ما معنى أن تكون وطنيا اليوم؟ وما هي الحدود التي تجعلك داخل هذه الدائرة؟ ومن يرسم هذه الحدود؟ تلك بعض الأسئلة التي تناولتها ندوة «الوطنية مابين الأمس واليوم» التي نظمتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد للعلوم و الثقافة بمناسبة الذكرى الثامنة عشر لرحيل القائد الوطني الكبير احتفاء بالذكرى الثامنة عشر لرحيل القائد الوطني عبد الرحيم اختارت المؤسسة التي تحمل اسمه بسلا، أن تنظم ندوة في موضوع بالغ الأهمية تحت عنوان «الوطنية مابين الأمس واليوم»، فهذا الوطني الغيور سبق له أن ترك للأجيال اللاحقة قولة مأثورة قيد حياته حين استشعر بأن الوطن في خطر، فقال: «رب السجن أحب إلي من أن ألتزم الصمت في قضية مصيرية وطنية» لقد أكد المجاهد أبوبكر القادري في هذه الندوة كشاهد على مرحلة ما قبل الاستقلال وكأحد رجالات الحركة الوطنية الذين جايلوا الفقيد عبد الرجيم بوعبيد، أن الوطنية بالنسبة لشباب هذه المرحلة كانت هي تحرير الأرض والإنسان من قبضة الاستعمار والدفاع عن استقلال الوطن ووحدته بالغالي والنفيس، لأن الوطنية بالنسبة لبوبكر القادري ليست انتماء للوطن وحسب وإنما الدفاع أيضا عن رفعته وارتقائه وتقدمه وازدهاره والمساهمة في نموه العقائدي والروحي والمادي، مضيفا في السياق ذاته، أن الوطنية كامنة في قلوب الكثير لكن يجب أن تحك وتصقل لإزالة الغبار عنها، ويعتبر القادري على أن هذا من واجب ومسؤولية شباب اليوم. وقال بوبكر القادري أثناء حديثه عن شخصية عبد الرحيم بوعبيد، «لقد كان نعم الوطني المصمم والمقتدر والثابت وأستطاع أن يقول «لا» في الوقت الذي يجب أن تقال فيه كلمة «لا»، كموقف سياسي، هذه الكلمة التي افتقدناها في عصرنا الحالي، مستدركا في نفس الآن، «لدينا أمل في بلادنا وأبنائها لقراءة تاريخها القديم والحديث قراءة جديدة ومتجددة». واعتبر محمد الأشعري عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بنفس المناسبة على أن الوطنيين الكبار أمثال عبد الرحيم بوعبيد من الممكن أن ينسحبوا في لحظات، لكنهم يرجعوا في لحظات دقيقة ليوقظوا الضمائر ويساعدوا لتجاوز الفترات العصيبة، ففي مداخلته تحدث عضو المكتب السياسي عن يوم 9 شتنبر 1981 ،هذا اليوم الذي سيزج بعبد الرحيم بوعبيد وقيادة الحزب في سجن لعلو بالرباط بسبب بيان المكتب السياسي المتعلق بالقضية الوطنية، هذا البيان الذي عبر عن رأي سياسي وعن مخاوف وتحفظات حول مقررات نيروبي لتخصيص إدارة سياسية في الصحراء وتخويلها سلطات لوضع الاستفتاء وإبعاد الإدارة المغربية، فهو مخاطرة حقيقية، مقابل رأي رسمي لا يرى أية تكاليف. وشدد محمد الأشعري على أن عبد الرحيم بوعبيد هو من ربط القضية الوطنية بتعزيز الجبهة الداخلية ومن جهر بالقول آنذاك بأن لا تفويض ولا مساومة في الوطنية والديمقراطية، وكان يعتبر أن القضية الوطنية مسؤولية الجميع وليست حكرا على أحد، فالوطنية لا تسمح بإسكات الآخر، فالوطنية أن تكون شريكا كاملا ومسؤولا، فعبد الرحيم بوعبيد هو من طالب بأن يكون إدماج الانفصاليين داخل جو ديمقراطي، والدعوة إلى ضرورة نظام مركزي واسع في أقاليمنا الصحراوية، كما تطرق الأشعري بتفصيل إلى بعض الأسئلة المقلقة للجيل الحالي، مثل ما معنى أن تكون وطنيا اليوم؟ وما هي الحدود التي تجعلك داخل هذه الدائرة؟ ومن يرسم هذه الحدود؟ وفي نفس الصدد يرى الأشعري أن على الجيل السابق أن يعترف للجيل الحالي بحقه في وطنيته، هذه الوطنية التي سماها بالوطنية الحديثة. وتدخل في هذه الندوة التي عرفت حضورا كبيرا لأعضاء المكتب السياسي ومناضلين اتحادين كمحمد منصور، محمد الحبابي، زوجة عبد الرحيم بوعبيد وأبناءه وعدد كبير من أعضاء المجلس الوطني، ذ. العربي لمساري والشبيبة الاتحادية، كما ساهم محمد الحبابي بمداخلة قيمة باللغة الفرنسية في الموضوع، وعبد الهادي خيرات كأحد المناضلين الذين أدوا ضريبة السجن إلى جانب عبد الرحيم بوعبيد بسجن لعلو، وصلاح الوديع كابن للمناضل الكبير الوديع الأسفي والمناضلة ثريا السقاط. واختتمت الندوة بنقاش غني ومستفيض من قبل الشباب اظهروا فيه موقفا من وطنية الأمس ووطنية اليوم.