170 ألف من الأطفال المغاربة الذين تتراوح أعمارهم مابين سبع و15سنة كانوا يشتغلون خلال سنة 2009. ذلك ما أفاد به تحقيق قامت به المفوضية العليا للتخطيط وأن 151 ألفا ينحدرون من الأوساط الريفية. وإن كان البعض يشكك في هذا الرقم لاعتبارات عديدة إلا أنه يبقى مع ذلك رقما كبيرا يحق الوقوف عنده وتحليل مضمونه وكل مايرتبط به حتى وإن اعتبرت الجهات الرسمية أن معدل اشتغال الأحداث تراجع بشكل كبير خلال السنوات العشر الأخيرة بعد أن كان يشمل 517 ألف طفل حينها. يحق لنا أن نتساءل بدورنا إن كانت الجهة التي قامت بالتحقيق في هذا الموضوع قد أحصت عدد الأطفال الذين يشتغلون داخل البيوت وليس لديهم صلة بالعالم الخارجي، نتساءل إن تم إحصاء الأطفال المكدسين في ورشات صناعية سرية داخل التجمعات السكنية. نتساءل هل تم إحصاء جميع «الموتشوات» -الموتشو مصطلح يطلق على الطفل العامل في الورشة- بمحلات النجارة، اللحامة، الحدادة؟ هل زاروا أوراش البناء لإحصاء عدد الرصاصين والعاملين في البناء (الزليج، الجبص..)؟ بعض المهتمين يقدر أن عدد الأطفال المشغلين في المغرب يتراوح ما بين 600 ألف والمليون، هي تقديرات أخصائيين فقط، شأنها كشأن خلاصة تحقيق المندوبية السامية للتخطيط وإن كانت هذه الأخيرة تعتمد على معطيات وتقنيات إحصائية تقل نسبة الوقوع في الخطأ بالنسبة لها. محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال تقتضي محاربة مسبباتها، حماية الأطفال من الاستغلال تقتضي محاربة الظواهر المسببة لها... هناك أسباب عديدة تتسبب في خروج الأطفال في سن مبكر للعمل، فهناك الفقر، وأيضا الجهل الذي يقود إلى تعدد الأطفال في الأسرة الواحدة والذي يقف حجر عثرة في تربية وتوفير ظروف تساعد على تمتيعهم بكافة حقوقهم وهناك أيضا فشل الطفل في الدراسة الأمر الذي يجعل الأسرة تدفعه إلى العمل مرغما. وهناك أسباب أخرى أكثر مساهمة في هذه الظاهرة لعل أهمها تفكك الأسر، فكثير من الأطفال يجدون أنفسهم بلا مأوى ولا معيل بسبب الطلاق أو اختفاء أحد الأبوين أو وفاته مما يضطرهم إلى الاعتماد على أنفسهم وعمل أي شيء مقابل العيش. وهناك عامل آخر يساعد على تفاقم هذه الظاهرة، وهو تفضيل اليد العاملة الصغيرة في بعض النشاطات، مثل الراعي في البوادي، و«المتعلم» الذي يساعد الخياط أو النجار أو البقال أو باقي الصناع التقليديين، حيث يشترط هنا في «المتعلم» أن يكون صغير السن ليتمكن من تعلم الحرفة بشكل معمق. وفي انتظار خروج مشروع قانون تجريم تشغيل الأطفال والذي مازال قيد الدرس والذي ينص على أحكام بالسجن نافذة وغرامات قاسية بحق كل من يشغل أطفالا تقل أعمارهم عن 15 سنة كخدم فإن آلاف الأطفال سيجدون طريقهم كخدم إلى البيوت أو الورشات ...