لم يكن فوز محمد برادة بجائزة المغرب للكتاب مفاجئا أو مخالفا للتوقعات. إنه يستحقها للقيمة الأدبية والجمالية لرواية «حيوات متجاورة» ، وكذلك لأعماله النقدية الرائدة (محمد منذور وتنظيم النقد العربي مثلا)، ولإبداعاته الروائية (لعبة النسيان، الضوء الهارب، امرأة النسيان ، تم حيوات متجاورة) ولترجماته التأسيسية في مجال النقد والعلوم الإنسانية. هذا دون الحديث عن عطاءاته في مجال الدرس الجامعي والعمل الثقافي. لاستطلاع رأيه بالمناسبة ، اتصلنا بالأستاذ محمد برادة فكان التصريح التالي: «إن كتابة الإبداع تبحث عن قارئ ذكيّ له حساسية خلاقة ، تحتضنُ النصّ وتُعيد صوْغه وتشكيله ليكتسبَ حياة جديدة، سريّة، فاعلة في الأعماق ... ذلك هو الجزاء الأبقى والمُحفز على الاستمرار في الكتابة والحصول على جائزة تُكافئ الإبداع ، هو علامة على اعتراف وتقدير من لدُن مَنْ يمثلون الذوق والنقد في فترةٍ معينة من مسارنا الأدبي . لذلك أعبر عن غبطتي وامتناني للّجنة التي اختارتْ « حيوات متجاورة «لهذه الجائزة ، لأنه اختيار يؤكد أن الرواية المغربية ترتادُ بقدم ثابتة ، مجال التجريب مستظلة بالتخييل ، ساعية إلى تصحيح التاريخ الظاهري بالعودة إلى تاريخية اليومي ، ونُتوءات لغة الكلام .ولا شك أن من واجب الجوائز أن تحتفل بالإبداع الباعث على التأمّل والتفكير وإعادة النظر في المسلمات وعلى رغم أن شهادة الكاتب على روايته هي شهادة مُعرضة للتجريح والشك ، فإنني أودّ القول ، في هذه المناسبة ، بأن « حيوات متجاورة « نصّ تخييلي يتطلع إلى إعادة تمثيل الواقع الذي يبدو مُتراصا خاضعا لمنطق تُحركه حِبال من مَسَد، ساهرة على استمرار ما هو قائم على اللاعدْل والتفاوت واختلاط القيم ...» حيوات متجاورة « تريد أن تتخيّل الأمور والعلائق في شكل مُغاير لما تبدو عليه . ومن ثم هي تستوحي النماذج البشرية التي عاصرتها، وتُشخص بعض السلوكات السائدة ، لكنها لا تريد محاكاة ما نظنه « واقعا «، وإنما تبرز « واقعية « « حيوات متجاورة « في طموحها إلى أن تغدوَ عالما مُستقلا عن مرجعيته ، لتتحرر من عبء التأويل المسبق ، والمقارنة التشبيهية إنني أكتب الرواية متطلعا إلى أجيال شابّة من الروائيين سيشيدون ، فوق المِهاد الذي أسهمتُ في وضعه مع آخرين ، صروحا روائية تجعل من هذا الشكل التعبيري وسيلة للمتعة والمعرفة والذوق الجمالي...رواية تؤنس القارئ في رحلته على طريق البحث عن الذات والقيم المُجددة ، وعن أفق للأمل».