اختتمت عشية أمس، أشغال المؤتمر الدولي الثالث للتمويل الفلاحي والقروي، المنعقد منذ الخميس بمراكش، وقد أجمع المشاركون على أن الأمن الغذائي بات رهينا بمدى استعداد المؤسسات المانحة لدعم الانتاج الفلاحي وتأمين الاستقرار للمزارعين في العالم القروي. وتأكد من جلسات هذا المؤتمر أن البنوك والصناديق الممولة للقطاع الفلاحي في دول شمال افريقيا والشرق الأوسط ستتوصل من خلال تبادل التجارب والخبرات إلى خيارات وحلول جديدة، تمكن من مواجهة تحديات الظرفية الراهنة ومن تكريس خيارات الملتقيين السابقين القائمة بشكل خاص على الربط بين تمويل صغار الفلاحين وسكان الوسط القروي وبين التغلب على مخاطر المجاعة من منطلق أن أنشطة صغار الفلاحين تشارك بشكل جوهري في إنتاج الغذاء وفي محاربة الفقر في المناطق الأكثر استيعاباً للفقراء. وهذا الطرح هو ما أكد عليه وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش عند افتتاحه لهذا المؤتمر الهام الذي جمع العديد من الخبراء في هذا قطاع ، حين اعتبر أن التمويل القروي والفلاحي يشكل ، أكثر من أي قطاع آخر ، رافعة أساسية لخلق الثروات. وذكر أخنوش بارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية وبتأثير هذا الارتفاع على خيارات السياسيين الذين صاروا يتخذون من الفلاحة احد المحاور الأساسية في السياسات الرامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية، والرفع من معدلات النمو، وبالمناسبة عرض أهم توجهات مخطط االمغرب الأخضر الذي انطلق منذ سنتين ونوه بالدور الذي يلعبه القطاع البنكي، وخاصة منه مجموعة القرض الفلاحي، في تمويل القطاع بقيمة 20 مليار درهم حتى متم سنة 2020. وفي نفس السياق اعتبر أن علاقات الشراكة بالمغرب عرفت تحولا نوعياً، إذ تم خلق موجهات تمويلية جديدة تهم صغار الفلاحين ومختلف الأنشطة الممارسة بالوسط القروي، وتلائم الواقع القروي والفلاحي وهذا ما يفرض التوفيق بين الدور الجوهري لخلق المنافع وبين الحاجة الملحة إلى البحث عن أنجع السبل لتدبير المخاطر. أما رئيس المجلس الاداري للقرض الفلاحي طارق السجلماسي فاعتبر أن المشاركين الذين هم بمثابة عائلة واحدة، عليهم مواجهة ثلاثة تحديات: التحدي الأول يتعلق بالأزمة الاقتصادية العالميةالتي أفرزت صعوبات ومخاطر جديدة، وفرضت التفكير في صيغ جديدة تؤمن تأمين ولوج التمويل لصغار المنتجين. التحدي الثاني يتعلق بالأزمة الغذائية، فرغم أن هذه الأزمة لم تصل بعد، إلا أن بوادر قدومها متعددة وهي نتاج مشاكل هيكلية معززة بمشاكل طارئة كالتقلبات المناخية. التحدي الثالث يتعلق بالتنمية المستدامة في المجال البيئي من خلال مواجهة ندرة المواد الأولية، وخاصة منها الماء. ولمواجهة هذه التحديات، دعا السجلماسي البنوك والصناديق إلى مواكبة الخيارات السياسية مع مراعاة المعايير الدولية المتشددة التي تزيد من تعقيدات التعاملات المالية. وإذا كان وزير المالية التايلاندي كورن شاتيكافانيج قد ذكر بخلاصات ملتقى الدورة الثانية المنعقدة في بانكوك سنة 2007 وبملتقى دورة اديس أبابا بإثيوبيا سنة 2005 ولاحظ أن معدل الفقر في بلاده تراجع من 11 إلى 8 % بفعل تحسين علاقات التمويل في الوسط القروي، وبفعل مواصلة الجهود لمحاربة الأمية وللتغلب على مشاكل التمويل والتسويق ، فإن رئيس القرض الفلاحي الفرنسي كارون ريني الذي يشغل في نفس الوقت منصب رئاسة المنتدى، بادر إلى اعتبار أن المشكل الحقيقي يكمن في أن التنمية الفلاحية تقتضي التوفر على الاستقرار بينما السوق الاقتصادية غير مستقرة، فحل الإشكالية المطروحة يمر بالضرورة عبر الخيارات السياسية، وعبر تمكين صغار المنتجين من المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة. الجلسة الافتتاحية اختتمت بكلمة حافظ معياد رئيس صناديق القرض الفلاحي بالشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي أشاد بتجربة القرض الفلاحي المغربي في مجال تمويل الأنشطة الفلاحية والقروية، وشكر كل الجهات التي ساعدت على تمكين مؤسسات التمويل من تلبية حاجيات العديد من الفلاحين، وأوضح أن ملتقى مراكش سيكون مناسبة لعقد عدة اجتماعات تنظيمية بما فيها تجديد المكتب التنفيذي، وبالنسبة إليه فإن البنوك والصناديق الزراعية لعبت دوراً كبيراً في في التمويل، وإدخال التكنولوجيا والمساهمة في البحث الزراعي، ولكن هناك معيقات ما هو سياسي فيها أكثر مما هو اقتصادي، وعلى ضوء ذلك دعا إلى خروج التمويل من قوقعة النظرة التمويلية ليتحول إلى تمويل للتنمية المستدامة.