سرت أجواء من الخوف والحذر الشديدين بين صفوف الطلبة السعوديين الدارسين في الولاياتالمتحدة الأميركية بعد أن أيّد مجلس التعاون في القمة التشاورية الأخيرة، والتي احتضنتها العاصمة السعودية الرياض، ضم الأردن والمغرب إلى المنظومة الخليجية. وجاء الموقف الفاتر بعدما رأى المبتعثون أن هذه الخطوة من شأنها أن تفاقم مشكلة البطالة، التي تؤرق المجتمع السعودي بعد أن بلغت معدلها (10%) وبعدد للعاطلين عن العمل بنحو 448 ألف مواطن في آخر احصائية رسمية. التطور المفاجئ الذي جاء على لسان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بشأن إنضمام الأردن والمغرب، دفع أكثر من 57 الف طالبة وطالب سعودي يدرسون في الجامعات الأميركية، وخصوصاً من هم على وشك التخرج، الى الحديث عن الاستفادة المرجوة من توسيع دائرة العضوية لتشمل دولا أخرى. ويقول فهد بن سالم المطيري، والذي يدرس هندسة كهربائية من جامعة ماناسوتا في إفادة ل"إيلاف" :" أنا مستاء من فكرة انضمام الأردن والمغرب أو اية دولة أخرى لدول مجلس التعاون الخليجي، لأنه في رأيي الشخصي طعنة في خاصرة إقتصادنا القومي وعبء زائد على ناتجنا المحلي". ويوجد في السعودية قرابة ثمانية ملايين عامل وافد حسب البنك المركزي السعودي، منهم أكثر من ستة ملايين يعملون في القطاع الخاص، يحولون سنويا 25 مليار دولار على شكل حوالات مصرفية على بلدانهم الأصلية. وتعم حالة من الإحباط من أن يكون موسم قطف ثمار رحلة الغربة التي تمتد لسنوات عدة قد فات بعد السماح للاردنيين والمغاربة بالعمل في السعودية، ويشير الطالب المطيري :" أنا عندما اتخرج واعود لبلدي احلم في رد الجميل لمشروع الابتعاث، وهنا لن أجد فرصة لأن الحكومة لم تحمِ سوق العمل للسعوديين وانما سوف يقطف القادم من الخارج ثمار جهدنا". ويخشى معظم السعوديين المنتشرين في المدن الأميركية من أن يحد انضمام الأردن والمغرب لدول المجلس من الفرص الوظيفية للمواطنيين سواء تلك التي توفرها الدولة أو التي يطرحها القطاع الخاص، الجهة التي طالما تُتهم بالتملص من توظيف الكوادر الوطنية، حيث لم تتعد نسبة السعوديين في هذا القطاع 10%، رغم أن 84% من إجمالي العمالة الوافدة بحوزتهم شهادات الثانوية فقط ومن غير المتخصصين. وبحسب عبدالله بن علي الربيعان، والذي قدم الى الولاياتالمتحدة من أجل دراسة التربية الخاصة في كلام ل"لإيلاف": "الحقيقة كان الخبر مفاجئا، والامر الذي يقلقني هو مستقبل ابناء وطني الوظيفي نعم الاردنيون والمغاربة هم اشقاء لكن الاقربون اولى بالمعروف (..) لان اذا تمت معاملة الأخوة كما هي معاملة السعوديين ستقل فرص الوظائف لابناء الوطن" فكما يدور الحديث بين الطلاب الذكور حول الخطوة الخليجية الرامية إلى ضم المملكة الأردنية والمملكة المغربية ضمن منظومة دول الخليج العربي، ايضاً تخوض الطالبات السعوديات السجال نفسه بطريقة تنظر لها الأنثى التي جهدت في عناء السفر والغربة، وتقول أماني يماني طالبة الدكتوراة في مناهج تقنية تعلم الرياضيات ل"إيلاف":" استقبلت باستغراب انضمام الأردن والمغرب لمجلس التعاون والسبب ان الاسم مجلس التعاون الخليجي اي الدول التي تطل على الخليج العربي فكيف يتم ضم مجموعة من الدول ومجموعة اخرى لا"، في إشارة إلى تحفظها على الفكرة. وإعفاء الكوادر الوظيفية الأردنية والمغربية من إصدار التأشيرات، وكذلك تمتعها بالخبرات العلمية والعملية معاً سيجعل فرصتها أفضل بكثير من بقية الكوادر السعودية فيما لو قررت العمل داخل البلاد، وفقاً للطالب مرزوق الرويس من جامعة لافيرن الأميركية . النظرة التشاؤمية التي تسود خلال الفترة الحالية بين السعوديين المبتعثين في الولاياتالمتحدة لايوافق عليها الطالب عبدالله بن حسين العبدالكريم، فهو يقول:" من وجهة نظري انضمام الاردن سيكون له تأثير ايجابي بالنسبة إلى المتخصصين في مجالة تقنية المعلومات بشكل عام بحكم ان دولة الاردن تعتبر من الدول العربية المتقدمة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات وهناك الكثير من شركات التقنية في الوطن العربي كانت بداية انطلاقتها من الاردن ". في هذا التفاؤل، يشاطره الطالب غازي بن حسان الذي يدرس ماجستير تخصص اتصالات من جامعة نيويورك:" الخبر له ابعاد ايجابية وله ابعاد سلبية ولكن دعنا نقول ان الايجابي في الموضوع هو توسع حدود عمل مجلس التعاون الخليجي وهذا يدل على ثقة الدول المنظمة حديثاً الى المجلس"، لكنه رجع وشدد على أن يؤيد انضمام الاردن والمغرب بشكل محدود لوجود الاختلافات الاقتصادية والثقافية مع بقية دول الخليج. مع أن فكرة الانضام الى المجلس الخليجي خارج نطاق الدول الست لا تلقى رواجاً بين الطلبة المبتعثين في اميركا، لكن سلمان بن محمد العتيبي من جامعة تامبا يرى غير ذلك " كنت متفاجئاً من مسألة انضمام مملكة المغرب، لكن لم أكن كذلك مع الأردن نظراً لوجود تشابه مع بقية دول الخليج في النظام العشائري". ومع ذلك لم يعبر الطالب العتيبي عن تفاؤله بشكل تام، حيث حذر من أن يطال السعودية مشكلة اجتماعية اقتصادية بشكل اكبر فيما لم تعالج ازمة الاسكان والبطالة قبيل انضمام الأردن والمغرب اللتين تُعتبران بؤرة للبطالة. وما يُجمع عليه الطلبة السعوديون في الولاياتالمتحدة هو صعوبة تحقيق تكامل إقتصادي متكافئ بين دول مجلس التعاون الخليجي من جهة والاردن والمغرب من جهة أخرى، ولكن ماهو مؤكد أن ينجح التحالف ليشمل المناحي السياسية والعسكرية لما تشكله هذه الدول من ثقل استراتيجي على المستوى الدولي ولمواجهة التحديات والاخطار الاقليمية ولا اعتقد ان الاردن والمغرب سوف تتردد في تقديم العون والمساعدة اذا ما احتاجت دول الخليج لذلك"، وفقاً لمشعان العتيبي الدارس في جامعة ايمبوريا. إيلاف