ترأس جلالة الملك محمد السادس مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل ، عشية يوم الاثنين بمسجد محمد الخامس بمدينة أكادير ، درسا دينيا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، ألقاه الأستاذ أحمد رمزي، عضو المجلس العلمي الأعلى. وتناول المحاضر بالدرس والتحليل موضوع «الطب وبعض قضاياه المستجدة في ضوء الأخلاق وضوابط الشريعة الإسلامية»، انطلاقا من قوله تعالى « ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» . صدق الله العظيم. ترأس جلالة الملك محمد السادس مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل ، عشية يوم الاثنين بمسجد محمد الخامس بمدينة أكادير ، درسا دينيا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، ألقاه الأستاذ أحمد رمزي، عضو المجلس العلمي الأعلى. وتناول المحاضر بالدرس والتحليل موضوع «الطب وبعض قضاياه المستجدة في ضوء الأخلاق وضوابط الشريعة الإسلامية»، انطلاقا من قوله تعالى « ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» . صدق الله العظيم. وأبرز المحاضر أن مدار هذا الحديث هو صون كرامة الانسان فيما استجد في الطب من قضايا تمس الانسان في كيانه الجسدي والنفسي لما للإنسان من مكانة خاصة يجب أن تراعى سواء في حالة صحته ومرضه أو في حياته ومماته. وتطرق في درسه الى تاريخ الطب في الاسلام، وانتقال الطب الاسلامي الى أوروبا وتفوق الطب الاوروبي نتيجة تقدم العلوم المواكبة وموقف الاسلام من العلوم الطبيعية وطريقة تعامله مع عامل الاجتهاد في الطب. كما تناول المحاضر أربعة قضايا مستجدة، وتتمثل في زرع الاعضاء والبصمة الجينية وما يسمى بالموت الرحيم والاجهاض. وتوقف عند تفسير الاية الكريمة التي انطلق منها، مبرزا أن التكريم معناه ان الله جعل الانسان نفيسا في صورته، بينما يراد بالتفضيل تمكين الانسان من الهيمنة بحيلته على المخلوقات الاخرى، مضيفا أن عظمة هذه الاية تبرز عند ربطها بالطب الذي قوامه العناية بالانسان وصون كرامته في جسده ونفسه وقاية وعلاجا ومعاملة. وقال إن أحاديث كثيرة رويت عن الرسول (صلعم) تحث على الوقاية من الامراض وتحض على العلاج وأخذ الادوية، مشيرا الى أن العلماء جمعوا الاحاديث النبوية المتصلة بالطب وسموهاالطب النبوي. وأبرز أن احتراف الطب في عهد ازدهار الحضارة الاسلامية كان مقيدا بقواعد أخلاق الطب سميت بأدب الطبيب اي ما يسمى اليوم بأخلاقيات المهنة، مشيرا الى ان مهنة الطب كانت تابعة لنظام الحسبة حيث كان المحتسب يأخذ العهد من الاطباء ويراقب معاملة الاطباء لمرضاهم ويرفع للقاضي ما يقع من نزاع بين الطبيب والمريض. وذكر المحاضر بأن الطب كان يمارس بضوابط أخلاقية عامة أساسها العناية بالمريض والتأكد من مهارة الطبيب، أما اليوم فإن الاطباء والباحثين والمفكرين يتساءلون عن مستقبل الاكتشافات الطبية الحديثة المتصلة بالتصرف الجراحي والمختبري في جسم الانسان. واعتبر أن الاخلاقيات الحيوية أصبحت هما مشتركا، باعتبارها منظومة ثقافية وعقائدية يجب أن تصون كرامة الانسان وتحميه من الزيغ الناتج عن تقدم علوم الحياة التي قد تدفع المغامر الى التوغل في إنجازات طبية خطيرة باسم السبق العلمي أو الاعلامي أو قصد الربح المادي. ولمواجهة هذا الزحف العلمي والتقني المتصل بجسم الانسان، ذكر المحاضر بإنشاء لجان الاخلاقيات الحيوية في كثير من البلدان تتميز بخصوصيتها الثقافية والسياسية والاجتماعية والعقائدية في الوقت الذي تسند فيه هذه الاخلاقيات في البلاد الاسلامية الى المرجعيات الدينية، إذ هي التي تسهر على رعاية حقوق الله وحقوق العباد فلا تحل حراما ولا تحرم حلالا. ويرى المحاضر ، في هذا الصدد ، أن جسم الانسان لا يجوز التصرف فيه كيفما اتفق لانه ملك الله الذي خلقه وكرمه، ويرجع في هذا الى القران الكريم وسنة النبي والى اجتهاد علما ء الدين، مؤكدا على ضرورة ايلاء الاهتمام لجملة من القيم تتمثل في حرمة الانسان وصون الحياة مصداقا لقوله تعالى و «لاتلقوا بايديكم الى التهلكة» ، وأن الاضرار بالغير حرام احتراما لكرامة الانسان ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح والضرورات تبيح المحظورات، والاحسان الذي ينطوي على محبة الناس والتفاني في خدمتهم. بعد ذلك توقف المحاضر عند المراحل التاريخية لزرع الاعضاء، مشيرا إلى ان المرء يجد في الفتاوى الصادرة عن مؤسسات العلوم الشرعية خلاصات جيدة وهي أن أخذ عضو من جسم انسان حي وزرعه في جسم آخر مضطر اليه ، لانقاذ حياته أو لاستعادة وظيفة من وظائف اعضائه الاساسية ، هو عمل جائز لايتنافى مع الكرامة الانسانية بالنسبة للمأخوذ منه كما أن فيه مصلحة كبيرة وإعانة خيرة للمزروع فيه. واعتبر هذا العمل مشروعا وحميدا اذا توفرت فيه الشروط التالية: منها ألا يضر أخذ عضو من المتبرع به ضررا يخل بحياته العادية وأن يكون إعطاء العضو طوعا ، وأن يكون زرع العضو هو الوسيلة الطبية الوحيدة الممكنة لمعالجة المضطر ، وأن يكون نجاح كل من عملية النزع والزرع محققا في العادة أو غالبا وأن تتم عملية النزع والزرع مجانا لان عضو الانسان لايباع لأنه ملك الله وذكر المحاضر بأن الظهير الشريف المتعلق بالتبرع بالأعضاء والانسجة البشرية واخذها وزرعها أحاط بكل ما يتصل بزرع الاعضاء، بناء على الضوابط الشرعية كما تضمن أحكاما زجرية للمخالفين، مشيرا الى أن هذا الظهير وما تبعه من مراسيم وقرارات لا تترك المجال للعبث صونا لكرامة المتبرع بالعضو وكرامة المنتفع به. وأضاف أن ما تقرر في نص الفتوى التي هي رأي شرعي أصبحت له قوة القانون بعد صدوره من أسمى مؤسسة في البلاد، وهي إمارة المؤمنين وبذلك تتحدد المسؤوليات ويتدخل القضاء عند الضرورة. وبخصوص البصمة الجينية، أوضح المحاضر أن الاسلام حريص على صحة النسب بالنص القرآني علما بأنه تتم الاستعانة بالحمض الريبي النووي للتعرف على النسب، مبرزا أن الصبغة الجينية تفوق صدقيتها البصمة الاصبعية المعمول بها عادة. وفي ما يتعلق بالاماتة الرحيمة، أوضح ان المسألة من المنظور الاخلاقي والعقائدي تعد انتحارا بالنيابة وبالتالي حرمها الاسلام ، ومن ثمة فإن المسلمين يرفضون هذا النوع من الإماتة لانه بمثابة تدخل في العلاقة بين الخالق والمريض. أما بخصوص قضية الاجهاض، فأشار الاستاذ المحاضر إلى أن الكثير من البلدان غير الاسلامية أباحته إما لتحديد النسل او لأسباب ايديولوجية أو تعبيرا عن حرية الفرد في التصرف في جسده او خشية العار، مؤكدا بأن الموقف الشرعي في الاجهاض أن للجنين نفسا لها حرمة تزداد بنموه . وأوضح المحاضر أن موضوع الدرس يتوخى إبراز المنهاج الاصيل الذي اتبعه الاسلام في الاخلاق الطبية عامة، وإظهار الطريقة التي استطاع بها المسلمون المزاوجة بين العقيدة والقضايا الطبية المستجدة في السنوات الاخيرة، وذلك بفضل الاجتهاد الجماعي واستعانة علماء الدين بآراء الاطباء الذين أصبحوا في حاجة الى الاستعانة بأحكام الشريعة الاسلامية الغراء للسير بالطب على هدي كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد علماء الدين. وأضاف أن الاطباء مؤتمنون على صحة الناس وقاية وبحثا وصونا لكرامتهم ، وأن المرجعية الطبية من حيث البحث العلمي والعلاج وأخلاقيات المهنة تخص الاطباء. وإذا طرح عليهم أي إشكال من قبيل صون كرامة الانسان ورعاية حقوق الله وحقوق العباد وقول الشرع، فإنهم يرجعون فيه إلى من لهم الدراية بأحكام الشريعة حتى يسيروا على نهج الضوابط الموفقة بين حاجات الدنيا وبين شرع الله، وفي ذلك انضباط العمل الطبي وصلاح الامة واطمئنانها الاجتماعي والنفسي . وأكد الاستاذ المحاضر أن الله من على المغرب بإمارة المؤمنين كمرجعية للأمة لحل ما يعترضها من عويص المشكلات، مبرزا أن تدبير جلالة الملك لمسألة مدونة الاسرة خير مثال على الجمع بين رأي أهل الاختصاص وٍرأي النظر الشرعي لما فيه مصلحة المجتمع والامة وكذلك الشأن في ما يتعلق بمستجدات الشأن الطبي . ومن جهة أخرى، ترأس جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، بمسجد محمد الخامس بأكادير, حفلا دينيا كبيرا إحياء لليلة القدر المباركة. وبعد صلاة العشاء والتراويح ، رتل المقرئ الطفل حمزة الساحلي الفائز بالرتبة الأولى ل»جائزة محمد السادس الوطنية في حفظ وتجويد القرآن الكريم وترتيله»، آيات بينات من الذكر الحكيم ، ثم تقدم للسلام على جلالة الملك وتسلم الجائزة من جلالته. إثر ذلك ألقى الأستاذ حسن الشافعي من علماء الأزهر الشريف بمصر، الرئيس السابق لجامعةإسلام آباد الإسلامية، بين يدي جلالة الملك، كلمة نيابة عن العلماء المشاركين في الدروس الحسنية الرمضانية، أعرب فيها عن مشاعر شكرهم وامتنانهم لجلالة الملك مبرزا أن هذه الدروس تعقد في حضرة أمير المؤمنين، في بيوت الله تعالى، حيث يتلون كتاب الله ويتدارسونه في ما بينهم طيلة هذا الشهر العظيم مع أهل الذكر والفكر من علماء المملكة المعتزة بالإسلام الراعية لدعوته الوسطية. وأضاف أن دروس هذه السنة تميزت بميزات خاصة جلبت معها سعادة خاصة بعد السعادات والأفراح الروحية العاجلة والآجلة، ومنها موافقة العيد ال47 لميلاد جلالة الملك الذي شارك فيه العلماء الوافدون. وأشار الأستاذ الشافعي إلى ما لمسه العلماء من مظاهر تعلق الشعب الوفي بجلالته، وما لاحظوه من آثار النهضة البادية والصحوة الهادية والإنجازات في مجالات التنمية بمفهومها الشامل، وكذا ما شاهده العلماء من ثمرات هذه النهضة والصحوة في المجال الديني المتمثلة في إنجازات واضحة من بينها إحداث مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف بأقوم الطرق العلمية والوسائل الفنية. ومن هذه الميزات، يضيف الأستاذ الشافعي، الرعاية السامية المحمودة للدعاة والأئمة والعلماءالعاملين في إطار المجالس العلمية والدعوة الدينية بهدف بيان أحكام الدين الحنيف، بعيدا عن الأفهام المنحرفة، ومنها أيضا تبلور الثوابت المغربية في وحدة العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والمنهج التربوي الصوفي وإمارة المؤمنين، مضيفا أن العلماء الوافدين إذ يعربون عن عظيم الشكر لما لاقوه من رعاية سامية وتكريم صادق، «ليعاهدون جلالة الملك، في هذه الليلة المباركة المشهودة، أن يقوموا بواجبهم الديني الذي رسمه جدكم صلى الله عليه وسلم» . إثر ذلك، وشح أمير المؤمنين الأستاذ محمد الشياظمي الذي قام بترجمة معاني القرآن الكريمإلى اللغة الفرنسية بوسام المكافأة الوطنية من درجة قائد، والسيد محمد المعلمين الذي قام بتخطيط المصحف المحمدي، بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط. وبهذه المناسبة الدينية تم ختم صحيح البخاري من طرف الأستاذ محمد جميل مبارك رئيس المجلس العلمي المحلي بأكادير. حضر هذا الحفل الديني بالخصوص، الوزير الأول ومستشارو جلالة الملك وأعضاء الهيئة الوزارية، وسفراء الدول الإسلامية المعتمدون بالرباط، وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، والعلماء الذين شاركوا في الدروس الحسنية الرمضانية، ورؤساء المجالس العلمية والمنتخبون ورجال السلطة المحلية والإقليمية وشخصيات أخرى.