تعد مدينة القنيطرة من أكبر المراكز الحضرية بجهة الغرب الشراردة بني احسن التي تعاني من استفحال ظاهرة انتشار تجمعات دور الصفيح والسكن غير اللائق. وللأسف، فإن برنامج «مدن بدون صفيح» قد أعلن إخفاقه في سبع مدن بالجهة (القنيطرة، سيدي يحيى الغرب، سوق أربعاء الغرب، سيدي سليمان، سيدي قاسم، مشرع بلقصيري، وزان)، حيث تبخر موعد 2007 وحتى 2010 كسقف لإنجاز هذا البرنامج، نظرا لتلاعبات التي عرفها في مختلف الجماعات بالإقليم والجهة، ومع ذلك لم تتم معاقبة المخالفين وسماسرة دور الصفيح. ولقد أثبتت الوقائع الميدانية محدودية تدخل الوزارة الوصية في ضبط تفاحش أوضاع ساكنة الدواوير القصديرية والاستجابة لحاجتها في سكن لائق يحفظ كرامتها وإنسانيتها. فمدينة القنيطرة وباقي مراكز الجهة نموذج بشع لكل الاختلالات الاجتماعية والمجالية المتجلية في تعمير «غير منظم» مع كل ما يحمله هذا التعبير من معاني التمييز والإقصاء الاجتماعي والمجالي وتفشي البطالة والانحراف وكل مظاهر ضعف الإدماج. إن تعقد وسرعة النمو الحضري بمدينة القنيطرة يزيد من تفاقم هذه الاختلالات، فهي في توسع لا تحكمه حدود، مما أدى إلى تشتت المدينة وعدم انسجام مكوناتها الحضرية، وتردي المجال الحضري بانتشار السكن غير اللائق وتعمير مناطق معرضة لأخطار الفيضانات «الفوارات»، وإنجاز تجزئات بدون مرافق القرب وبدون بنيات تحتية ولا فضاءات عمومية، ويشوب التدبير اليومي لحركة البناء مخالفات يسهلها موظفون ومراقبون مقابل إتاوات ورشاوي كاحتلال المجال العمومي، وتجاوز العلو المسموح به وإنجاز بناءات تفتقر لشروط السلامة، واجتثاث الأشجار... وتشكل هذه المخالفات تهديدا لسلامة المواطنين إضافة إلى تأثيرها السلبي على المشهد الحضري، وهناك يطرح مشكل عدم فعالية أجهزة المراقبة والزجر وتواطئها. حالة دواري أولاد امبارك والحنشة: تشمل مدينة القنيطرة عدة دواوير تعتبر نقطا سوداء في النسيج العمراني للمدينة (دوار سوق السبت، دوار عين السبع، دوار النخاخصة، دوار لاحونا، دوار أولاد موسى، دوار أولاد امبارك ودوار الحنشة ...). هذه الدواوير الدواوير تعثرت بها كل المشاريع، فدوار أولاد مبارك وحده يضم أزيد من 3500 براكة لم يستفد من برنامج إعادة الهيكلة منذ 2004 إلى الان سوى 500 أسرة تقريبا، ويعاني البعض من تعليق استفادتهم إلى أجل غير مسمى... فمنهم من هدمت براكته ولجأ إلى الكراء بعدما وعدهم المسؤولون بأن هذه الوضعية لن تستغرق إلا بضعة شهو، فتحولت الشهور إلى سنوات. أما البراريك المتبقية، فسكانها محرومون من الماء والكهرباء والوثائق الإدارية كشاهدة السكنى وشهادة الاحتياج، وهناك تلاعب مكشوف لأعوان السلطة وبعض المنتخبين، حيث يتحدث السكان عن فتح عشرات الأبواب لبراريك جديدة مقابل رشاوي، ونستحضر هنا المظاهرات والمسيرات التي نظمها السكان احتجاجا على التماطل والتسويف وعلى الابتزاز الذي يتعرضون له من أجل الحصول على الوثائق الإدارية أو الكهرباء، مع الإشارة هنا إلى أن عدد الأسر التي تم إحصاؤها في سنة 2000 قد تضاعف حاليا بفعل النمو الديمغرافي وتعدد أفراد الأسر خلال عشر سنوات. برنامج مع وقف التنفيذ بالجهة: من الناحية السكانية، عرفت الجهة انفجارا ديمغرافيا قويا، حيث مرت الساكنة من 000.130 نسمة في بداية القرن الماضي إلى 1.625.082 نسمة سنة 1994 لتصل إلى 1.806.000 سنة 2000، وتسجل الكثافة السكانية بالجهة نسبة عالية 185ن/كلم2 مقابل 137ن/كلم2 سنة 1994 على المستوى الوطني، وارتفعت هذه النسبة إلى 204ن/كلم2 سنة 2000، لكن توزيع هذه الساكنة يتم بطريقة غير متساوية، فأكثر من ثلثي السكان يتمركزون بالقطاعات المسقية (المثلث الموجود بين مدينة القنيطرة وسوق الأربعاء وسيدي قاسم). كما تتميز الجهة بتفاوت كبير بين سكان البوادي والحواضر، حيث يمثل القرويون 62% مقابل 38% من الحضريين، لكن وتيرة النمو بالمناطق الحضرية تبقى جد عالية، حيث تضاعفت مرتين عن مثيلتها بالوسط القروي بالتوالي 3,5% و1,7% (إحصاء 1994). وتؤكد هذه المعطيات على أن هذه الجهة ذات الطابع القروي، ستصبح خلال العقدين القادمين جهة حضرية. ومن المنتظر أن يفرز هذا التزايد الحضري -إن لم تصحح أوضاعه-المزيد من المشاكل العمرانية والبيئية والاجتماعية يصعب التحكم فيها مستقبلا. برنامج «مدن بدون صفيح»، مهدد، إذن، بالتوقف، وهو متوقف فعلا بعدد من الجماعات المستهدفة. وقد كان مقررا أن يستفيد منه بإقليم القنيطرة 22.299 أسرة مقابل 4869 بإقليم سيدي قاسم، أي ما مجموعه 31.168 أسرة منها 21.497 أسرة معنية بعملية إعادة الإيواء و9671 أسرة معنية بعملية إعادة الهيكلة. ويبلغ عدد الأنوية التي من المقرر القضاء عليها نهائيا في أفق سنة 2009 بحوالي 50 نواة صفيحية، لكن يبدو أن عمليات إعادة الإيواء وإعادة الهيكلة في حاجة اليوم لإعادة النظر!...