لاتزال قضية الأسرى المغاربة في سجون البوليساريو والجزائر تسائلنا جميعا ، تسائل الدولة المغربية التي عليها ان تقيم دعوى استعجالية لدى المحاكم الدولية من اجل محاكمة مجرمي البوليساريو والجزائر، الذين عذبوا وشردوا وقتلوا الأسرى المغاربة بطرق بشعة ولاإنسانية . إن الدولة المغربية ومعها الجمعيات الحقوقية المغربية والدولية مطالبة اليوم وبشكل لايقبل التأخير، برفع دعاوى ضد مجرمي الحرب من أعضاء جبهة البوليساريو وجهاز المخابرات الجزائري لانتهاكهم الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان ومنها اتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة الأسرى . ان كل مطلع على شهادات أسرانا في سجون البوليساريو والجزائر الذين قضوا عقودا مضنية من التعذيب والاعمال الشاقة والمهينة ، سيكتشف لامحالة مدى انعدام الضمير الانساني لدى مخابرات الجزائر ومرتزقة البوليساريو ، حيث تشغيل الأسرى في الأعمال الشاقة والاعدامات الجماعية والتعذيب اليومي والاجبار على سب وشتم المغرب في إذاعة البوليساريو ، وكذا استعراض الأسرى امام صحافة ووفود اجنبية اغلبها مأجور ومندس . من حسن حظ الحقوقيين والراغبين في إحقاق العدالة الكونية ان مجموعة من الاسرى المغاربة بادروا الى تدوين شهاداتهم عن معاناتهم في سجون الذل والعار وكانت شهادات يصعب على ضعاف القلوب قراءتها من شدة المآسي التي تحتوي عليها، هذه الكتابات التي تصلح لوحدها ان تكون مرافعات قانونية وحقوقية أمام المحاكم الدولية باعتبارها شهادات حية ومعبرة عن ظلم السجان وقسوة عصابات البوليساريو والجزائر ، التي استعملت كل الاساليب من اجل اهانة الاسرى المغاربة والموريتانيين كذلك وجنسيات افريقية اخرى ذنبهم الوحيد حبهم لأوطانهم وغيرتهم على وحدة أراضيها ومستقبلها وأمنها ورفاهيتها. من هذه الشهادات التاريخية المأساوية نذكر شهادة الضابط ميمون الزكاي الذي التقيته شخصيا أثناء توقيع كتابه بعنوان «العائد بمعجزة من تندوف» باللغة الفرنسية وأظن ان الكتاب سيترجم قريبا الى العربية ، وكتاب النقيب الطيار علي عثمان ابن المغرب العميق الذي أسقطت طائرته بصاروخ سام سوفياتي الصنع في ساحة الوغى دفاعا عن الوطن سنة 1977 ، هذه الشهادة التي دونها في كتابه القيم «أسير حرب في سجون الجزائر والبوليساريو» وهو اصلا باللغة الفرنسية وتمت ترجمته سنة 2015 الى العربية ، الكتاب يفصح بوضوح عن ثلاث حقائق رئيسية بل يفضحها كذلك : 1 _ الحقيقة الاولى : الجزائر كانت هي المخطط الرئيسي لكل العمليات العسكرية ضد القوات المسلحة الملكية وضباط المخابرات الجزائرية كانوا يتولون التحقيق والتعذيب في بداية أسر أي ضابط مغربي قصد استخراج المعلومات العسكرية قهرا وتعذيبا، وبالتالي فأكاذيب الجزائر الرسمية التي تدعي أنها لا علاقة لها بنزاع الصحراء باطلة وواهية ولم تعد تقنع أي احد في المنظومة الدولية. 2 _الحقيقة الثانية :الدعم الأمريكي والفرنسي للقوات المسلحة الملكية لم يكن دعما كبيرا خصوصا في السنوات الاولى للنزاع المسلح بين المغرب والبوليساريو والجزائر، في مقابل تسلح كبير ومتطور للسلاح الجزائري مستفيدا من الدعم السوفياتي والليبي والايراني ودول اوروبا الشرقية ، مما جعل عدد الاسرى المغاربة في العشرية الاولى من الصراع خاصة في الثمانينات يتزايد باضطراد . 3 _ الحقيقة الثالثة : الاستبسال الأسطوري للأسرى المغاربة في سجون البوليساريو والجزائر رغم التعذيب والقمع والاعمال الشاقة، لم يقابله احتفاء بالاسرى اثناء تحريرهم بالطريقة اللازمة ، إذ أنهم يستحقون دعما ماديا ونفسيا لان مواقفهم البطولية وتضحياتهم طالت أسرهم وعوائلهم لذلك وجب انصافهم والبحث بجميع الطرق القانونية لمحاسبة المتورطين في التعذيب والتنكيل بهم خصوصا وان أسماء الجلادين معروفة ومتواترة في الشهادات ، ومنهم من لايزال على قيد الحياة تحت الحماية الجزائرية وبعضهم في اسبانيا. قضية انتهاكات حقوق الانسان بحق الاسرى المغاربة يجب ان تكون ملفا قائما بذاته في آليات الترافع الديبلوماسي المغربي ، لذلك من المستغرب ان أعداء الوحدة الترابية المغربية يستغلون قضية حقوق الانسان للتشويش على صورة المغرب في هذا المجال ، فلماذا لا نأخذ ملف الأسرى المغاربة الى المحافل الدولية ونعرضه على أنظار المفوضية السامية لحقوق الانسان وعلى مجلس حقوق الانسان ؟ ألا يستحق الاسرى المغاربة ان يروا جلاديهم يحاكمون امام المحاكم الدولية ؟ كما ان الديبلوماسية المغربية مطالبة باسترجاع رفات الشهداء المغاربة الذين استشهدوا في معتقلات العدو وذلك أقل واجب يجب ان نعطيه لذويهم وللوطن جميعا. في جنيف اليوم سفير مغربي من خيرة السفراء الحقوقيين الذي له باع طويل في ميدان الدفاع عن حقوق الانسان ، انه السفير والوزير محمد اوجار الذي يمكن التعويل عليه في دفع هذا الملف الى الجهات الدولية ليأخذ مساره الطبيعي في أروقة الاممالمتحدة ومنظماتها الحقوقية المختصة ، لذلك فنحن كمجتمع مدني حقوقي مغربي مستعدون للترافع حول ملف الاسرى المغاربة لدى جميع المنظمات الدولية لكن بدعم ومساندة سياسية من ذوي القرار السياسي بالمغرب ، لان قضية الاسرى المغاربة وقضية انتهاكات حقوق الانسان المستمرة في مخيمات الذل والعار كلها ملفات، حان الأوان لفتحها ومساءلة النظام الجزائري وعصابات البوليساريو عن جرائمهم. الاسرى المغاربة في شهاداتهم للتاريخ وللحاضر أعطوا أسماء بعض جلاديهم في سجون البليدة الجزائرية وفي سجون الرابوني و9 يونيو و12 أكتوبر وبوغار والتكنة الموريتانية وسجون اخرى معروفة، لدى الصليب الاحمر الدولي ومؤسسة فرانس ليبيرتي ومؤسسات أخرى قامت بزيارة بعض اسرى الحرب في السجون والمعتقلات، فامثال كريكاو والغالي ابراهيم والبوهالي ومحمد عبد العزيز ومحمد البطل وغيرهم من مجرمي الحرب يجب أن يساقوا الى المحاكم الدولية لينالوا العقاب الذي يستحقونه. أخيرا أتمنى أن تولي الديبلوماسية المغربية الاهتمام اللازم لهذا الملف الانساني وتحقق بعض أمنيات الاسرى المغاربة وتريح أرواح الشهداء منهم، وان يعمل المغرب على استرجاع رفات كل الذين ماتوا فوق التراب الجزائري ومتابعة المجرمين امام المحاكم الدولية و ان هذا ليس بالشئ الكثير مقابل التضحيات والآلام والمآسي التي خلفها الأسر والاعتقال التعسفي والتعذيب لعقود طويلة من الزمن . باحث في العلاقات الدولية