رحل عام، وحل عام جديد، ولا جديد في سماء هذه الأمة الممتدة مضاربها من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر. أمة لها كل مقومات النهوض والتقدم: ثروات طبيعية متنوعة وهائلة، إمكانيات فلاحية كبيرة، جغرافية شديدة التنوع، مآثر سياحية هامة...طاقات بشرية كبرى، ومع ذلك نجدها في ذيل درجات سلم ترتيب الأمم من حيث التطور والتنمية. لقد ودع العرب سنة 2009، واستقبلوا 2010، السنة الميلادية الجديدة، في ظل قمع وكبت الحريات العامة، وتعثر مخططات التنمية، وتراجع الحس القومي، والتعاضد والتآزر بين أبناء الوطن العربي الكبير، وتراجع الدولة القطرية لفائدة الطائفية، واستمرار المعاناة من الاحتلال في العراق وفلسطين، وفي ظل العداء المتنامي – عبر العالم– لكل ما هو عربي وإسلامي. وشهد العام الذي نودعه مزيدا من ضعف وتفكك وحدة الكيانات العربية، كما سجل تراجع التضامن العربي الرسمي إلى أدنى الحدود، إذانكفأت أكثر من دولة عربية داخل حدودها القطرية، منشغلة بهمومها الداخلية، متجاهلة وضاربة عرض الحائط القضايا المصيرية الكبرى للأمة... بل أن منها من انخرط في مؤامرات وحروب عدوانية خارجية ضد دولة عربية أخرى شقيقة... أجل إن الوطن العربي يتعرض لهجمة أمبريالية صهيونية عالمية، زادها تفاقما وتفسخا الوضع العربي الداخلي المتردي، تستهدف تأبيد واقع التجزئة فيه، وتروم إعادة رسم خريطة جديدة للأقطار العربية على أسس مذهبية وطائفية، وكأن ما فعله مقص اتفاقية سايكس بيكو لسنة 1920، في خريطة الوطن العربي، لم يعد يلبي مصالح الدول الرأسمالية الغربية، والشركات متعددة الجنسيات، الاحتكارية والعابرة للقارات... لكن رغم واقع العتمة والحلكة، والتدهور والانحطاط، التي يعيشها الوطن العربي، ورغم واقع التجزئة، والتخلف، وقمع الحريات، والاستغلال، والاستعمار، فإن بصيصا من الأمل يأتي من الصمود الأسطوري للمقاومة الباسلة في العراق، فلسطين ولبنان...ومن حركية المجتمع المدني المتنامية، في شوارع الوطن العربي... ومع ذلك، ورغم المستقبل القاتم على المدى المنظور، ورغم هول التحديات، وكثرة التهديدات، وجسامة المطلوب من التضحيات، لا يسعنا إلا أن نقول كل عام والعالم العربي بألف خير. مدير نشر الأسبوعية المغربية " النهضة"