تنفتح التجربة الاخيرة للفنان التشكيلي محمد مرابطي على تقنييات تعتبر من أقدم وأعرق التقنييات الطباعية في تاريخ التشكيل بصفة عامة ، وانفتاحها هدا قد اكسبها رؤية اكتشافية جديدة لعناصر استنساخية أفرزتها عوامل كيمائية في علاقتها بفعل إبداعي غير مباشر ، آذاته أسندة من الزنك والحجارة المصفاة ، شكلت مرآة طبيعية فوق الورق المقوى كبصمات معكوسة بفعل الضغط و تعدد النسخات لكن ما آثار انتباهي أثناء مرحلة الانجاز هو انفلات هده النسخ من عامل التكرار شكليا لعامل التعدد الغير الممل على مستوى التلوين ، بمعنى آخر كل نسخة تتفرد باستقلاليتها اللونية المغايرة وتحددها نفس الأشكال وتحركها دوافع أبداعية بعين المبدع اللاقطة للمساحات الفارغة والمحددة بعيون سوداء والتي تشكل ملونا مائيا بتدرجاته المتناسقة والمتناغمة ، ولهدا يمكن اعتبار هدا ا لعمل بمكوناته ومفرداته وأدوات إنجازه مرحلة انتقالية ومدخلا جديدا لتجربة كرافيكية تجمع بين تقنيتين مطبعيتين متجانستين ( الحفرGravure والليتوغرافياLithographie ). وبما أننا بصدد محاورة ومجاورة آخر إنجازات الفنان مرابطي في هذا المجال سوف نحصر اهتمامنا في ما قد أفرزته هده التجربة كإضافة لمشروعه الفني، انطلاقا من تقنيات دشن بها رؤية جديدة في خدمة الموضوع، فالاحالة الممكنة مرتبطة بما هو تحولي في بعده التاريخي ، استنادا لأزمنة وأمكنة بدائية ( جدران الكهوف ) وتعاقبها لتصبح شاهدة على فعل توثيقي مرتبط بمرحلة معينة ، وبداية لاهتمام فني تطوري بمفهومه الابداعي ، اختزله الفنان مرابطي زمنيا في طريقة الانجاز وفي نوعية اختياره الروحاني للفضاء كمكان استلهامي (مراكش) بقمم أضرحته وجدرانه البني وألوانه الترابية ، مما أضفى على العمل نفحة شاعرية وتصوفا لونيا بتقلبات ضوئيةContrastes جمعت بين النور و العتمة. إن جل الاشكال التي تم توليدها في هده التجربة التقنية المختلفة لا تخضع لضوابط المنظور والابعاد بمفهوميهما الثاريخي التقليدي بقدر ما هي رؤية شخصية شاملة من زوايا متحركة نظرا لأحكامها من منطلق أحجام صغيرة متفاوتة مقارنة بأحجام الأقمشة التي وظفها الفنان في أعماله الصباغية مما يدل على تعدد إمكانياته وقدراته الابداعية في تفعيل وتحديد الخطاب التشكيلي كفكرة أساسية تجاوزت في تركيبها حدود الخطاب المضموني لخطاب تأسس على إمكانيات التوازنات المرئية والحسية وعلاقتهما بمفهوم الهوية. فمحدودية الالوان الشفافة واختزال الاسندة مرورا بالآلة الضاغطة كلها عناصر مترابطة وفاعلة في تطورات عمل الفنان الاخيرة بتحولها من عمل صباغي لعمل كرافيكي مع الحفاظ على أسلوب يتقاطع في مضمونه الشامل مع الطرح المفاهمي لتجربته برمتها، وفي الاخير يكون بهذا قد ساهم الفنان محمد مرابطي في طرح جزء من الاسئلة الاساسية على مستوى تعدد الاجناس التعبيرية ومدى إمكانياتها اللامحدودة إبداعيا. مدريد - اسبانيا