بعد قرار مجلس الأمن الأخير الذي جدد الدعوة إلى الجزائر لإحصاء ساكنة المخيمات بتندوف، وجه البرلمان الأوروبي صفعة أخرى إلى الجزائر والبوليساريو من خلال دعوته إلى إعادة النظر في قيمة المساعدات الإنسانية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لمخيمات تندوف ومواءمتها مع الحاجيات الحقيقية بهذه المخيمات، وكذا إحصاء ساكنتها، وذلك خلال اجتماع عقده أول أمس بستراسبوغ . قرار البرلمان الأوروبي جاء كجواب على رفض الجزائر المستمر لإحصاء سكان المخيمات، ولجوئها إلى التدليس عبر النفخ في عدد المحتجزين لتحويل المساعدات الأوروبية، حيث سبق لتقرير أعده المكتب الأوروبي لمكافحة الغش أن أكد أن هناك عمليات تحويل مكثفة ومنظمة للمساعدات الإنسانية الدولية على حساب الساكنة المحتجزة في تندوف. التقرير الذي أعده المكتب الأوروبي لمكافحة الغش، أكد أيضا أن جزءا كبيرا من هذه المساعدات كان يتم تحويلها لتباع في أسواق الجزائر، موريتانيا ومالي. ويقول التقرير الذي أعد سنة 2007 إن الذي سهل عمليات الاختلاس هذه ، تقديم الاتحاد الأوروبي لمساعدات غذائية لفائدة 155 ألف لاجئ على مدى سنوات، وهو رقم قدمته الجزائر ولا يستند على أي إحصاء، حيث لم تسمح الجزائر لحد الآن للمفوضية السامية للاجئين بإحصاء ساكنة المخيمات. ومع بدء التحقيق كلف الاتحاد الاوروبي مركزا للأبحاث بالتأكد عن طريق الأقمار الصناعية من العدد الحقيقي للمحتجزين الذي حدد إبانها ب 91 ألف شخص، وهو ما يعني أن الاتحاد الأوروبي ظل يقدم مساعدات ل64 ألف شخص غير موجودين على أرض الواقع. قرار البرلمان الأوروبي طالب كذلك المفوضية الأوروبية ب"تقديم توضيحات بخصوص التدابير المتخذة في إطار التفاعل مع خلاصات هذا التقرير"، مشددا على ضرورة أن تحرص على عدم ولوج المسؤولين الجزائريين ومسؤولي البوليساريو إلى المساعدات التي يمولها دافعو الضرائب الأوروبيون". البرلمان الأوروبي أعرب كذلك عن قلقه من عدم إجراء إحصاء لساكنة مخيمات تندوف "خلال مدة طويلة"، مؤكدا أن الأمر يتعلق ب"وضعية غير عادية وفريدة في سجل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وأشاد سفير المغرب لدى الاتحاد الأوروبي، منور عالم، "بتصويت البرلمان الأوروبي الذي ذهب، بحكمة وعن حق، في نفس اتجاه تصويت لجنة مراقبة الميزانية، عبر إدانته الاختلاس الكبير والمنتظم للمساعدات، ومطالبته بعدم ولوج المسؤولين المتورطين في هذا العمل الإجرامي إلى المساعدات الموجهة إلى إخواننا المحتجزين في مخيمات تندوف". ونوه عالم، من ناحية أخرى، بمطالبة الاتحاد الأوروبي بتسجيل وإحصاء ساكنة مخيمات تندوف، مذكرا بأن القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي دعا الجزائر من جديد إلى بذل جهود من أجل تسهيل إحصاء وتسجيل ساكنة مخيمات تندوف، تماشيا مع التزاماتها الدولية. وكانت جمعية دافعي الضرائب الأوروبية قد وجهت نداء مطلع الأسبوع الجاري طالبت فيه بالتأكد بأن المساعدات الأوروبية الموجهة إلى ساكنة تندوف من جيوب دافعي الضرائب الأوروبيين، لن يتم اختلاسها من طرف المسؤولين الجزائريين وقادة البوليساريو . رئيس مجموعة الصداقة المغربية الأوروبية، جيل بارنيو، عبر في تصريح له عن ارتياحه لقرار البرلمان الأوروبي، وقال إن " البرلمان الأوروبي قال بشكل صريح "لا " للاختلاسات ولأولئك الذي يغتنون على حساب ساكنة المخيمات"، معربا عن ارتياحه الكبير لنتيجة التصويت ، وتبني البرلمان الأوروبي لقرار يحمل المسؤولية للجزائر و"البوليساريو" في الاختلاسات التي تعرضت لها المساعدات الإنسانية الممنوحة لمخيمات تندوف منذ عدة عقود. كما لاحظ بارنيو أن الوضع بتندوف يساهم في نشر اليأس في صفوف شباب هذه المخيمات، التي أضحت أرضا خصبة للتطرف بالنظر للقرب من تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ومجموعة "مختار بلمختار" الإرهابية في المنطقة.