يواجه تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي موجة "توبة" لعدد من عناصره ومنهم أمراء. و في النداء الذي أطلقه عثمان تواتي وسمير سعيود عبر إذاعة القران الكريم خلال مقابلة معهما يوم 28 غشت، قاما التائبين بتوجيه نداء إلى مسلحي القاعدة للتخلي عن "الجهاد" في الجزائر والانضمام إلى مسعى المصالحة الوطنية. واستدلوا في ندائهم بالقرآن والحديث وفتاوى العلماء. وتأتي هذا المقابلة الإذاعية بعد رسالة تواتي، المكنى أبو العباس ، الموجهة "لمن تبقوا في الجبال". وجاء في تصريح مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال وعضو مجلس الأعيان و"الذراع الأيمن" لفترة طويلة لزعيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال خلال مؤتمر صحفي انعقد في يوليو الماضي لمناقشة ندائه للإرهابيين "قال" رأيت أن الطريق الذي كنت أتبعه ليس بالطريق الصحيح 'بناء على ما جاء عن فتاوي الفقهاء قديما وحديثا عن عدم مشروعية الجهاد في بلادنا وبعد أيام من بثه، نجحت المقابلة في تحقيق أهداف المؤتمر الصحفي وفي توبة أعضاء بارزين في التنظيم. وكان من بين أهم الإرهابيين الذين اقتنعوا بنبذ العنف بعد الاستماع للنداء الأخير على الإذاعة أوكاد عطية، المكنى ''أبو جندل''، 43 عاما، أمير كتيبة الفاروق في ولاية تيزي وزو، الذي سلم نفسه للسطات الجزائرية بعد 15 سنة من العمل الإرهابي في صفوف الجماعة السلفية للدعوة والقتال. لم يقتصر تأثير هذه المقابلة على إرهابيي القاعدة فقط, فقد سلم أحد نشطاء جماعة ''حماة الدعوة السلفية'' وهو بلحاج جلول، المدعو ''بلال" نفسه بولاية تيبازة، لمصالح الأمن الجزائرية يوم الثلاثاء 30 غشت. وفي مقابلته الإذاعية، طمأن تواتي التائبين المحتملين حول عملية الاستسلام. فقال "لقد عاملونا معاملة طيبة، ما كنّا نتصور وما كنّا نظن أن تعاملنا مصالح الأمن تلك المعاملة، ووفروا لنا كل ما كنا نريده وما كنا نطلبه، نشكرهم على التسهيلات''. من جانبه قال سمير سعيود المدعو مصعب أبو عبد الله، المكلف بالإتصال في الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا، لإذاعة القرآن إن حمل السلاح على المسلمين، لا يجوز بإجماع علماء الأمة. وقال سعيود "لا يجب قتال المسلمين بأي حال من الأحوال". وقال سعيود ''إن هناك الكثير من العلماء تراجعوا عن فتاويهم حول القتال، لأن ذلك أدى إلى الفتنة بين المسلمين، ومن أمثال هؤلاء، الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز في كتابه الشهير الجهاد العمدة في إعداد العدة، علي الخضير، وناصر الفهد وأحمد الخالدي''. وأشار ''لأن الغيرة على الدين ليست بحمل السلاح، بل بالدعوة باللين والإبتعاد عن الغلو''. وختم سعيود حديثه بدعوة العناصر المسلحة التي لا تزال في الجبال إلى الإستجابة لدعوته، وترك العمل المسلح والعودة إلى عائلاتهم وإلى المجتمع، وكذا الإستجابة للسلطات التي فتحت باب المصالحة ومدت يدها للمسلحين، وللجزائريين الذين زكوا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وعلى غرار تواتي، أشاد بضباط الأمن الذين سلم لهم نفسه. وقال "قوات الأمن عاملتني أحسن معاملة ولم أر منهم إلا الخير". وجاء النداء ضمن سلسلة من الدعوات التي وجهها قياديون سابقون في التنظيم المسلح كان أبرزها المراجعة التي أصدرها مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب والذي استدل فيها بأدلة وحجج شرعية من القرآن وأحاديث من الرسول عليه الصلاة والسلام، لإدانة الهجمات المنفذة في الجزائر باسم الإسلام. وتساءل حطاب" أي قانون أو مدونة أخلاقية تسمح بهذا؟ هل هذا هو حقا الجهاد الذي سيرضي الله؟" وأعلن حطاب توبته عن أعمال الإرهاب "التي لا تخدم الإسلام و لا السلمين" وقال إن شعب الجزائر مسلم وسفك دمائه محرم بموجب أدلة من الشريعة. وقال حطاب "''كل الفتاوى ضدنا". ويرى العديد من المتتبعين للملف الأمني في الجزائر أن هذه النداءات الصادرة عن تواتي وسعيود والتي تعزز رسالة حطاب من شانها فتح باب التوبة أمام العديد من المسلحين. ويقول رئيس خلية متابعة تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة مروان عزي "مثل هذه المراجعات الفكرية والدينية تفتح الباب أمام عودة العديد من المسلحين إلى المجتمع وتطليق العمل المسلح خاصة وأنها صادرة عن قياديين سابقين في التنظيم المسلح". وأضاف مروان "النداء الصادر عن حسان حطاب مؤسس الجماعة السلفية وأمراء سابقون في التنظيم اسقط كل المبررات الشرعية التي كان يستند إليها المسلحون". وأضاف "العديد من الفتاوى التي أصدرها العلماء أقرت بعدم شرعية الجهاد في الجزائر وأجمعت أن الطريق الذي سلكته هذه الجماعات هو طريق مسدود". وبحسب الإعلامي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية حسين بولحية، فان الدعوات التي أصدرها قياديون في التنظيم المسلح "كان لها الأثر الايجابي بين المسلحين ودفعت العديد منهم إلى ترك العمل المسلح ". و يري الأكاديمي المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية محمد صميم أن توبة مقاتلين سابقين ونبذ العمل المسلح من المحتمل أن يضعف قيادة التنظيم. وقال صميم إن قيادة التنظيم "ستضطر إلى مواجهة ضربات قوات الأمن الجزائرية وتزايد ظاهرة التمرد ورغبة التخلي عن السلاح". مغاربية