كان لتقديم دعم بقيمة 150 درهم في الشهر للأسرة الفقيرة، التي تلتزم بتعليم أطفالها وبإخضاعهم للمراقبة الصحية، أثر كبير علي الرفع من معدل التمدرس والحد من الهدر المدرسي، ومع أن النفقات الموجهة للدعم المباشر لا تمثل إلا حوالي 1/3 الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة، بينما الثلثين المتبقيين مخصصين لدعم أسعار المواد الأساسية، فإن ما تحقق من تجارب ميدانية شمل لحد الآن 166 ألف أسرة من 11 جهة وأكد أن توفير دخل قار، ولو في حدود 150 درهم في الشهر، يشكل بالنسبة للأسر الفقيرة موردا يمكن اعتماده كمدخل لمحاربة التوريث الجيلي للفقراء ولتحويل المدرسة الى محرك أساسي للارتقاء الاجتماعي. هذه المعطيات والأفكار وردت في الكلمة التي افتتح بها نزار بركة وزير الشوؤن الاقتصادية والعامة الندوة التي نظمتها و زارته صباح أول أمس بالرباط بتعاون مع المجلة ا لمغربية للإدارة المحلية والتنمية حول موضوع: »أفق إصلاح نظام المقاصة بالمغرب«. وبالنسبة للإصلاح المقترح عرض الوزير ثلاثة سيناريوهات: - الأول يبقى على النظام الحالي وهو أمر مرفوض لأنه يتنافى مع التزامات الحكومة وسيكون له أثر سلبي على الميزانية حيث سيتم تغليب الاستهلاك على الاستثمار. - الثاني يقوم علي حذف الصندوق وتوزيع غلافه المالي على الجهات أو تقديم دعم مباشر للفقراء، وقد لوحظ على هذا الخيار تسببه في ارتفاع الأسعار حيث سيرتفع سعر قنينة الغاز الى أزيد من 90 درهم ويرتفع سعر الغازوال صنف 50 ج.. إلى 9,30 درهم كما سترتفع فواتير الكهرباء، وهذا سيكون له وقع علي الطبقة الوسطى حيث أن حوالي 50% من الأسر المغربية يتراوح دخلها بين 2000 و6000 درهم - السيناريو الثالث، وهو الذي دخل حيز التنفيذ بشكل تدريجي منذ سنة 2008 يقوم علي الإبقاء على النظام الحالي مع حصر مستواه في 3 بالمائة من الناتج الداخلي الاجمالي الموازي للعجز المقبول، ومع تخصيص 2/3 قيمته لدعم الأسعار والثلث المتبقى للدفع المباشر المشروط بتعليم الأطفال وتأمين اخضاعهم للمراقبة الصحية. واستنادا إلى الوزير فإن الانتقال من نظام يكلف نفقات مالية باهظة ولا ينصف الفئات المعوزة الى نظام يؤمن التحكم في الأسعار يقتضي إصلاح تركيبة أسعار الدقيق الوطني والمنتوجات النفطية والسكر، كما يقتضي تفعيل عملية المراقبة وإسنادها في البداية لمهنيين متخصصين، ويقتضي كذلك وضع نظام معلوماتي لتتبع ملفات الدعم وإنجاز دليل المساطر الخاصة بالصندوق. لقد كانت طريقة صرف ميزانية صندوق المقاصة موضع انتقاد شديد استمر أكثر من عشر سنوات وكانت بعض البرامج الانتخابية قد دعت إلى تعويض النظام الحالي بنظام «الشيك الاجتماعي» الذي يحدد قائمة من يستحقون الدعم، و يحدد قيمة الشيك في حوالي 500 درهم في الشهر شريطة تعليم الأبناء وتطبيبهم، وإذا كان تخصيص 150 درهم في الشهر لكل أسرة قد أعطى نتائج اعتبرها نزار بركة ايجابية فقد يكون من المفيد التفكير بمنظور شمولي لرفع قيمة الدعم وعدد المستفيدين منه، فأداء 90 درهم مقابل قنينة الغاز لن يكون له أي أثر علي المطاعم الراقية التي ستستهلك عشرة أضعاف ما تستهلكه الأسر الفقيرة، كما أن بيع السكر بقيمته الحقيقية للمخابز العصرية سوف لن يؤثر على مداخيلها ولن يكون له أي وقع على التضخم. إنها مجرد أمثلة عن مواطن الخلل التي كثيرا ما ترددت في الملتقيات الخاصة بنظام المقاصة والتي تحتاج إلى من يفعلها لأن ذلك هو الطريق الأسلم نحو محاربة الحيف المتمثل في كون الأغنياء هم الأكثر استفادة من صندوق الدعم.