أعلن صلاح الدين المانوزي الجمعة الماضية بالدارالبيضاء أن عائلة المانوزي «ستنتدب قريبا من ينوب عنها لربط الاتصال بشكل رسمي مع هيئة الحقيقة والكرامة التونسية لاستكمال البحث في مصير ابنها الحسين الذي تم اختطافه في تونس العاصمة». وأوضح صلاح الدين المانوزي، في لقاء وفاء لذاكرة المقاوم والمناضل السياسي المرحوم الحاج علي المانوزي، عزم الأسرة الاستمرار في المعركة التي كرس لها الوالد المرحوم الحاج علي المانوزي حياته باتخاذ مجموعة من الخطوات النضالية في القادم من الأيام. وأضاف صلاح الدين المانوزي، في السياق ذاته، أن الأسرة سيكون لها موعد مع فريق العمل الأممي للإختفاء القسري لمتابعة ما تمت مباشرته من قبل». وأوضح صلاح الدين المانوزي، خلال هذا اللقاء، الذي أداره الإعلامي والأستاذ عبد الحميد اجماهري، أن معركة الحقيقة مستمرة وفاء لمسار المرحوم المقاوم والمناضل السياسي الحاج علي المانوزي من أجل الكشف عن الحقيقة في اختفاء الحسين المانوزي. وذكر صلاح الدين المانوزي بتحذير الحاج علي المانوزي منذ البداية لرفاقه في هيئة الإنصاف والمصالحة من محدودية التجربة على اعتبار أن الحقيقة جزء لا يتجزأ من منظومة العدالة، ولا يمكن اختزالها في حقيقة جزئية وفي التعويض المالي. وهكذا يضيف صلاح الدين المانوزي، «انتهى عمل هيئة الإنصاف والمصالحة، وبقت الحقيقة معلقة في ما يخص مصير الحسين والعشرات من رفاقه. ولم يستسلم الحاج علي لهذه النتيجة الحتمية».. وفي هذا الصدد أشار صلاح الدين المانوزي، في كلمة له باسم أصدقاء وأسرة المقاوم والمناضل السياسي المرحوم الحاج علي المانوزي، إلى أن المغرب ضيع فرصة تاريخية للمصالحة مع الذات، مؤكدا أن المجلس الوطني لحقوق الانسان أجل موضوع المصالحة إلى زمن آخر. وشكل لقاء الوفاء لذكرى المرحوم الحاج على المانوزي مناسبة استحضر فيها المشاركون مسار مقاوم ومناضل سياسي مغربي كرس حياته لخدمة قضايا الوطن لتحريره من قبضة الاستعمار وقضايا المواطنين لتمكينهم من حقوق المواطنة الكاملة. مسار مطبوع بالعطاء المستمر خلال كل مراحل ومحطات تطور المغرب المعاصر. وقال صلاح الدين المانوزي، في هذا اللقاء الذي تميز بتوقيع النسخة العربية من كتاب «سنوات الرصاص: يوميات أسرة مغربية 1913 1999 » للمؤلفة الهولندية سيتسك دوبور والمترجم محمد السعدوني والناشر عبد الغني أبو العزم، أن كل العناصر في حالة اختفاء الحسين المانوزي لبلوغ الحقيقة متوفرة، سواء منها العناصر المادية وشهادات الأحياء. لقد أكد صلاح الدين المانوزي، خلال هذا اللقاء، الذي تميز أيضا بتقديم أحمد حبشي كتاب أشغال ندوة «الذاكرة والتاريخ، جذور العنف بين السلطة والمعارضة» لمركز محمد بن سعيد أيت ايدر للأبحاث والدراسات، صمود واستمرار العائلة على نهج الوالد المرحوم الحاج علي المانوزي. وفي هذا الصدد أكد أحمد حبشي باسم مركز محمد بن سعيد أيت ايدر للأبحاث والدراسات، على أن عائلة المانوزي كانت دائما حاضرة في كل اللحظات التاريخية للمغرب المعاصر، مضيفا في السياق ذاته أن عائلة المانوزي كانت أيضا حاضرة أو عابرة كاسم أو حالة في كل المحاكمات المرتبطة بالتاريخ النضالي للمغرب والمرتبطة بالاختفاء القسري. وأشار أحمد حبشي، خلال هذا اللقاء التي تميز بلحظة شعرية من خلال إلقاء صديقة العائلة والشاعرة أمينة صابر لقصيدة شعرية للشاعر المغربي المقيم في فرنسا محمد المباركي، إلى أن كتاب أشغال ندوة «الذاكرة والتاريخ، جذور العنف بين السلطة» مساهمة من المركز لتدوين النضال المغربي وفرصة للنقاش حول ما أنجزه المناضلون وعن ما قدموه من تضحيات في تاريخ المغرب المعاصر. لقد رحل الحاج علي المانوزي عن هذا الوطن منذ سنة وفي قلبه غصة، لقد كانت أمنية هذا المقاوم والمناضل السياسي أن يترحم على قبر ابنه المختطف الحسين المانوزي أملا منه في أن يتصالح المغرب مع ماضيه. غير أنه بالرغم من رحيل الحاج علي المانوزي، الذي لم يجعل من قضية ابنه الحسين المختطف قضية شخصية، بل حرص باستمرار على اعتبارها قضية الوطن والمواطنين، فمعركة الحقيقة مستمرة بالنسبة لعائلة الحاج علي المانوزي. فقد أدى الحاج علي ورفاقه في النضال ضريبة عالية لحثهم على التخلي عن هذا الإلتزام بقضايا الوطن والمواطنين من اختطاف وتعذيب وإعدام خارج القانون والحرمان من التنقل ومن الأرزاق.. وبالرغم من ذلك، يقول صلاح الدين المانوزي، واصل الحاج علي المانوزي مشواره دفاعا عن الحقيقة والإنصاف والعدالة. «لن نتخلى عن وصية الحاج علي»، يقول الابن صلاح الدين المانوزي، «نحن عازمون على الاستمرار في المعركة التي كرس لها جزءا كبيرا من حياته»، قبل أن يستطرد في كلمته، أن المقاوم والمناضل السياسي الحاج علي المانوزي «كرس سنواته الأخيرة، ورغم أوضاعه الصحية، للدفاع عن حق ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في عدالة منصفة، في عدالة تضمن للمغرب ولوج فضاء الحقوق كما هي متعارف عليها دوليا». فقد جددت عائلة المناضل المرحوم الحاج علي المانوزي، التأكيد على أن معركة الحقيقة التي تقودها عائلة مستمرة لفك لغز الاختفاء القسري للحسين المانوزي. وهكذا تنخرط المؤلفة الهولندية سيتسك دوبور، التي تعرفت لأول مرة على الحاج علي وزوجته خديجة في عام 1995 أثناء زيارتها لهما رفقة ابراهيم المانوزي من روتردام، في معركة عائلة المانوزي لفك لغز اختفاء الحسين المانوزي. وقالت سيتسك دوبور في كلمة لها بالمناسبة، «أنا بدوري أعيد وأكرر موقف العائلة، إذا ارتكب الحسين جناية، يجب أن يحاكم محاكمة عادلة. وإذا مات فنحن نطالب برفاته حتى ندفنها كما تقتضيه الأعراف. إذا قتل فنطالب بتقديم المسؤولين عن موته إلى العدالة ومحاكمتهم، في جميع الأحوال نريد معرفة الحقيقة، والحقيقة الكاملة». وشاركت المؤلفة الهولندية سيتسك دوبور الحضور بعضا من ذكرياتها مع المرحوم الحاج علي المانوزي، كاعتراف وتقدير للصمود الذي أبان عنه رغم تعب السنين من أجل الكشف عن مصير ابنه الحسين، وأضافت، في سياق متصل، كان الحاج علي المانوزي، رحمه الله، واثقا ومقتنعا للغاية أن أبنائه وابنته، وإخوته وأحفاده سوف يستمرون في نفس الطريق حتى تكشف الحقيقة الكاملة عن مصير الحسين ويطوي ملفه بطريقة عادلة ومنصفة. فقد فكرت سيتسك دوبور، التي أنجزت بحثا لنيل الإجازة في شعبة الدراسات العربية بجامعة أمستردام حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، وتناولت حالة الحسين ورفاقه كنموذج لتلك الوضعية، في إنجاز كتاب حول ظروف الاختفاء القسري للحسين والتاريخ للعائلة. وقالت سيتسك دوبور اقترحت على الحاج علي المانوزي وإخوته وأبنائه فكرة الكتاب، و أضافت «رفض الحاج علي عرضي في بداية الأمر، وقال لي «قضيت حياتي كلها في الجحيم، ولا أريد أن أعود إليه مرة أخرى من أجل كتاب». غير أنه تراجع عن رفضه فيما بعد بفضل جهود أبنائه الذين أقنعوه بجدوى العمل الذي أنوي القيام به. من جانبه أشار الدكتور عبد الغني أبو العزم إلى أن الذكرى الأولى لرحيل المناضل الفذ الحاج علي المانوزي تتزامن مع صدور الطبعة العربية لكتاب «سنوات الرصاص، يوميات أسرة مغربية، ترجمة محمد سعدوني. وأوضح الناشر عبد الغني أبو العزم أن كتاب «سنوات الرصاص: يوميات أسرة مغربية 1913 1999 » يتضمن مروياته وحكاياته كما رواها وحكاها المرحوم الحاج علي المانوزي للكاتبة الهولندية سيتسك دوبور، كتاب شهادة، شهادة موثقة، عميقة الأثر، قوية العبارة، غنية بدلالاتها التاريخية. ويسجل هذا الكتاب، يقول الدكتور عبد الغني أبو العزم، إرهاصات الحاج علي المانوزي، ومعاناته منذ طفولته، مروراً بفترة الشباب، ووصولا إلى مرحلة الشيخوخة، وخلال هذا العمر الشامخ، يوثق بصفاء ذهني وذاكرة تأبى نسيان الكثير من الأحداث الكبيرة التي عرفها تاريخ المغرب المعاصر، مبرزاً بتواضع حجم الدور الذي قامت به الأسرة المانوزية، سواء من أجل التحرر من الهيمنة الاستعمارية، أو من أجل النضال الوطني والديمقراطي، وإحقاق حقوق المواطنة. وأضاف الدكتور عبد الغني أبو العزم أن هذا الكتاب يؤرخ نضال جيل ما قبل الاستقلال، وما بعده، جيل حنكته مختلف التجارب المثقلة بالمرارة والاستماتة، والمشبعة بالتفاؤل والتشاؤم، والملتفة بالأمل واليأس، ولكون هذا الجيل عاش في خضم كل المعارك الكبرى والصغرى. وقال الدكتور عبد الغني أبو العزم لقد انبثق من هذا الجيل رجل شعبي، عصامي التكوين والنشأة، رجل محنك وصبور، ذو نفس ممتد في الزمن الأطلسي، بعيد النظر، صلب في مواقفه، متشبث بها، لا يعرف لومة لائم، عنيد في لحظات الحسم، ولأنه فوق هذا وذاك متشبع برؤية مستقبلية لما ينبغي أن يكون عليه مغرب اليوم، ومرتبط بها إلى آخر رمق. وأضاف الدكتور عبد الغني أبو العزم لقد ترك، المرحوم الحاج علي المانوزي، هذا الرجل المحنك بصماته البيولوجية ذات الأصول الشعبية الآتية من عمق جبال الأطلس الشامخة، وكأنه يحاكيها بما يقابل شموخها، وقد رسخها بإرثه النضالي، إرث لا يضاهي، بصبره واستماتته، إرث يضاف إلى ذاكرة تاريخ المغرب في أدق مراحله. وقال الدكتور عبد الغني أبو العزم أن الكاتبة سيتسك دوبور سعت بمنهجيتها إلى سبر أغوار شخصية الحاج علي المانوزي للكشف عن خبايا ومكامن ذاكرته وهو في مرحلة التسعينيات، ولتغوص في ذاكرة النسيان لإحيائها، لكي تنقل إلينا مساراته النضالية بمعية أفراد أسرته المتشبعة بالنضال الوطني.