لا يعرف تاريخ بداية اليوغا بالتحديد، فالبعض يرجع بداية هذه الرياضة إلى فجر التاريخ الإنساني والبعض إلى 5000 سنة والبعض الأخر إلى 2500 سنة، إلا أننا عندما نعود للملحمة الهندية (المابهابهارتا) والتي تروي قصة صراع عائلتين ملكيتين على السلطة على شمال الهند، نجد أن رياضة اليوغا ذكرت في هذه الملحمة التي تعتبر أطول ملاحم العالم، وتعود إلى ما قبل الميلاد، وبذلك تكون اليوغا قديمة بكل المقاييس. واليوغا رياضة الجميع، فلا تستند إلى عقيدة معينة رغم أن بدايتها كانت في الهند الهندوسية، ويمكن ممارستها في كل مكان وزمان ومن مختلف الأعمار، ولا تتوفر على رموز دينية، ولها جانبان: الجانب العقلي أو النفسي، والجانب الرياضي والجسدي، ولها أهداف سامية من خلال ممارستها، فهي تهدف إلى النظافة والنقاء الروحي، والتلاحم بين الإنسان والطبيعة ومحيطه العائلي والاجتماعي، لأنها تحارب الجشع والأنانية، وتهدف إلى تحرر الإنسان من الأمراض النفسية والاجتماعية والصراع على الملذات التي لا تزيد الإنسان إلا شقاء وتنقية الجسم من السموم النفسية والجسدية. ومصطلح اليوغا يمكن ترجمته إلى العربية بمعنى التحكم فاليوغي من خلال الممارسة العقلية النفسية والجسدية يصل إلى السعادة أو النجاة من القيود عبر الملكة العقلية والفهم والمعرفة إلى إدراك اليقين أو الإيمان، وبالتالي يصل إلى الدرجة الأسمى للتحرر من خلال الاستسلام المعرفي بالفهم العميق والعمل الجاد للخالق. اللأنانية إن الإخلاص والصدق ونكران الذات وضرورة العمل البناء للوصول إلى التحرر من المبادئ الأساسية لليوغا لأننا مُنحنا هذا الجسد للقيام بالأعمال والأفعال الخالية من الأنانية نحو الآخرين، وليس هناك ربح أو خسارة في الجهد، فالعمل في حد ذاته عبادة، وهنا يصل اليوغي إلى حالة من الراحة النفسية والسعادة، لن تزيحه حتى أكبر الفتن عن هذه السعادة والمتعة العقلية والنفسية والجسدية التي يصل إليها عبر مكافحة الأنانية إلى أن يصل لمرحلة "اللأنانية" لأن اليوغا تعتبر أن العالم الخارجي قابل للتغيير وقابل للتلف، بينما الروح/ النفس/المعنوي كلها أبدية أو خالدة لأن المحب اليوغي إذا سلم نفسه للعمل عن طواعية خاصة الأفعال المحبة للإنسان والطبيعة والكائنات وللروح، فإن هذا المحب يصل إلى مرحلة بث الروح في الجسد بل يمكن لليوغي أن يبصر داخله ويصبح خاليا من الأنانية ويصل إلى الإدراك الروحي والراحة النفسية. فلسفة للحياة لليوغا تأثير عقلي ونفسي لأنها رياضة عقلية ونفسية، وهي أيضا رياضة جسدية، فهناك حركات يمارسها اليوغي تبدأ بالأصابع والأيدي وتنتقل إلى باقي أعضاء الجسم، ومن حركات بسيطة وسهلة إلى درجة من التركيب بعد أن يشتد عود اليوغي أثناء الممارسة، مثلا: رفع الجسم والرأس والعنق في خط مستقيم، والحرص على النظر إلى جهة محددة واحدة دون أي تحول وهو ما يسمى ب" عدم التيه" وهناك حركات الأصابع وتكاثف الأيدي وحركات عديدة تطورت عبر الأزمنة من حركات صعبة إلى حركات سهلة ومرنة، وهي التي تمارس في مختلف أنحاء العالم، والملايين في العالم يمارسون اليوغا وقد بدأت هذه الرياضة خارج الهند في بريطانيا أولا ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم الاتحاد الأوربي وانتشرت في باقي بلدان العالم وقد وصلت في السنوات الأخير ة للمغرب، إذ أن هناك عشرات النوادي التي تمارس اليوزغا خاصة من طرف العنصر النسوي، إذ أن محاربة اليوغا للشراهة وتشجيعها على التواضع في الأكل وفي كل شيء ونحافة ممارسيها، زيادة على فائدتها الروحية والجسدية تجلب العنصر النسوي أكثر في العصر الحديث لأنها ممارسة رياضية هدفها تناغم الجسم مع باقي العضلات والمفاصل ووقاية من الأمراض، وانضباط رياضي وفلسفة للحياة ويقظة روحية للوعي، وكما تقول إحدى حكم أو أناشيد اليوغا : - ممكن أن يكون الكل سعيدا - ممكن أن يكون الكل بلا مرض - ممكن أن لا نعاني الحزن - ممكن الوصول إلى كل ما هو ميمون وهي رياضة لا تلزم الممارس بالتجهيزات إذ يمكن ممارستها ببساطة عن طريق الحركات وبنظام الروح والعقل، فهي تضعف الثوتر والقلق بل وتزيلهما، كما أنهما من خلال الحركات الجسدية تزيد من مرونة الجسد، وتصل إلى مفاصيل عادة لا تتحرك، هذا مع التوازن النفسي والعقلي، حتى يصل الممارس إلى مرحلة التنور فهي وسيلة رياضة وتأملية تهدف إلى الإنعتاق الفعلي من رغبات الجسد السيئة عبر التحكم النفسي اليوغا المعاصرة إن التطور الذي عرفته اليوغا عبر القرون حتى المرحلة المعاصرة أدى إلى مرونة اليوغا وتحولها إلى رياضة جسدية تمارس من طرف المتعلمين عن طريق معلم أو أستاذ أو عن طريق كتب أو أفلام، كما أن لها وجها تأمليا في داخل عقل كل ممارس عبر حركات جلوس خاصة مما جعلها تنتشر عالميا، ومع ظهور الشبكة العنكبوتية أصبحت ممارستها ودروسها سهلة ومرنة لكل راغب عن طريق الكتب والأفلام والمجلات والأنترنيت، ولم تعد مدارسها القديمة التي كانت تشترط طرقا صعبة لممارستها مثل التقشف والعزلة كما كان في القديم، ومن أهم الاعترافات بهذه الرياضة الرائعة إعلان الجمعية العامة الأممالمتحدة في السنة الماضية 2014 تخصيص يوم عالمي للاحتفال بهذه الرياضة كل سنة وهو 21 يونيو عيدا أمميا للاحتفال باليوغا باعتبارها تراثا إنسانيا، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة كافة الأعضاء -177 دولة- إلى الاحتفال بهذا اليوم كل سنة ودعا الناس أفرادا وجماعة لممارسة هذه الرياضة التأملية والجسدية خصوصا في عصرنا هذا المليء بالحروب والأحزان والجشع والأنانية والظلم الفردي والجماعي الإقليمي والدولي.