رغم ما تعرفه أغلب المنشآت السياحية بمراكش من انتعاشة ملحوظة اعترف بها التقرير الأخير للمجلس الجهوي للسياحة، حيث أن أزيد من 60 فندقا حقق خلال الأشهر الأخيرة نسبة ملء تتراوح مابين 62 و 90 بالمائة ، مازال مسلسل الإجهاز على حقوق المستخدمين متواصلا، من خلال التسريح الجماعي ، و العمل بالعقود المؤقتة من دون أدنى التزام بالحقوق التي يقرها القانون ، و الطرد التعسفي. آخر فصول هذا الوضع تحقق في منشأة « صحراء بالاص مراكش» التي تُعد من أفخم و أفخر مؤسسات الإيواء بالمدينة الحمراء، حيث وجد أزيد من 123 مستخدما أنفسهم عرضة للتشرد ، هم و أسرهم ، بعد أن طالهم مصير الطرد التعسفي. محنة هؤلاء العمال الذين تراوحت مدة الخدمة لديهم مابين سنة و نصف و ثلاث سنوات، بدأت منذ انطلاق المؤسسة في العمل بهذا الإسم (صحراء بالاص)، إذ أضحى التماطل في أداء أجور العمال هو القاعدة، رغم الرواج الكبير الذي كان يعرفه الفندق، حيث كان التأخر في تسلم الأجور لمدة تصل إلى شهرين أو ثلاثة ، هو المعاناة الرئيسية للمستخدمين، إضافة إلى الغياب المطلق لأية استفادة من الحقوق التي يضمنها القانون، وفي مقدمتها الانخراط في الصناديق الاجتماعية والتغطية الصحية و غيرها. دوام هذا الوضع فرض على العمال سنة 2013، البحث عن صيغة للاتفاق مع المشغل، عبر توقيع محضر بمفتشية الشغل تحت إشراف الكتابة العامة لولاية مراكش، التزم فيه بأداء المتأخرات للعمال، وسداد الأجور في وقتها، إضافة إلى تسديد واجب الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي.. لكن الوضع سرعان ما عاد إلى حالته السابقة، واستأنف التأخر في أداء الأجور لشهور طويلة إيقاعه، متسببا في فقدان العمال وأسرهم لاستقرارهم الاجتماعي. الأمر الذي دفع المستخدمين في شهر أبريل الأخير، إلى طلب التوقيع على اتفاق جديد، لكن هذه المرة مع مالك الفندق، تحت إشراف مفتشية الشغل. لكنهم فوجئوا بحضور ممثل الشركة المكلفة بتسيير المستخدمين، الذي حاول إملاء اتفاق معد مسبقا، لم يرفضه العمال، وإنما طالبوا بمهلة للاستشارة. وفي اليوم الموالي وجدوا أبواب المؤسسة قد أغلقت في وجوههم. مأساة العمال مست أسرهم، وأثرت على المسار الدراسي لأبنائهم ، حيث يواجه عدد منهم مصير الانقطاع عن الدراسة بعدما لم تعد تسمح أوضاع آبائهم المادية، بالوفاء بمتطلبات التمدرس، بسبب انقطاع أجورهم. واليوم ، وبشكل مستمر يخوض المتضررون معارك متواصلة دفاعا عن حقوقهم المشروعة، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه المأساة الاجتماعية التي تعيد إلى الواجهة مسألة المردودية الاجتماعية للاستثمارات السياحية الضخمة التي تعرفها المدينة الحمراء ، و قدرتها الفعلية على تأمين فرص الشغل الضامنة للاستقرار الاجتماعي؟