ماك گوين، الرقم 00889» أجبت. أمدتني الحارسة برسالتين عبر ثقب يوجد على جانب الباب الحديدي للزنزانة. إن الحراس يبدؤون دوما بطلب رقمك لأجل تفادي أن يمنحوا خطأ بريدك الى سجين آخر. أخذت البريد من يد الحارسة وترجلت خمس خطوات التي تفصل ما بين الباب والسرير حيث كنت أجلس قبل قدوم الحارسة. من الضروري أن تتساءلوا كيف أعرف عدد الخطوات الفاصلة ما بين الباب والسرير. آه، اعتقد أن كل سجين يعرف العدد عن ظهر قلب، خاصة إذاحدث، بين الفينة والأخرى، أن سرنا جميعا على ذات الارضية نعُدُ خطواتنا من نقطة إلى أخرى مرة بسبب القلق و آخر مللا. بعد أن جلست وفتحت ظرف الرسالة إن البريد الآخر كان فاتورة لإحدى المجلات وبدأت في قراءتها. كانت لأحد الاصدقاء الذي كنت أراسله منذ أكثر من عشرين سنة. إن كونور هو مراسلي الأول وأنا أناديه بأخي بسبب صداقتنا الطويلة والحب الذي يكنه الواحد منا للآخر دون احتساب اللحظات وتقلبات الزمن التي عشناها معا. في رسالته يقدم لي جديد أخبار الانشطة الرياضية وجديد أبنائه وعن مهنته ومهنة زوجته العظيمة وعن ما يختزنه المستقبل لهما ولي أيضا. يعمل دائما على ضمي إلى مشاريعه المستقبلية لهذا أنا أحبه، فهو يرفض أن يسمح لي يأن أتذمر. انه شخص لطيف، وكل قراءة جديدة لرسائله تثير ضحكي. وحكى لي في نهاية الرسالة كان يتبادل بشكل كبير رسائل إليكترونية مع جميع أصدقائي بخصوص الدفاع عني. وكونه لا يتوفر على كل التفاصيل، طلب مني أن أكون إيجابيا وأن أترك الاشياء تتخذ مجراها الطبيعي دون أن أنزعج بشكل كبير. طويت الرسالة وابتسمت في دواخلي لا لسبب إلا لتذكري كم أنا محظوظ لعدد الاشخاص المدهشين المحيطين بي في حياتي. اليوم الموالي، 2 أبريل. «ماك گوين، لديك زيارة من لدن محامك. استعد. أجبت «نعم، لقد سمعت. شكرا». انتظرت الحراس الذين سيرافقونني. الذين وصلوا وبدؤوا في تفتيشي وأخرجوني متقهقرا. حينما كانوا يضعون الأصفاد في يدي تسمرت في مكاني دون حركة لأجل أن أتفادي أن أصاب جراء انزلاقة أو سقطة. توجهنا صوب باب الخروج للبناية رقم 12، حيث يوجد سجناء ممر الموت. كان يوما جميلا ولطيفا. هواء عليل يهب على سيقان عشب حقل يفصل ما بين الطوار، المؤدي إلى قاعة الاستقبال اللقاء، والسور الأمني حيث يوجد برج المراقبة. دخلت قاعة الاستقبال وحدد الحارس لمرافقي معزلا يجب أن أتوجه إليه قصد الجلوس. توجنا نحو المعزل الذي حدد لنا. فتح الحارس الباب. دخلت، وانحنيت بعض الشيء وتقدمت لأترك مجالا لتلج يداي خارج باب دخول المعزل، من خلال فتحة مصممة لهذا الغرض ولأجل أن تمكن الحارس من نزع الأصفاد. حين وصلت إلى المكان حسث يجب أن أجلس لمحت دفاعي، طوني هوگتون، الذي كان يناقش أحد أصدقائي، جون ألبا، الذي أعرفه منذ 15 سنة وربما أكثر. لقد حدد لجون تاريخ لتنفيذ الاعدام وطوني يحاول أن يقوم بكل ما في إمكانه لأجل أن ينقد حياته. فأنا شخصيا وكل الذين يعرفون جون يصلون، منذ مدة من أجله ويتضرعون إلى الله من أجل أن يوفق طوني. لمحت مساعدة دفاعي التي كانت تتحدث إلى أحد أصدقائي أيضا. كلاهما دفاعي ومساعدته رفعا يدهما تحية لي ورردت التحية عليهما باشارة مماثلة وابتسامة. هكذا، جلست وانتظر. في النهاية عندما، توجها نحوي، أخذ كل منهما سماعة في الآن ذاته وبدءا يغنيان «أعرف شخصا حصل من القضاء على حريته [من ممر الموت]»، قلت لهما أن هذا مبهر، غير أنني طلب مزيدا من التوضيح «هل حصل جون ألبا على مراجعة لمحاكمته أم ماذا؟». فقال لي دفاعي أن الامر لا يتعلق بألبا. فسألته « الأمر يتعلق بمن، لأنني لم زفهم شيئا. فابتسما معا وقالا لي أن الامر يتعلق بي!. لا يمكنني أن أحكي لكم عن ما أحدثه هذا بداخلي فقد بدا كل شئ متوقف عن الحركة، وقالي لي دفاعي «علي أن أنهي حديثي إلى جون، وأعود لأشرح لك كل شيء بعد حين. رفع كفه ووضعها على الزجاج كي أتمكن من وضع كفي أنا زيضا عليها.. التحقت بي مساعدة دفاعي وبدأنا في مناقشة القرار الذي اتخذته المحكمة. طلبت مني إذا ما كنت أود طعاما. فقلت لها أنني أريد سندويشا وشرابا فغادرت بحتا عن ما طلبته. عادت فبدءنا في مناقشة الأمر، غير أنه يبدو أنها لم تكن على علم بكل شيء و كانت تفضل أن تترك طوني يقدم لي كل الشروحات. لقد قضينا معظم الوقت نتحدث عن أمور السياسة والاصلاح الجديد للنظام الصحي الموقع من قبل الرئيس أوباما، كما ناقشنا عددا من الاحداث الراهنة. وصل طوني، جلس فأراد أن يتعرف ما الذي أحسه من جراء هذه النتيجة. فقد قلت له أنني جد مسرور، غير أنه في ذات الآن سزبقى متواضعا لأنني أخذت علما بطول ما تبقى من مسافة الجبال التي يجب تسلقها، والحواجز التي يجب تجاوزها وبعضا من الشكوك التي يجب تبديدها. بالطبع أود ، أن انتشي بالقرار غير زنني لا أود أن أظهر ذلك، لأنه بجانبي جون ألبا، الذي يمكن أن توافيه المنية بعد شهور. قلت له أن كل شيئ من حولي، تمة زشخاص حددت له تواريخ لتنفيذ الاعدام في حقهم وآخرون ينتظرون تلقيها، غير أنني حقا ممتن كا هو الأمر بالنسبة لدفاعي السابق، بول لكل العمل الذي أنجزوه لأجل الدفاع عني. كا أود زيضا زن أتقدم بالشكر إلى كل الأصدقاء الذين آزروني و الذين ظلوا أوفياء لي طيلة فترة المحنة القضائية، وكل أولاء الأشخاص الذين تحولوا إلى تربة أنبت فيها جدوري لأجل مساندي حين كانت رياح الشك تواجهني. كل هؤلاء الأشخاص يستحقون هذا النصر، كل الذين كاتبوني وكل أولائك الذين بعثوا إلي بحبهم وبصور أسرهم وصور حيواناتهم الأليفة، وكل أولائك الذي صلوا من أجلي وطلبوا من قساوستهم أن يدعوا لي. لا يمكنني أبدا، أن أسدد هذا الدين الذي أنا مدين به لكل هؤلاء الاشخاص. كما أود أيضا أن أشكر كل واحد منكم على حدى، وأصلي لأجل أن تظلوا إلى جانبي لأن المعركة لم تنتهي بعد إنها ما فتئت أن بدأت. أخبري دفاعي أن الوزارة العمومية بإمكانها أيضا أن تضع شكاية وأن تستأنف من خلال تقدمها بطلب للدورية الخامسة لإلغاء إطلاق سراحي، وإذا ما حدث هذا، من الضروري أن ننتظر ما الذي ستفعله الدورية الخامسة. غير أنه إذا ما لم تقدم على إلغاد إطلاق سراحي، فذلك يعني أن قرارا يجب أن يتخذ سواء مقضاتي من جديد، أو الحكم علي بالسجن المؤبد. الأكيد، إنه إذا كان من الضروري أن تجدد محاكمتي، فأنه يتم نقلي إلى سجن آخر بالمنطقة، في انتظار انطلاق الجلسات. بعد النقاش مع دفاعي و الترحيب بالخبر السعيد، فهمت ما الذي يعنيه التبادل القوي ما ين الاصدقاء الذي تحدث عنه كونور.. فقد كانوا على علم بذلك، وكانوا جد فرحين من أجلي. بالعودة الى الزنزانة، أخذت بعضا من الوقت للتفكير. كنت حزينا بعض الشئ ذلك أنه على حين غرة بدأت أتذكر أصدقائي الذين تركتهم من خلفي. أصدقاء أعرفهم منذ أزيد من عشرين سنة، وآخرون أعرفهم منذ بضع سنوات فقط. صداقات مثينة كما حديد مسبوك مرت من تجارب. بدأت أنظر إلى الشقوق على طول الحائط و وإلى الارضية الاسمنتية، وكذا إلى قشور الطلاء والصدء الذي يغطي الابواب الحديدية والحمّام الرشاش، وبدأت أمعن النظر في كل الذكريات التي تأسست هنا، وتذكرت الأشباح، الذين بكل تأكيد يسكنون القاعات المتواجدة على طول البناية. فكرت في درف الدموع، الألم، والحزن الذي نحسه جميعا حينما نشاهد رجالا يتوجهون نحو الموت، بعضهم مجرور اليها بالقوة و آخرون لا. تذكرت أيضا الضحكات التي تقاسمناها، والفرح الذي ابداه كل منا للآخر وسط البشاعة والصمت الذي عانيناه وعشناه خلال شهور من السجن الانفرادي والتفتيش. سأترك كل هذا، إذ اصبح هؤلاء الرجال مثلما الأسرة بالنسبة لي. فأن أقول لهم وداعا سيكون أمرا في كثير من الصعوبة بالنسبة لي خاصة وأنه من الممكن أن لاأرى أحدا منهم فيما بعد. وبالقدر الذي نجبر على تقديم حصيلتنا، في أي وقت ما، في هذه الحياة من الشروري أن نواصل مشوارنا. ويمكننا، مع ذلك، أن نحمل معنا ذكرياتنا. فإذا ما كان من الضروري أن أنتقل إلى سجن آخر، فأنا متيقن أنني سزبني صداقات وذكريات جديدة. أما تلك التي رأت النور هنا لن تنسى زبدا. لقد زصبحت رجلا بفضل التجارب التي مررت بها في هذا ممر الموت بتكساس، لم أطلب أن اتواجد هنا وإنما وجدت نفسي هنا. إن السؤال ليس أن نعرف إلى أين ذهبنا وإلى أين سنذهب، والذي يميزنا أننا نعرف زين نحن، هنا الآن، وما الذي نغعله بالوقت الذي نمتلكه. لقد تعلمت الكثير من دروس الحياة في زنازن ممر الموت بتكساس وعلمت بدوري دروسا كثيرة. كنت دائما أحاول أن أبذل جهدا مضاعفا رفقة زصدقائي وإن كنت افشل العديد مرات. لكن لا أتمكن من أن أمنح شيئا لا أحسه بدواخلي الشيء ذاته الذي لا يمكن أن يقوم به الآخرون زيضا. تعرفوا إذن عن ما بدواخلكم وابذلوا قصارى جهدكم لاستعماله لفعل الخير. بزنزانتي الصغيرة هاته، بذلت جهدا كبيرا من أجل أن أزع الحب ولكي أسامح، وإذا ما طلب مني أن أذهب لفعل الأمر نفسه في مكان آخر، أتمنى أن أكون مستعدا للقيام بهذه المهمة. وإن لم أكن مستعدا لها، فإنني أطلب منكم أن تعينونني عل الاستعداد لها. إننا لا نعلم ما يختزنه لنا الغد، غير أننا نأمل ونصلي من أجل أن يكون أفضل ما بين يدينا اليوم. هل من الممكن أن نضع ونقدم أحسن ما لدينا. إنني أشكركم على كل الحب وكل المساندة وأنكم ستتوصلون بجديد زخباري في القادم من الشهور، التي تقدم لكم التطورات المنجزة في الممرات. ومن جانبكم واصلوا الدعاء إلى الله، وامنحوا حبكم لمن هم حولكم وليتوجه بعضكم لبعض بالدعاء. فزينما ذهب، في هذه الحياة فأنتم رفقتي، في قلبي وفي روحي. روجي