المتتبع للشأن السينمائي بالمغرب، لابد وأن يكون على علم بالحابل والنابل مما يروج داخل الحقل السينمائي كإبداع وصناعة، ومادام هذا المتتبع على علم فماذا يهمنا بعد ذلك ؟،.... الذي يهمنا هو أن يبلغ الشاهد الغائب.... كيف .... ذلك هو عمل الصحافة والإعلام من جهة إخبارية/ تنويرية، وعمل منظري الفن السابع من جهة نقدية/ تنظيرية.... والغاية أولا وأخيرا هو بناء صرح سينما وطنية فاعلة مساهمة في تشييد هوية قائمة بذاتها.... إن غربلة ما يروج من أعمال سينمائية تبقى من مهمة نقاد ودارسي السينما، طبعا قد لا يفاجئنا مواطن عاد وهو يبدي رأيه في أفلام مغربية قوله : " أش من سينما هادي " ولكن ليس مقبولا من متتبع مدرك لما يجري نفس الكلام ... وإلا سيحشر ضمن طائفة ما يسمى " بالنفاق السينمائي ". على المتتبع للسينما وطنيا أن يسبر أغوار سينمانا بتفصيل مكامن قوتها بنفس الطريقة التي يسعى بها إلى إجلاء مكامن ضعفها دون التركيز على الهفوات فقط .... أقول هذا الكلام وأنا أتذكر خلال دردشة بمناسبة مهرجان سينمائي مع أحد النقاد السينمائيين المغاربة والمشهود لهم بكتابتهم في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حينما كنت أناقش معه أحد الأفلام المغربية " الكلاسيكية " رد علي مستهزئا قائلا " أش من سينما هديك " تم أردف قائلا ونحن ملتفين حول مائدة عشاء بعدما لمحت عيناه ...... : " أنا أتفرج على الأفلام العالمية أسي فلان " وبالفعل تعجبت لأنه كتب عن هذا الفيلم وأنصفه باعتباره فيلما يستحق كل تقدير بل لقد انتهجت أسلوب الإثارة في نقاش الموضوع فقط من أجل التأكد من موقفه، موقفه هذا جعلني أشك هل بمغادرتنا الفرجة السينمائية المغربية والانفتاح على الفرجة العالمية لوحدها بمقدوره أن يجعلنا نتقمص وسام" العصرنة السينمائية " ومن تم شرف " العولمة السينمائية " ........... الفن كما يقول المنظرون وكما اتفق على ذلك علماء الاجتماع والنفس ليس له وطن، وطنه هو الإنسان أي إنسان... والسينما هي تقريبا بغض النظر عن بعض الأعمال التجارية هي توجهات ومدارس وإيديولوجيات، وبالتوجهات يتكون الإنسان وبهويته التي تطبعه فتخلق في كيانه روح الانتماء .... هويتنا المغربية تستدعي منا أن نخلق سينما ببطاقة تعريف مغربية وبهوية تنهل من طقوسنا وعاداتنا وتاريخنا وثراتنا وإيديولوجياتنا، وبجواز سفر مغربي يمثلنا في التظاهرات الدولية، سينما تشبهنا دون الانغماس أو الغوص في هويات أخرى، وإلا فسنبقى فاقدين للهوية ومنكرين لأجنتنا التي هي في نهاية المطاف منا ونحن منها . حينما احتفلت السينما المصرية بذكراها المئوية أدركت أن الذين صنعوا مجد هاته المئوية هم جحافل مدججة تعد بالآلاف .... وهويات مختلفة ، ولكن بالرغم من ذلك فلقد كان لانفتاح السينما المصرية على الثقافات والتقنيات الأخرى أثره الكبير في بناء وترسيم الهوية المصرية بحارتها وصعيدها وأهراماتها . على المتتبع لمسار السينما المغربية أن يدرك أن هذه سينمانا وعلينا تقبلها، ولكن علينا في الآن ذاته أن نقف وقفات تأملية للتقييم والتقويم : تقييم الحصيلة وإصلاح ما يجب إصلاحه ... علينا أن نكاشف أنفسنا ونعترف بأن سينمانا بالفعل تعيش قبل كل شيء أزمة أسس ومن تم اتفق جل المتتبعين أن الحديث عن الجماليات في السينما المغربية مازال بعيد المنال ومازالت هاته الأزمة قائمة في جميع مراحل الصناعة السينمائية، ... والسبب هو غياب " الروح الوطنية في السينما " أحيانا، كما حدث لقطاع الرياضة في المغرب، ومع ذلك فإن جميع الأعمال السينمائية المغربية هي وليدة لحظات ومحطات تاريخية لا يمكن بأية حال من الأحوال إنكار جميلها، فهي منا ونحن منها، نعلن انتمائنا لها وانتمائها لنا ... فالأزمة لن تنفرج إذن إلا بانخراط كل الأطراف صانعة السينما المغربية، جميع القطاعات الحيوية فيها معنية ومسؤولة، لأنه في الأخير تلك السينما هي سينمانا وصورتنا بل وصورة بلدنا في الخارج تمثلنا في التظاهرات الوطنية والدولية، وليس بالضرورة أن تكون هاته السينما شبيهة بسينما هوليود أو بوليود، بل هي سينما مغربية خالصة، إننا لنكاد نجزم كلامنا بأننا لا نرضى أن يقال عنا أننا نعيش على هامش السينما صناعة وإبداعا، جراء الانفتاح والتبجح بالفرجة على الأفلام الغربية وتقزيم شأن السينما المغربية وشأن من يحاول الرفع منها إلى الأمام. علينا أن نروج للثقافة السينمائية، علينا أن نحبب الفيلم الوطني للجميع بدءا من المدرسة، علينا أن نجعل من السينما معيشا يوميا حتى يمكننا الحديث عن سينما خادمة للتنمية البشرية ... و تعميم السينما بين مؤسستنا التربوية وبين ناشئتنا وبين جميع شرائح المجتمع، والإشعار بأن حبنا لأفلامنا المغربية بالرغم من بعض هفواتها وعيوبها هو حب لصورتنا ولمعاشنا ولوطنيتنا، علينا ألا نهين أكثر من اللازم أعمالنا السينمائية لأنها في نهاية المطاف منا ونحن منها، ولمن يقول العكس ندعوه بأن يعطينا البديل، وسنكون له من الشاكرين. حسن مجتهد مهتم بالسينما مارس 2008 الفوانيس السينمائية هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته