كل شيء في الاسم المستعار مثير، وغامض، وشعري، ولا يُسبر غوره. إنه طبقة من طبقات الكاتب. فهو قضية من قضايا الأدب الكبرى. لذلك نجد جل القواميس ومعاجم المهتمة بمصطلحات الأدب ومفاهيمه قد كرّسته مصطلحا مجاورا ومحاورا لمصطلح المؤلف. كما أن الأدب العربي لا يخلو من اهتمام، ولو متباعد، بمسألة الاسم المستعار، سواء باعتباره إمضاء على غلاف كتاب، أو في صفحة من صحيفة. غير أنه يصبح في كثير من الأحيان قضية وعرة. في أغلب القواميس المتخصصة في القضايا العامة للأدب، نجد معالجة للاسم المستعار ضمن مصطلح "المؤلف"، فالأول (الاسم المستعار" يوجد في ثنايا الثاني (المؤلف). لكنهما مرتبطان داخل عملية التواصل الأدبي المكتوب. فتكون القضية ذات رأس مزدوج؛ الأول مرتبط باسم المؤلف، الذي تعالجه اليوم بكثافة نظرية الكتابة الذاتية. حيث المؤلف الذي يضع إمضاءه على الغلاف هو مؤلف حقيقي يدخل نفسه ضمن أحداث السرد، أي ذلك الاسم الذي تنحه له الحالة المدنية: طه حسين، عبد الرحمان منيف، جبرا إبراهيم جبرا، محمد زفزاف، محمد بنيس، محمد برادة. مارسيل بروست، هنري جيمس. وهذه الأسماء التي تمنحها الحالة الدنية وفق معايير، أصبحت سارية المفعول في المغرب منذ منتصف القرن العشرين، في حين أن فرنسا بدأت العمل بها في بداية القرن التاسع عشر.. والثاني هو الاسم المستعار الذي يعين به الكاتب نفسه لمحو اسمه الحقيقي. واستعمال الاسم المستعار يجيب جوهريا على ثلاثة دوافع. الكاتب يريد أن يميز بين حضوره الأدبي وحضوره الاجتماعي. هكذا "جان- بابتيست بوكولان" أصبح سريعا "موليير"، في اللحظة التي أصبح فيها ممثلا، كاتبا ومخرجا مسرحيا. ويمكن إضافة أمثلة كثيرة: "أرويت" تبنّى اسم فولتير، فرانسواز كواريز تبنت اسم فرانسواز ساغان، ألكسندر بييدي اسم "ماغو بيتي"، قاصدا التفريق بين الأستاذ والكاتب. ( للتوسع يمكن الرجوع إلى "إيمانويل فريز، وبيرنار موراليس، 2001). في حالات أخرى يتم تبني الاسم المستعار استجابة للرغبة في الهروب من العقاب الديني، الفكري أو السياسي أو الإداري. هكذا استعمل "فرانسوا رابلي" في العديد من أعماله اسمه المستعار "ألكوفريباس نازيي". وبوري سفيان استعمل اسم "فيرمون سيليفا" في روايته الشهيرة " سأبسق على قبوركم" سنة 1946، والذي قدمه إلى الجمهور باعتباره رواية مترجمة عن الإنجليزية (الأمريكية). الاسم المستعار أيضا يمكن أن يكون الدرجة الصفر للاسم؛ هكذا كتب "فولتير" رائعته "القرويات" دون اسم للكاتب. في النهاية الاسم المستعار يجيب عن قوة في رد كل أشكال سوء الفهم. ألم يوقع الشاعر السويسري/ الفرنسي "فريدريك لويس سوزير" باسمه المستعار الخالد: "بليز ساندرار" الذي يحيل، ولو عبر تحريف بسيط، إلى الجمر والرماد، والذي أيضا يولّد دوائر دلالية أسطورية لطائر الفينيق المنبعث من رماده.