مامدى نجاعة الدبلوماسية المغربية اليوم ؟ ماهي مرتكزاتها وخرائط طرقها الجهوية والقارية ؟ واولوياتها ؟ والمفهوم الجديد للدبلوماسية الذي عبر عنه جلالة الملك في يوليوز 2000 ، هل تبلوره وزارة الخارجية وسفارات المملكة وكل المؤسسات والاطراف المعنية ام لازالت الممارسة التقليدية تطبع ممثليات المغرب في هذه العاصمة او تلك ؟ هل تتصرف الرباط في معالجتها للقضايا ذات العلاقة المباشرة او غير المباشرة بالمغرب ، بحكمة وتخطيط ام بارتجالية وعشوائية تجعل ارجل الدبلوماسية المغربية وكانها تمشي في الوحل لتبحث بعد ذلك على قشة تحفظ بها ماء الوجه؟ اسئلة مشروعة نطرحها انطلاقا من رغبتنا في ان ترقى الدبلوماسية المغربية الى درجة تجعل بلادنا وازنة اكثر مما هي علية الان في العلاقات الدولية ، وان تبصم بمبادراتها الملفات العالمية وخاصة الجهوية والاقليمية . اي ان تكون شبكة المغرب الدبلوماسية مؤثرة في تقديم تصوراتها وتحاليلها ومقترحاتها لاجل استثباب الامن والسلم العالميين وحل النزاعات وبؤر التوثر ، كما تساهم في حماية حقوق الانسان والقضايا العادلة وفي جهود التنمية التي تستهدف انقاذ شعوب من فقرها وجوعها . وهذا التوجه عبر عنه جلالة الملك سنة بعد اعتلائه العرش حيث قال جلالته في رسالة سامية ووجهها الى ندوة اعقدت بمناسبة اليوم الوطني للدبلوماسية الذي يصادف 26 يوليوز من كل سنة :«ان الديبلوماسية التقليدية بمفهومها الكلاسيكي المتمثل في جهاز وزارة الخارجية والبعثات الديبلوماسية باتت تواجه تحديات كبيرة بسبب التقدم الهائل لوسائل الاتصال والاعلام والنقل والتوسع المطرد للتعاون الدولي وانفتاح المجتمعات على بعضها البعض ضمن عولمة شمولية وتداخل الداخلي بالخارجي وظهور موضوعات جديدة كثيرة ومعقدة وتقنية على جدول أعمال السياسة الخارجية كالاقتصاد والتجارة والمال والنقد والشغل والهجرة والامن والبيئة وحقوق الانسان والثقافة ودخول فاعلين جدد في العمل الديبلوماسي من مجالس برلمانية وجماعات محلية ومنظمات غير حكومية ومقاولات بل وحتى اشخاص ذاتيين مثل كبار المبدعين والمثقفين والفنانين والابطال الرياضيين ناهيكم عن المكانة البارزة للمنظمات الدولية الجديدة الاقتصادية والمالية والتجارية وما لها من دور تشريعي متميز والاهمية المتزايدة للديبلوماسية الوقائية». موقع المغرب الجغرافي بافريقيا وتواجده على مرمى حجر من اوروبا وانتماؤه المغاربي والعربي والاسلامي يحتم عليه ديناميكية دبلوماسية تتعامل بنجاعة مع هذا المحيط الجيوستراتيجي، وقدر وطننا بجيرته لبلدين تربطه بهما ملفات شائكة تفرض على المغرب ابداع وسائل وصيغ اولا من اجل وحدته الترابية وثانيا لتقوية مكانته ووزنه الاقليمي ، فاسبانيا لاتزال تحتل مناطق مغربية وفي حقوله السياسية والاعلامية جيوب تناهض بلدنا وتشن ضده حملات شعواء . والجزائر تساند مؤسساتها الرسمية بضراوة اطروحة انفصال صحرائنا عن وطنها الام ، تأوي البوليساريو وتحمله في حقائبها الى المحافل الدولية في حرب دبلوماسية ضد المغرب لاتزال مستمرة منذ ثلاثة عقود . هناك حقيقة لابد من الاشارة اليها ، ان مصداقية اية دبلوماسية ترتبط اساسا بمدى القوة الديمقراطية للجبهة الداخلية لاي بلد ولاحترامه لحقوق الانسان حتى لا تكون هناك ازدواجية في الخطاب ، وجه لممارسة داخلية تناقض الادعاءات الموجهة للخارج.