فقد المغرب أمس، رجلا من خيرة أبنائه، إنه الاستاذ عبد الله الولادي الذي وافاه الأجل المحتوم بباريس حيث كان يخضع للعلاج من مرض لم يمهله طويلا. وبرحيله فقد الاتحاد الاشتراكي والحركة الحقوقية بكل مكوناتها، والجمعوية بشتى أطيافها، والحقل القانوني والسياسي، أحد أبرز المناضلين الذين نذروا امكانياتهم الفكرية والمادية للمساهمة بقيمة اضافية ايجابية إلى مسارات تطور المغرب ودمقرطته وتنميته وتحديثه كي يكون بلد الحق والقانون وعدالة توزيع الثروة، مغرب حقوق الانسان. ولد الفقيد سنة 1940 وفي حياته الدراسية ارتبط بالقوى التقدمية وبمطالبها وبنضالاتها، وفي الجامعة حيث كان سي عبد الله طالبا بكلية الاداب بالرباط في بداية الستينات تقلد مسؤوليات قيادية أبرزها عضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وامتهن التدريس بمدينة آسفي قبل أن يلتحق بسلك المحاماة بعد حصوله على الإجازة في الحقوق سنة 1970. وشكل مكتبه بالدار البيضاء مؤسسة دعم لكل ضحايا الانتهاكات التي تطال العمال والطلبة وغيرهم. وفي إطار مدرسته السياسية التي التحق بها وهو في ريعان شبابه، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تقدم للانتخابات التشريعية لسنة 1977 بمدينة آسفي الى جانب الفقيد محمد الوديع الاسفي، لكن آلية التزوير التي امتلكتها السلطة سلبت منه فوزه بالرغم من كثافة التصويت للونه السياسي، وقد خرج الشارع المسفوي احتجاجا ضد هذا التزوير، وقد اتخذت السلطات قرارا منع بمقتضاه الاستاذ الولادي من زيارة مدينته لسنوات. يعد الفقيد من مؤسسي الجمعية المغربية لحقوق الانسان، والمنظمة المغربية لحقوق الانسان التي كان عضوا ديناميكيا بلجنة المتابعة التي هيأت الظروف المادية والفكرية لتأسيس هذا الاطار الحقوقي في 10 دجنبر 1988 . وشغل مسؤوليات بها ، بمجلسها الوطني ومكتبها الوطني، لينتخب في سنة 2000 رئيسا لها حتى سنة 2006، وفي فترة ولايتيه أنجزت المنظمة خطوات نوعية في تعاملها مع قضايا حقوق الانسان ومع هيأة الانصاف والمصالحة التي تم إنشاؤها للنظر في الانتهاكات الجسيمة التي شهدها المغرب خلال مايعرف بحقبة سنوات الرصاص. وفي سنة 2007 أصبح الاستاذ الولادي عضوا بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان و ممثلا للمنظمة المغربية لحقوق الانسان، وإلى جانب هذه المسؤوليات كان سي عبد الله عضوا بالمجلس الاداري لمؤسسة محمد السادس لإعادة ادماج السجناء. كان الأستاذ عبد الله الولادي صديقا لكل مكونات المجتمع المدني، ملبيا للجمعيات التربوية والثقافية في انشطتها، فاعلا في اجتماعاتها مواكبا لبرامجها، كان قوة اقتراحية لآفاقها. «ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلى جنتي». رحم الله الفقيد وألهم ذويه، زوجته الفاضلة السيدة شفيقة ووالدته واخواته وكل أفراد عائلته الصبر والسلوان، إنا لله وإنا اليه راجعون. المكتب السياسي ملاحظة: سيوارى جثمان الفقيد الثرى بمسقط رأسه بمدينة آسفي بناء على وصيته