1 - أمين الدمناتي يجرد «الخميسة» من قدسيتها! في معرضه المقام حاليا بباب الرواح بالعاصمة الرباط، يلعب أمين الدمناتي على الكف أو الخميسة التي استأنست منذ القدم بجمالية أصباغ الحناء، لا ليزخرفها بالنقوش المألوفة، ولا ليخط فوقها تلك العين المعروفة التي تطرد عين الحسود، ولكن ليجعل مساحتها الصغيرة مكتظة بالأجساد الأنثوية العارية، في جرأة يكاد لا يحد من عريها شبه التام سوى التبان في بعض اللوحات، أو غطاء الرأس في أخرى، يد أو كف قد تنتهي أطراف أصابعها بوجوه أنثوية، في الوقت الذي يتوسط راحتها جسد أنثوي عار أو أإكثر من جسد، مثلما نجد ذات الكف وبذات الجسد أو الأجساد تشكل بؤرة كبرى في بعض اللوحات، في حين تزرع أيادي أخرى أصغر حجما لتشكل خلفية هذه اللوحات، أو قد يحول هذا الكف ببساطة إلى (كف عفريت) أو لنقل بنفس الدقة التي يسمي بها الدمناتي لوحته هذه: «يد الشيطان» حيث يستقر في راحتها جسدان وتنتهي أصابعها بأضافر قرنية معقوفة، وحتى حينما تقترب بعض اللوحات من الزخرف أو النقش الشبيه بنقوش الحناء، فإن الجسد العاري يظل هو البؤرة فيها وبأوضاعه المختلفة. هل يتعلق الأمر بتجريد الفنان للكف أو «الخميسة» من قدسيتها أم هي مجرد موضوع للعب بالألوان والأشكال فوق راحتها؟ إن هذا السؤال، و مهما أغرت اليد بالحديث، يكاد يكون مغلوطا عندما نجد أن جانب اللوحات التي تتخذ من اليد موضوعة لها، هناك ثيمة القدم الحافية، والمكسوة، هي الأخرى بذات الأجساد الأنثوية العارية، وبتوزيعات وتلوينات أكثر جمالية تصل ذروتها مع اللوحة التي يعنونها ب «وضع القدم». ثم هناك مجموعة من الأشكال تنطوي تحت عنوان «المربع الأبيض» وهي لوحات يشغل فيها اللون الأسود الحيز الأكبر من فضاءاتها، كما في لوحات «المستطيل الأبيض» أيضا، ولوحات «بلا عنوان»، حيث هناك في الخلفية أما مربع أو مستطيل أو شكل غير محدد باللون الأبيض، وفوقه توجد أجساد أنثوية عارية باللون الأسود وبغطاء رأس، أو مجرد «فوطة» بألوان صارخة كالأصفر والأحمر والأخضر والمدادي... الخ، علاوة على أعمال أخرى تشي بنفحة سوريالية، حيث يصبح الجسد خلفية لأجساد أخرى عارية. إن معرض أمين الدمناتي هذا، هو معرض الجرأة، والجمالية وبهجة الألوان. 2 - أسماء بلعافية تحول الجلد إلى ورد رغم أن الفنانة أسماء بلعافية تعتبر من جيل الفنانين الشباب، إلا أنها تشترك مع أمين الدمناتي في تخصص الهندسة، إذ درست بالمدرسة العليا للهندسة الداخلية، وحينما نقول الهندسة الداخلية نكون في صلب الديكور والتزيين، لكن أعمال معرض أسماء بلعافية المقام حاليا برواق محمد الفاسي ليست أعمالا أو لوحات تزينية، بل أعمال فنية بكل ما في كلمة فن من معنى تقنية وإتقانا، وتوزيعا وألوانا، واجتهادات على مستوى المادة، ذلك أن الفنانة بلعافية إذ تشتعل على القماش أو الخشب كسند، فإن المادة المركزية في هذا المعرض هي الجلد الذي تشتغل على تكاميشه وتجاعيده لرسم الورود وأوراقها. إننا أمام وردة في كل لوحة، وكل وردة بتكاميش وثنايا مختلفة، لكن بتوزيعات وتلوينات مختلفة أيضا. وتلوين الجلد ليس بالأمر السهل أو الهين، ومع ذلك فقد استطاعت الفنانة أسماء أن تبصمه بألوان غاية في الجمال سواء، حينما تكون اللوحة بكاملها، بلون واحد فقط، أو بلونين أو أكثر، أو حينما ينزل لون مضيء يشطر اللوحة من أعلى إلى أسفل في توزيع ثلاثي بديع. إن معرض الفنانة أسماء بلعافية هو معرض المغامرة والتجريب، مثلما هو معرض التقنية والإتقان.