خسائر الدولة المغربية من التعويضات لصالح المواطنين، والتي قضت بها مختلف محاكم المملكة، ما بين 2006 و2013، حسب معطيات المحاكم المالية بالمجلس الأعلى للحسابات، بلغت ما يفوق 4 ملايير درهم. أجمع مشاركون مختصون في القانون والقضاء في ندوة بالرباط يوم السبت الماضي، أن عدم تنفيذ الأحكام إهانة للقانون والقضاء ومكافأة للمعتدين على الحقوق، وتبخيس لأصحاب الحقوق المعتدى عليها، وعلى أن الامتناع عن تنفيذ الأحكام يجعل من اللجوء إلى القضاء لحماية الحقوق إهدارا للجهود والوقت والمصاريف، كما أن هذا الفعل فيه إخلال بمبدأ العدالة وخرق لمقتضيات الدستور. وطالب النقيب عبد الرحمان بنعمرو البرلمان بمحاسبة عبد الإله بنكيران كرئيس للحكومة المغربية، بسبب عدم تنفيذ الدولة للأحكام القضائية الصادرة ضده لصالح المواطنين، ودعا بنعمرو في مداخلة له خلال ندوة نظمها مركز العدالة بالمغرب، يوم السبت بالرباط، المؤسسة التشريعية «بتشكيل لجان لتقصي الحقائق للوقوف على الأسباب الحقيقية التي تجعل الدولة تتلكأ في هذا الشأن». واعتبر نفس المتحدث أن عدم تنفيذ الدولة للأحكام، يضعها أمام مشكلة كبيرة قانونية وأخلاقية، وهذا الأمر «فيه إهانة للقضاء، والقانون والدستور». ودعا في نفس الوقت إلى ضرورة تجاوز هذا الوضع غير القانوني، عبر تخصيص باب في قانون المالية مرتبط بالتعويض عن الأحكام القضائية». ومن جهته، وصف محمد الهيني ممثل جمعية عدالة، ونادي قضاة المغرب، أن عدم تنفيذ الدولة للأحكام القضائية الصادرة ضدها لصالح المواطنين بالظاهرة المقلقة في القضاء المغربي والتي من شأنها أن ثبث نوعا من عدم الثقة لدى المتقاضيين باعتبار، أن تنفيذ الأحكام القضائية هو الأصل من اللجوء للقضاء. وأشار الهيني كذلك في مداخلته إلى أن هذا الفعل المتمثل في عدم تنفيذ الدولة للأحكام القضائية الصادرة ضدها فيه إخلال بمبدأ العدالة والإنصاف وخرق للمقتضيات الدستورية التي جاء بها دستور يوليوز 2011 الذي نص على ضرورة خضوع جميع الإدارات والمواطنين لمبدأ الشيء المقضي به، وذلك وفقا لآجال معقولة. ومن جانبه أقر هشام الرياني مدير مصلحة القضاء الإداري، بوزارة العدل والحريات، في نفس الندوة، تزايد الملفات غير المنفذة، موضحا أن نسبة تنفيذ الأحكام النهائية في مواجهة أشخاص القانون العام بلغت -حسب الإحصائيات- 45 في المائة سنتي 2012 و2013، في الوقت الذي وصلت فيه هذه النسبة 47 في المائة خلال 2014. كما وصلت خسائر الدولة المغربية من التعويضات لصالح المواطنين، والتي قضت بها مختلف محاكم المملكة، ما بين 2006 و2013، حسب معطيات المحاكم المالية بالمجلس الأعلى للحسابات، ما يفوق 4 ملايير درهم، كاشفة أن «العدد الإجمالي للقضايا المسجلة أمام المحاكم يناهز 30 ألف قضية سنويا. وسجل الرباني بنفس المناسبة أن المعيقات القانونية التي تجعل التنفيذ صعبا مثلا أن «قانون المسطرة المدنية الحالية لا يستوعب طريقة اشتغال أشخاص القانون العام إداريا وماليا»، مضيفا كذلك أن «عمل الإدارات ليس هو نفسه اشتغال الأشخاص الذاتيين، لذلك لا يجب أن تكون المقتضيات القانونية، هي نفسها المنظمة لعمل الأشخاص الذاتيين الخاضعين للقانون الخاص». بالإضافة إلى الصعوبات التي تواجه عدم تنفيذ الأحكام ضد الدولة، «كعدم جواز الحجز على الأموال العمومية، وعدم تنفيذ الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة، لإجبار الممتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية على تنفيذها». واقترح الرباني «ضرورة وضع إطار تشريعي ومقتضيات قانونية خاصة لتنفيذ الأحكام ضد أشخاص القانون العام».