اعتبر المشاركون في ندوة دولية نظمت يوم 24 يونيو 2015 بمدينة روساريو الأرجنتينية، الواقعة شرق البلاد، أن التنوع الثقافي الذي اجتمع في المغرب وتفرق في غيره، يشكل همزة وصل بين شعوب العالم. وأكد المشاركون في هذه الندوة ،المنظمة في إطار الأسبوع الأول للسينما العربية الذي تحتضنه روساريو بمشاركة المغرب كضيف شرف مميز، أن المملكة المغربية تتفرد عن غيرها بتنوع ثقافي يلحظه كل زائر لهذا البلد الذي انصهرت فيه كل أشكال الثقافات والحضارات، مما أهله اليوم ليكون جسرا رابطا بين العالم العربي والأفريقي من جهة، ومنطقة أمريكا اللاتينية من جهة أخرى. وفي كلمة له بالمناسبة، اعتبر سفير المغرب لدى الأرجنتين ،السيد فؤاد يزوغ، أن التعاون الثقافي بين البلدان يعد مفتاح أي تعاون آخر سواء أكان تجاريا أو اقتصاديا أو حتى سياسيا، لافتا في هذا السياق، إلى أن المغرب منفتح على التعاون الثقافي مع الأرجنتين لاسيما وأن البلدين تربطهما اتفاقيات بهذا الخصوص تهم مجالات التعاون العلمي بين الجامعات وأيضا على مستوى القطاع السينمائي. وأكد السيد يزوغ أن المغرب الذي يؤمن بالمصير المشترك لشعوب دول الجنوب يزخر بتنوع ثقافي عز نظيره، إذ هو بلد أفريقي وعربي ومتوسطي في الآن ذاته، مسجلا أن هذا التنوع لا يطرح أي إشكال بالنسبة للمغرب بل هو اختيار ينسجم مع تطلعاته و توجهاته التي كرسها دستور سنة 2011. وفي هذا السياق، شدد على أن المغرب قد يبدو بعيدا جغرافيا عن أمريكا اللاتينية ولكنه في واقع الأمر أقرب دولة عربية إليها ويتقاسم معها العديد من القيم المشتركة وفي مقدمتها قيم السلام والديمقراطية ، لافتا الانتباه إلى أن المغرب الذي يتوفر على مجتمع مدني يتسم بالدينامية، اختار الانخراط في تكريس حقوق الانسان ضمن مسار لا رجعة فيه. ومن جهته اعتبر الأكاديمي والباحث بالجامعة الوطنية لقرطبة، (وسط الأرجنتين) خوان خوسي فاغني، أن المتأمل للعلاقات بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية سيجد من دون أدنى شك أن المغرب يمثل حالة استثنائية وفريدة ضمن مسلسل هذه العلاقات، موضحا أن ذلك يتجلى في ثلاثة مستويات أولها المستوى التاريخي والمتمثل في الارث الأندلسي المشترك الذي يعد جسرا ثقافيا مشتركا و»رصيدا رمزيا» يتعين استغلاله لتحقيق التقارب مع أمريكا اللاتينية. وأضاف فاغني، صاحب عدة مراجع ومقالات حول علاقات المغرب وأمريكا اللاتينية، أن هناك عاملا تاريخيا آخر لا يتعين إغفاله والمتمثل في هجرة العديد من اليهود المغاربة أواسط القرن ال19 إلى أمريكا اللاتينية وتحديدا نحو البرازيل وفنزويلا والبيرو وبنما والأرجنتين، وهي الجالية التي تعكس التنوع الثقافي والتسامح الديني الذي يمتاز به المغرب. وعلى المستوى اللغوي، يضيف الأكاديمي الأرجنتيني، تشكل اللغة الاسبانية واقعا حيا بالنسبة لنحو ستة ملايين مغربي ناطقين بهذه اللغة بالاضافة إلى الحضور القوي لمؤسسات التدريس باللغة الاسبانية ومعاهد ثيربانتيس في كثير من المدن المغربية ووجود وحدات بحث وأقسام للغة والآداب الاسبانية في معظم الجامعات المغربية، مع بروز أسماء لامعة لكتاب وشعراء اختاروا الاسبانية لغة للكتابة، مستحضرا في هذا الصدد كلا من محمد الصيباري وأحمد الداودي ومحمد شقور ومحمد العربي المساري وغيرهم. وفيما يتعلق بثالث مجال للتقارب بين أمريكا اللاتينية والمغرب يعتبر الباحث الأرجنتيني، أنه يتجسد في الموقع الاستراتيجي الذي تحتله المملكة شمال إفريقيا وعلى مرمى حجر من أوروبا مع واجهة أطلسية شاسعة مطلة على الضفة الأخرى حيث توجد أمريكا اللاتينية. ومن جهته توقف كريستيان مورو، المدير التنفيذي للمهرجان الأمريكي اللاتيني للفيلم العربي، إحدى الجهات المنظمة للأسبوع الأول للسينما العربية بروساريو، عند ما اعتبره «ثورة « في عالم السينما المغربية التي نجحت بفضل الدعم الذي يحظى به القطاع من قبل الدولة وخاصة من لدن المركز السينمائي المغربي في رفع إنتاج الأفلام إذ أصبح يقارب نحو عشرين فيلما طويلا وحوالي مائة شريط قصير سنويا. تجدر الإشارة إلى أن مدينة روساريو تحتضن في الفترة الممتدة من 24 إلى 28 يونيو الجاري النسخة الأولى لأسبوع السينما العربية وذلك بمشاركة أفلام مغربية وهي «روك القصبة» للمخرجة ليلى المراكشي، و»هم الكلاب» لهشام العسري و»المغضوب عليهم» لمحسن البصري. كما سيعرف برنامج هذا الأسبوع تنظيم ندوات ومحاضرات وعروض لأفلام سينمائية وأشرطة وثائقية مشاركة في الدورة من فلسطين ولبنان وألمانيا والأردن وقطر وتونس وفرنسا والبرازيلوالأرجنتين.