تطور أسلوب الحياة المتمدن والعصري أملى على الإنسان، ليس الأمريكي أو الأروبي لوحده فقط، بل حتى المواطن المغربي، الخضوع لعدة متغيرات للتماشي مع وتيرة الحياة اليومية السريعة، التي كانت لها عدة انعكاسات من بينها تلك التي تهم صحته، بالنظر إلى أسلوب التغذية الذي أصبح متبعا، حيث كثر الإقبال على الوجبات السريعة التي تتميز بسعرات حرارية أكبر، لكن مع حركة ومجهود أقل للأشخاص، وهو ما أدى إلى ظهور عدة أمراض وعلل ومن بينها السمنة المفرطة التي تشير الإحصائيات العالمية إلى أن أكثر من 30% من تعداد سكان العالم مصابة بهذا المرض، الذي ترتفع وتيرة الإصابة به يوما عن يوم. لتسليط الضوء على المرض وعلى أحدث الطرق العلاجية التقت «الاتحاد الاشتراكي» الدكتور «ريشار أبيتان» اختصاصي في جراحة الجهاز الهضمي، الغدد والشرايين والسمنة، وأجرت معه الحوار التالي : - بداية ما المقصود بالسمنة المفرطة، ومتى يمكن الحديث عنها ؟ - طريقة أكل المغاربة أصبحت هي نفسها الطريقة الغذائية بالنسبة لمواطني أروبا وأمريكا، من حيث الإقبال على السندويشات، الأجبان وعدد كبير من المأكولات التي تتسم بارتفاع السعرات الحرارية، وقد أفرزت كثرة الأكل وطريقته عدة أمراض من بينها السمنة المفرطة، التي يتم قياسها بميزان السمنة المسمى IMC المتمثل في الميزان/الطول ( مربع )، بحيث أن الإنسان الطبيعي لديه أقل من 25 IMC، وما بين 25 و 30 كيلوغرام، فإننا نتحدث عن وزن زائد، أما ما بين 30 و 35 آنذاك يتم الحديث عن السمنة، لكن حين يفوق الوزن الزائد 35 كيلوغراما، فإن الأمر يرتبط بالسمنة المفرطة، والتي لايمكن علاجها بالريجيم، لكونه لايمكن أن يؤدي في أقصى تقدير إلا إلى تخسيس 10 كيلوغرامات، سرعان ما تعود للظهور وبوزن أكبر. ما هي خطورة السمنة المفرطة ؟ - مشكل السمنة المفرطة غير مرتبط بالتجميل، عكس ما يعتقد الكثيرون، وإنما هو مشكل حياة، لأن السمنة المفرطة تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض من بينها داء السكري، الضغط الدموي، القلب، النهجة، برودة الركبة، الأمر الذي يؤدي إلى تقليص أمل الحياة، بحيث لايتجاوز معدل السن 65 سنة، فضلا عن كثرة الإصابة بالأورام السرطانية، أضف إلى ذلك التسبب في العقم بالنسبة للنساء. - بالنظر إلى خطورة مضاعفات السمنة المفرطة ما هي تقنيات العلاج المتاحة ؟ - هناك 3 تقنيات للعلاج بالمنظار وهي على الشكل التالي : 1 - الجراحة بالخاتم وهو من السليكون، حيث يتم إحكام فم المعدة لإيقاف الأكل حتى يحس الشخص بالشبع، وهذه التقنية الميكانيكية تمكن من تقليص الحجم الزائد بنسبة 50 في المائة على مدى سنة واحدة، ولنجاحها يجب أن تستعمل لمن هم أقل من 40 سنة، والذين يستطيعون الحد من أكل السكريات، مع ممارسة الرياضة، على ألا يتجاوز ميزان السمنة 40، آنذاك يمكن لهذه العملية التي تتم بواسطة المنظار في مدة لاتتجاوز 40 دقيقة وتتطلب يوما للاستشفاء . 2 - التقنية الثانية وهي أمريكية وتدعى «سليف»، تتمثل في إزالة 50 في المائة من المعدة بشكل عمودي، وتمكن من الحصول على معدة صغيرة تشبع بسرعة، لكون الجزء المزال يوجد به في الجزء العلوي من المعدة هرمون خاص بالشهية يسمى « كريلين» مما يؤدي إلى نتائج إيجابية لتقليص وزن المريض. وتستعمل هذه التقنية الميكانيكية والهرمونية التي تدوم ساعة ونصف من الزمن وتتطلب أربعة أيام للاستشفاء، وتتميز بكونها لاتدخل جسما غريبا إلى جوف المعني بالأمر، بالنسبة للأشخاص الذين يتجاوز سنهم 40 سنة، وميزان السمنة يشير إلى أنهم يتوفرون على أكثر من 40 كيلوغراما زائدا، ومولعين بالسكريات، وهي تمكن من تقليص 70 بالمائة من الوزن الزائد. 3 - أما التقنية الثالثة فتدعى «باي باس»، وتعتمد على تجزيء المعدة إلى جزئين على المستوى العمودي دون التخلي عن أي جزء، إذ يتم استعمال الجزء الأصغر من المعدة عن طريق ربطه بالمعي الصغير، ويتم تعطيل الجزء الأكبر والاحتفاظ به دون استعماله. وتستعمل هذه التقنية بالنسبة للأشخاص الذين يتجاوز سنهم 40 سنة، ويتجاوز ميزان السمنة لديهم 40 كيلوغراما، ولايمكنهم التخلي عن السكريات، كما يمكن استعمالها كذلك عند الأشخاص الذين ميزان السمنة عندهم يتراوح ما بين 32 و 40 ويعانون من داء السكري، وهي تتطلب تدخلا جراحيا لمدة ساعتين ونصف، و 5 أيام كمدة للاستشفاء، وتعمل على تقليص الوزن الزائد على مدى سنة بنسبة 70 في المائة.