية، والمياه العادمة التي تخلفها عددٌ من المحلات و الوحدة الصناعية في مدينة سيدي بنور ، والتي تسير بعد ذلك باتجاه زاوية سيدي اسماعيل ، لتختلط بالأوحال و المياه الفائضة عن السقي ثم تواصل سيرها بعد اختلاطها بواد مكشوف بعمق يناهز المترين تقريبا عن سطح الأراضي المزروعة لتكمل طريقها باتجاه أراض تخضع ترابيا لإقليم الجديدة ، مشكلة بذلك واديا من الملوثات و معضلة حقيقية ناتجة عن استخدام مياه الصرف الصحي، وذلك في إنتاج خضار تؤثر على صحة الإنسان، والتي من الممكن أن تظهر آثارها السلبية على المدى البعيد، إن استمر الوضع على ما هو عليه الآن و تزداد آثارها السلبية حدة في فصل الشتاء، نظرا لمساهمة مياه الأمطار في نقل الملوثات عبر مسافات واسعة من خلال واد المياه العادمة ،
تميزت بعض الدواوير لسنين طويلة خلت، بمرور واد ، هو عبارة عن مجرى لمياه الصرف الصحي غير المعالج بجوارها ليشكل بذلك محطة لنشر الأضرار الصحية والفضلات السائلة كما أن اثر مياه الصرف الصحي غير المعالجة التي تنساب في الوادي، لم يقتصر ضررها فقط على قطاع الزراعة والصحة، بل تعداه ليطال الجوانب البيئية في المنطقة ، وذلك من خلال المكونات التي تحتويها تلك المياه العادمة المركبة من مقذوفات الوحدة الصناعية لمعمل السكر و النفايات المنزلية ما يؤدي إلى تسمم التربة بالإضافة إلى تحويل المنطقة إلى مستنقع للحشرات والقوارض، ناهيك عن انتشار الأمراض الجلدية في المنطقة ، كما أن الفرشة المائية للمنطقة تظل مهددة أيضاً بفعل الملوثات والروائح القذرة .
تهديد للصحة العامة!
السيد محمد أستاذ علوم الحياة و الارض، أكد أن هذه الظاهرة تهدد السلامة العامة على مستوى الساكنة ككل لما لها من انعكاسات سلبية على نواحي الحياة المختلفة سواء الصحية أو البيئية منها، لذلك بات على الجهات المختصة التدخل لمنع و معاقبة كل من يتم ضبطه وهو يقوم باستخدام مياه الصرف الصحي في عملية سقي المزروعات. وأشار إلى العديد من المخاطر والأضرار التي يسببها استخدام مياه الصرف الصحي في السقي على أنها سبب مباشر في تفاقم المشاكل الصحية وانتشار العديد من الأمراض والأوبئة كالأمراض الجلدية والبكتيرية المنقولة عبر الخضار أو المحاصيل البقولية أو ذات الأوراق التي تلامس التربة مباشرة أو تلامس مياه الصرف الصحي أثناء السقي، إذ أن النبتة تتلوث بأنواع من الطفيليات التي تكون عالقة بالمياه العادمة وهذا يكون سبباً في الانتقال المباشر للبكتيريا إلى هذه المحاصيل ثم إلى الإنسان، ناهيك عن الأضرار والمخاطر التي تسببها على التربة والبيئة الزراعية وعلى الآبار والمياه الجوفية ، مضيفا أن هذه المياه غير صالحة لأي استعمال بأي كيفية وبأي شكل ، موضحا أن الدراسات العلمية أظهرت أنها ( المياه العادمة ) غير صالحة لسقي الخضار بسبب مخاطرها المؤكدة، فالخضار تكون عادة ملامسة للتربة كالخص والقزبر و النعناع و الفول والطماطم و الخيار و غيرها ،وهذه الخضروات يتناولها الإنسان مباشرة ولا تخضع للطهي وبالتالي تكون مخاطرها أكبر.
من جهة أخرى، أفادت مصادر طبية بأن استعمال المياه العادمة في سقي المزروعات و الأعلاف النباتية للبهائم له عواقب وخيمة على صحة وسلامة المواطنين، ويتسبب في نقل أنواع خطيرة من البكتيريا والجراثيم، خصوصا عند سقي المنتوجات مثل النعناع والبقدونس والخص ... وتكمن هذه الخطورة في أن تسرب المياه العادمة إلى المنتوجات الغذائية يتسبب في إمكانية تعرض الإنسان لتسمم غذائي، خصوصا عند استهلاك المنتجات غير المطهية، مثل المستعملة في السلطات، لاحتواء مياه الصرف الصحي على مواد كيماوية سامة ومعادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق، مؤكدة أن تأثيراتها تظهر حتما على المدى المتوسط والبعيد.
و أجمع الكل على أن السقي بمياه الواد الحار يشكل خطرا على البيئة و على صحة الانسان و الحيوان و يؤدي الى أمراض خطيرة تفتك بهما ، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الدور المنوط بالجهات المعنية و على رأسها السلطات المحلية و الوزارة المكلفة بالبيئة و جمعيات حماية المستهلك و غيرها للحد من هذه الظاهرة لأجل حماية صحة و سلامة المواطنين؟
المسؤولون بالمنطقة من سلطات و منتخبين و مجتمع مدني و مكلفين بالبيئة ... مؤتمنون على صحة الناس وسلامتهم ولكن ما يدمي القلب و يحز في النفس هو أن تكون صحة المواطنين في هذه الدواوير أمراً استثنائياً لا يلتفت إليه إلا عند حلول الأمراض وانتشار العاهات ، وهذه حقيقة لا ينكرها أحد لاسيما من يدخل إلى المدينة من اتجاه الشمال حيث يظهر لك الوادي الحار وقد أثثت جنباته محركات و أنابيب بلاستيكية لسقي المزروعات بمياهه العفنة ،مستغلين غياب إجراءات الضبط مما أدى الى عدم السيطرة على هذه المشكلة بالرغم من مرور بعض المسؤولين المعنيين صباح مساء عبر تلك الطريق المجاورة للوادي الحار.
غياب الإحساس بالمسِؤولية
انتقلنا الى مقر قيادة بوحمام و نحن نحمل مجموعة من الاسئلة من قبيل الاسباب المؤدية لانتشار الظاهرة و معرفة المجهودات المبذولة في الحد منها و غيرها من الأسئلة التي كانت تشغل بالنا ، و التي لم نجد لها جوابا رغم انتظارنا الطويل بسبب غياب قائد المنطقة عن العمل طيلة ذاك اليوم حيث تركنا له رسالة شفوية عند أحد الموظفين حول الموضوع ، دون أن نتوصل بأي رد ما يؤكد غياب الاحساس بالمسؤولية و السهر على سلامة و صحة المواطنين .
عاينت الجريدة جزءا من مجرى المياه العادمة على طول حوالي سبعة كيلومترات، ووقفت على وضعية الوادي الحار التي لا تطاق و كذا كيفية السقي من مياهه التي لا تحتمل و رصدت ان بعض المزارعين يستغلون وجود كميات كبيرة من المياه في الوادي الحار ويجلبونها بواسطة أنابيب بعد ضخها بواسطة محركات ضخمة ليتم سقي المزروعات بواسطتها . متحدث طلب عدم ذكر اسمه أشار باللوم في انتشار الظاهرة الى وزارة الفلاحة و الصيد البحري بالقول :» على مسؤولي الفلاحة بالإقليم مراقبة كل ما يقع داخل الأراضي الفلاحية والتصدي لكل مزارع أو فلاح ينتج حبوبا أو خضرا مضرة بصحة الإنسان أو الحيوان، وكل مربي الماشية الذين يعتمدون في تغذية المواشي والدواجن على الذرة أو العشب المسقي من المياه المتعفنة، ويتركونها ترعى فوق حوض الوادي وتشرب مياهه العفنة، واصفا الظاهرة بالكارثة التي تهدد صحة الانسان و الحيوان من خلال تناول لحوم الأبقار والمواشي ،مؤكدا أن هناك بالفعل العشرات من مضخات مياه الري المزودة بمحركات البنزين وقنينات الغاز، المنصوبة لضخ المياه العادمة مباشرة عبر أنابيب بلاستيكية، و هي بادية للعيان ، موجهة لسقي المواد العلفية المخصصة للماشية مثل الذرة والفصة و البرسيم وبعض الخضروات التي تسخر للتسويق والاستهلاك « .
رغبة منا في المزيد من التوضيح انتقلنا الى المركز الفلاحي بالمدينة حيث التقينا بأحد المسؤولين الذي صرح لنا كون مديرية الفلاحة غير معنية بالموضوع و لا دخل لها فيه ،مؤكدا ان هناك جهات أخرى هي المعنية في إشارة منه الى الوزارة المكلفة بالبيئة و السلطات المحلية .وفي استفسار حول مسؤولية الجهات المخول لها مراقبة صحة و سلامة المنتجات الغذائية، و ضرورة تدخل المكتب في مراقبة عملية السقي الزراعي باعتبارها منتجات غذائية، تحدثت المصادر نفسها عن أن الأمر يدخل ضمن مهمة الوزارة المكلفة بالبيئة إلى جانب عدد من المتدخلين الآخرين .
ببعض الدواوير (ربيعات - القرية - لعواوشة...) ثمة مخاطر تهدد سلامة وصحة ساكنيها مخاطر تتفاقم في ظل إهمال الجهات المعنية في القيام بواجباتها وعلى رأسها السلطات المحلية ، نتيجة التلوث البيئي الذي تحدثه مخلفات مياه الصرف الصحي الممتدة مجاريها عبر واد مكشوف ويتم استغلالها في سقي مجموعة من النباتات العلفية و غيرها ، و قد أكدت بعض المصادر أن عملية السقي تتم في واضحة النهار بمباركة من بعض أعوان السلطة الذين لا يقومون بواجباتهم في التبليغ عن هؤلاء الذين يحققون أرباحا على حساب صحة المواطنين ، تقاعس في القيام بالواجب يؤكده غياب تقارير و نشرات يومية في الموضوع و التي يمكن الرجوع اليها عند الاقتضاء قصد اتخاذ الإجراءات والتدابير الزجرية اللازمة خصوصا و أن المادة 84 من قانون الماء 10/95 جاء فيها « يمنع استعمال المياه المستعملة لأغراض فلاحية عندما تكون هده المياه غير مطابقة للمعايير المحددة بنصوص».
إذا كانت السلطات الإقليمية عمدت قبل سنوات إلى محاربة الظاهرة بضواحي المدينة، فإن العديد من هؤلاء مازالوا يستغلون العشرات من الأراضي الفلاحية المجاورة للوادي والبعيدة عن الأنظار لانعدام مسالك واضحة لولوجها، في إنتاج الخضر والذرة ،معتمدين على المياه العادمة غير المعالجة، وفي غياب أدنى مراقبة لمنتوجاتهم الفلاحية ومستوى جودتها .
حسن غنية رئيس جمعية المعرفة للثقافة والتنمية و البيئة أكد أن الجمعية تعمل منذ مدة في محاولة للحد من مخاطر السقي بمياه المجاري والصرف الصحي والتوعية بأضرارها الكارثية ، و العمل على الحد من رمي المخلفات والحيوانات النافقة في مجاري المياه حتى لا تتلوثً ، منبها الى المخاطر الكبيرة المحدقة بصحة المواشي والإنسان في المنطقة، بسبب اعتماد عدد من الفلاحين على السقي بواسطة المياه العادمة، خصوصا منها المقذوفة من قبل الوحدات الصناعية ، مصرحا أن الجمعية سبق لها و أن نظمت عدة لقاءات و ندوات في الموضوع الهدف منها التحسيس بمخاطر الظاهرة و كيفية الوقاية من أضرارها مع الاعتماد على مياه صالحة للسقي ضمانا لمنتوجات ذات جودة عالية و على رأسها مادة الشمندر و الخضروات ،موضحا أن الاقليم في حاجة الى محطات لمعالجة المياه العادمة حتى يمكن استغلالها من جديد كما هو الشأن في العديد من الدول التي تعيد استعمال المياه العادمة المعالجة في عملية سقي المنتجات الغذائية وتسميد المحاصيل الزراعية، بعد اخضاعها لعمليات المعالجة وفق معايير علمية وفيزيائية محددة، تراعي مجموعة من شروط الاستعمال لضمان تحقيق الفائدة وتجنب الاثار السلبية المحتملة على البيئة والصحة.
وأفاد رئيس الجمعية حسن غنية بان المياه العادمة المنسابة من مدينة سيدي بنور عبر الوادي الحار ما زالت تؤثر سلبا على المزارعين أنفسهم وبأن خطورة ذلك تكمن في ان المياه العادمة تسير في اتجاه اقليم الجديدة وهي مسافة طويلة تقدر بعشرات الكيلو مترات يصعب مراقبتها حيث تتم مراقبة الأراضي المزروعة والقريبة من التجمعات السكنية في حين ان الأراضي البعيدة لا تتم مراقبتها من قبل الجهات المعنية وهنا مكمن الخطورة .
منذ سنين خلت كانت تشكل مجاري الوادي الحار التي تتدفق على طول أزيد من عشرين كيلومترا، انطلاقا من دوار القرية بمدينة سيدي بنور ومرورا بأراض تابعة لجماعة بوحمام، في اتجاه اقليم الجديدة ، مصدر معاناة لدى العشرات من الأسر القروية التي تقطن بجوارها، بسبب الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف والحشرات الضارة غير أنها اليوم لم تعد موضوع شكايات واحتجاجات من طرف هؤلاء السكان، بعد أن اكتشفوا أن بإمكانهم الاستثمار في مياهها المتعفنة، وكسب أموال من ورائها على حساب أمن و سلامة و صحة الانسان ، إذ بدؤوا في استغلالها في عملية السقي وتوفير الغذاء وماء الشرب للمواشي والدواجن. يقول المواطن الحسين أحد قاطني دوار القرية الواقعة بجوار مجرى الصرف الصحي : «نحن سكان القرى المجاورة للوادي لنا أملاك وأراض زراعية نعاني وأطفالنا من عدة أمراض منتشرة بسبب التلوث بمياه المجاري حيث جميعنا يعاني من أمراض جلدية ، و رغم أننا جميعاً ندرك حجم الكارثة وخطر مياه المجاري، إلا أننا مضطرون لسقي أراضينا الزراعية من مياهها لأسباب عدة منها الاجراءات الادارية و ما يتطلب ذلك من مصاريف مادية عند حفر البئر في غياب تسهيلات و تشجيع للفلاح على ذلك «.
حين تدفع الضرورة إلى المحظور
شح المياه وكلفتها العالية تدفع عشرات المزارعين لاستخدام المياه العادمة المتدفقة عبر الوادي في سقي الخضروات الموسمية الأمر الذي يهدد التوازن البيئي وصحة الانسان على امتداد مجرى الوادي الذي يتلوى لمسافة طويلة ، فاستغلال المزارعين المياه العادمة في سقي المنتوجات يكون من نتائجه أيضا تلويث البيئة وإفساد الأراضي المجاورة كما أنها تتسبب بانبعاث الحشرات و تناسل القوارض وتنشر الأمراض بين الأهالي سيما ان المياه تجري مكشوفة لمسافة طويلة لأن المياه العادمة يتم صرفها بقناة صرف غير مغطاة وغير مبنية بالإسمنت .
المزارع محمد يرفض استخدام المياه العادمة عن قناعة، معتبرا أن ذلك يشكل خطورة على صحة الإنسان في حين يرى بعض الفلاحين أن الاستفادة من المياه العادمة في الشرب لدى الماشية والدواجن، وتغذيتها من منتوج حقول الذرة والعشب الذي يسقى بتلك المياه المتعفنة لا يضر بصحتها، بحسب تصريحات بعضهم علما بأن دراسات علمية أظهرت ان المياه المستعملة او مياه الوادي الحار غير المعالجة تحتوي على عناصر ثقيلة تسبب السرطان اذا استخدمت المحاصيل الناتجة عنها في تغدية الانسان او الحيوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.