دوار الحلالة بسلا، يعيش سكانه الذي يبلغ عددهم حوالي 1000 نسمة؛ ظروفا اجتماعية قاسية جراء مشاكل لا تحصى، عزلة الدوار.. والفقر المدقع المنتشر، و غياب الماء الصالح للشرب وقنوات الصرف الصحي، و الطرق غير المعبدة ؛ و بعد الخدمة الصحية ، و التمدرس الذي لايتجاوز في أحسن الأحوال المستوى الإبتدائي ، والمعبر الأرضي المهمل... إنه واقع دوار الحلالة البئيس ؛ الذي يصيح سكانه ألما بضرورة لفت الإنتباه لجسر بني بعيدا عنهم؛ هم في حاجة إليه لعبور سكة القطار، و أيضا بأولوية فتح مركز تابع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أنشئ لأطفال الدوار بقي مغلقا منذ بنائه. إنها أصوات حزينة ترتفع هنا بالدوار؛ لسلاويين فقدوا كل شيء في بيئتهم الإجتماعية تلك، فقدوا؛ الكرامة و عزة النفس و الثقة في الوعود؛ و فقدوا الأمل؛ في واقع مرير لا ينتج سوى الخمول و الإنتظار و القلق. يقول إلياس السعداوي 25 سنة : « نكوليك أخويا هنا راه بنادم ماعندوش مناش ، الأغلبية ما خدامينش ، غا تايديباني بنادم وصافي » ويضيف : آه و لمشكل لكبير هو حنا معزولين أخويا ، لا قهاوي لا سبيطار لا فين تخرج ، شي حاجا سميتها الترفيه ما كايناش فلقاموس ديالنا هنا » . عبارات من شاب قاطن بالدوار تعكس مشكلة البطالة المنتشرة ؛ و عزلة الدوار عن المرافق العمومية ، إنه الدوار الذي لا تقتصر نشأته و أسبابها ؛ على الفقر وحده ، بحيث أن نشأة دوار الحلالة ، إلى جانب نشأة دواوير أخرى بسلا ؛ ارتبطت بجملة من الأسباب ، قد يحصرها البعض في الهجرة و الزحف إلى المدينة ، لكن ولوجنا إلى قلب دوار الحلالة ، صادفنا فيه بمدخل الدوار نقشا لطابع مخزني على جدار إسمنتي موقع في سنة 1962 ! ، بحيث أكد لنا العديد من قاطني الدوار أن لبنات بروز الدوار الأولى تتعلق بمنح السلطة سنة 1962 ثلاثين مسكنا شبه عشوائي مولتها إحدى المنظمات الأجنبية لأسرهم ؛ التي كانت وقتذاك قادمة من قرى الغرب ألبرج؛سكاء إلى مدينتي الرباط و سلا ، ليتوالى بعد مرور السنين التوافد على الدوار من هنا و هناك بشكل مهول ليكون إسم الحلالة إسما لدوار يعاني سكانه الفقرو العزلة عن مرافق المدينة و الضيق ، و مشكل قرب سكة القطار من الدوار ، فالذهاب من دوار الحلالة إلى حي الجزارة مثلا أوموقف الحافلات للتوجه إلى وسط مدينة سلا يتطلب عبور السكة ، و هذا ما يدفعنا إلى التحدث عن الجسر الذي بني قبل سنتين على بعد مسافة تتجاوز ال 500 متر من الدوار ، بحيث أن اعتماده للعبور شيءيعتبره السكان مهمة شاقة ومكلفة بسبب بعده ؛ وهو ما يجعل سكان دوار الحلالة يعبرون فوق السكة راجلين بانتباه سرعان ما يزول مع الوقت و مع كثرة الهموم التي تتربص بهم ، ،يقول غ.ج 40 سنة : « هاداك لباساج اللي بناوه خاصك تسافر باش تمشي ليه أخاي وهنا بنادم عاود عايش فلهم و كاين اللي مريض وزيد بنادم اللي كبير فالسن راه ما يقدروش يطلعو فيه » .وأمام واقع بعد الجسر المذكور عن ساكنة الدوار تبقى هذه الأخيرة إلى حدود اليوم لا تستخدم الجسر، والذي بني بعد حوادث قطار عدة ! ، بحيث كلف بناءه مم ملايين السنتيمات ؛ دون الأخذ بعين الإعتبار ضرورة قربه من الساكنة حتى تكون هناك إمكانية استعماله ، لينتج عن ذلك أن يصير غير مستعمل لعبور السكة و مكانا محببا لمدمني الحشيش . و بدوار الحلالة بسلا القائم على مساحة تقدر ب 7000 متر مربع و المتموقع على بعد 7 كلمترات من وسط المدينة في اتجاه مدينة القنيطرة ، جل الطرق غير معبدة ؛ فمياه الأمطار التي ليس لها من المجاري كي تنفذ ، تتجمع بمعبر السيارات الأرضي وتعيق مرور السيارات و الدراجات النارية منه بشكل طبيعي. فهو إذن مشكل غياب المجاري الذي يدفع بساكنة الدوار إلى وضع أكياس مملوءة بالرمال أمام أبواب براريكهم ، حتى لا تجتاحهم مياه الأمطار عند نزولها والتي ليس لها من منفذ ، لينتج عن ذلك خاصة في أشهر فصل الشتاء ؛ توزع برك الوحل على أطراف الدوار و انتشار الروائح الكريهة . و استكمال أبناء دوار الحلالة تعليمهم الإعدادي و الثانوي بعد تلقيهم المستوى الإبتدائي بابتدائية سيدي عبد الله المتواجدة بالمكان ؛ أمر يستوجب توجههم إلى بوقنادل أو سلاالمدينة و هذا ما يزيد من ميزانية الدراسة في شكل مصاريف النقل التي تصل إلى 300 درهم في الشهر و التي لا قدرة لأبناء الدوار على دفعها ؛ و بالتالي التوقف عن الدراسة عند المستوى الإبتدائي ؛ هذا في الوقت الذي يعيش فيه قاطنو الدوار ظروفا مزرية ؛ و لا يوجد بينهم أي مركز صحي أو مستوصف بالدوار ؛لعلاجهم وقت المرض ، مما يدفع سكان هذا الأخير إلى التوجه إلى مستشفى الأمير مولاي عبد الله الذي يعتبر التوجه إليه عند المرض أمرا يتطلب مجهودا أكثر من اللازم بسبب بعد مسافة الوصول إليه . و سكان دوار الحلالة ، لا يدفعون فاتورة الكهرباء و الماء ، فالتيار الكهربائي تتم الإستفادة منه من أحد أعمدة الإنارة المجاورة للدوار، وقد لاحظنا الإستعمال المفرط للأجهزة الكهربائية ، يقول سعيد الحسون 28 سنة : حنا عدنا هنا بزاف ديال الناس تايديرو كلشي بضو، الطياب بالضو و تلفازا و .........، داكشي علاش مرة ، مرة تايطيح ديجونكتور ، أما الماء ؛ فبالدوار قرب مسجد سيدي عبد الله يتواجد بئر مسيج ، يعتبر المصدر الوحيد لتزويد الساكنة بمياه غير مصفاة يشرب منها الشيوخ و الشبان ، و أطفال الدوار أيضا ، الذين لم يطاوعهم القدر أن يعيشوا طفولتهم في الرياضة و الألعاب و الإبداع و الرسم و الدراسة و ما إلى ذلك ، و كانت نتيجة قدرهم هذا أن يعيشوا طفولة مشردة ؛ بطعم الألم و المعاناة والضياع ، إنهم أطفال استهدفتهم التنمية البشرية ببناء مركز متعدد الإختصاصات تابع لها بالدوار حاله أنه مغلق ومهمش منذ بنائه قبل سنة ونصف إلى يومنا هذا ، إذ كان قد التقى مسؤولوه قبل شهرين بالساكنة و سجلوا 60 طفلا ، على أساس أن المركز سيفتح أبوابه لأطفال الدوار بعد شهر من تسجيلهم و هو الأمر الذي لم يحدث إلى حد وقتنا هذا . دوار الحلالة بمدينة سلا ، صورة من صور التخلف الذي ينخر جسم مجتمعنا ، وموطن من مواطن الفقر و البؤس و اليأس بسلا ، كرامة غائبة ؛ ضمن واقع متأخر يعكس تراكم أعوام من الفشل في السياسات المدينية والإقليمية التي تعاقبت على سلا..