نجح المنتخب الفرنسي، اليوم الأحد، بملعب لوجنيكي بموسكو، في التتويج بثاني لقب عالمي له ويوشح بالنجمة الثانية ، فبالرغم من أنه لم يقدم أداء متميزا في المباراة لكنه لعب بذكاء كبير ونجح في إيجاد الحلول وتسجيل أربعة أهداف كاملة في مرمى المنتخب الكرواتي. وتمكن منتخب الديكة، الذي هزم بلجيكا في نصف نهائي البطولة، من القيام بالأصعب حسب العديد من المراقبين، لكن تتبقى له خطوة أخيرة لدخول التاريخ من أوسع أبوابه، لاسيما أن المهمة لن تكون سهلة أمام منتخب معقد قدم أداء مميزا طيلة أطوار البطولة. ولعب ديدييه ديشان، كما هو متوقع ، بطريقته المعتادة (4-2-3-1) التي أعطت أكلها ومكنته من تحقيق نتائج جيدة منذ انطلاق البطولة، في ظل وجود أربعة مدافعين شباب ومتماسكين، وكانتي وبوغبا في كسر الهجمات واسترجاع الكرة، وغريزمان في مركز صناعة اللعب ، وجيرو في قلب الهجوم ، لخلق المساحات لزملائه ، لاسيما "القطار السريع " امبابي. وفي المقابل ، كان المنتخب الكرواتي، بالرغم من الإرهاق البدني الذي عانى منها بعض لاعبيه بسبب الأشواط الإضافية التي خاضوها في اللقاءات الثلاث السابقة، مستعدا لهذه المباراة النهائية، الأولى في تاريخه، وخاض المباراة بجميع لاعبيه الأساسيين، باستثناء بيفاريتش الذي جلس في دكة البدلاء ودخل مكانه سترينيتش. لكن "الروح القتالية" للكرواتيين جعلتهم يتجاوزون كل هذه الصعوبات، ويحاولون منذ البداية الاستحواذ على الكرة، لكنهم وقعوا في "فخ" الديكة، الذين تركوا لهم الكرة وراهنوا على الهجمات المرتدة وسرعة امبابي، ونجحوا في مهمتهم. وبالفعل، أظهر الفرنسيون وجههم الحقيقي، فبفضل سرعة وتوغلات امبابي وغريمان حصلت فرنسا على ضربة حرة على بعد 25 متر من المرمى الكرواتي، نفذها بنجاح المهاجم أنطوان غريزمان وحولها ماريو ماندزوكيتش للشباك مسجلا الهدف بالخطأ في مرماه. وبتسجيله هدفا في مرماه، أصبح مانزوكيتش أول لاعب في تاريخ كأس العالم يسجل هدفا ضد مرماه في المباراة النهائية للبطولة. وفي المقابل، كان هذا السيناريو مثاليا للمنتخب الفرنسي. وفي الدقيقة 28 من المباراة، سجل إيفان بيريسيتش هدف التعادل للمنتخب الكرواتي أمام فرنسا، بعدما نفذ لوكا مودريتش كرة ثابتة داخل منطقة الجزاء، وتناقلها لاعبو المنتخب الكرواتي، قبل أن تصل لبيريسيتش ،الذي سدد كرة قوية في شباك الحارس الفرنسي هوجو لوريس. وبالرغم من كون منتخب فرنسا فقد السيطرة على اللقاء وخسر النزالات الثنائية، فإنه تمكن من التقدم في المباراة، عبر ضربة جزاء احتسبها الحكم بعدما لجأ لتقنية حكم الفيديو المساعد (فار)، ونفذها بنجاح المهاجم أنطوان غريزمان. وأثبت الفريقان جدارتهما بالتأهل لنهائي المونديال، بفضل اعتمادهما على اللعب الجماعي وعدم مراهنتهما على نظرية "النجم الأوحد". وكان الفرنسيون محقين في كون مباراة النهائي تكسب ولا تلعب، على اعتبار أن الفائز باللقب هو من يدخل التاريخ من أوسع أبوابه. وبالرغم من أن الفرنسيين كانوا متقدمين في النتيجة ،فإن أبطال "ريمونتادا" أشعلوا المباراة، حيث ضغط الكروات بقوة عند انطلاق الشوط الثاني للمباراة، وشكلوا خطورة كبيرة على المرمى الفرنسي، دون أن يحققوا المطلوب، كما نجح الحارس الفرنسي هوغو لوريس في التصدي لتسديدة رائعة من اللاعب ريبيتش. واندفع اللاعبون الكروات بشكل كبير، وتركوا الكثير من المساحات للاعبين الفرنسيين الذين استغلوها أحسن استغلال ، وفي إحدى الهجمات المرتدة الخطيرة، راوغ امبابي المدافع فيدا وتوغل في مربع العمليات الكرواتي وسدد كرة محكمة، لكن الحارس سوباسيتش نجح في إبعاد الخطر عن مرماه. وتحلى الفرنسيون بالكثير من الواقعية والفعالية رغم نسبة الاستحواذ الكرواتية على الكرة التي فاقت 61 في المائة، بفضل لوكا مودريتش الذي توج بجائزة أفضل لاعب في البطولة. ولم يتأخر الهدف الثالث كثيرا، حيث تمكن متوسط ميدان مانشستر يونايتد بول بوغبا من تسجيل الهدف الثالث لفرنسا من تسديدة رائعة بقدمه اليسرى، لم تترك أي حظ للحارس سوباسيتش، وسط ارتباك دفاعي من كرواتيا في الدقيقة 59. ولأن المستحيل ليس فرنسيا في هذا النهائي، عمق رفقاء غريزمان جراح المنتخب الكرواتي بتسجيل الهدف الرابع، وجعل مهمة كرواتيا صعبة في العودة في النتيجة، حيث نجح مبابي ،الذي توج أفضل لاعب واعد في البطولة ،من تسجيل الهدف الرابع لفرنسا من تسديدة رائعة من خارج منطقة الجزاء في الدقيقة 65 من المباراة . وبالرغم من تلقيهم الهدف الرابع، تحلى رفقاء لوكا مودريتش، الذين بذلوا مجهودا بدنيا كبيرا طيلة البطولة، بالشجاعة وحافظوا على تركيزهم. وفي الدقيقة 69 من المباراة، استغل مانزوكيتش، الذي سجل الهدف الأول للمباراة بالخطأ في مرمى فريقه، خطأ فادحا للحارس هوغو لوريس في تشتيت الكرة وسجل الهدف الثاني لفريقه لتصبح النتيجة 4-2 لصالح المنتخب الفرنسي، مما ساهم في إضفاء طابع الإثارة والتشويق على اللقاء. وبالنظر إلى تعودهم على رفع إيقاع اللعب بشكل تدريجي خلال المباريات ،فإن طرفي المباراة النهائية خالفا توقعات هذه المباراة، ودخلوا في أجواء اللقاء بشكل مباشر. لكن النتيجة النهائية آلت للمنتخب الفرنسي ،الذي أحرز ثاني لقب تاريخي له ،معادلا بذلك كلا من أوروغواي والأرجنتين اللذين أحرزا نفس العدد من الألقاب. خالد أبو شكري / MAP