على سبيل الذكر، هذا الفيلم حصل على تنويه خاص في مهرجان مدينة سيدي قاسم الدورة التاسعة، لسينما المغربية في الفترة الممتدة مابين 17 و 21 أبريل 2008. كما حصل على جائزة أحسن فيلم وثائقي في الدورة الأولى للأيام السينمائية بمدينة فاس، يومي 21 و22 فبراير2009. كما حصل على تنويه خاص في الدورة الثانية لمهرجان فيلم الهواة بسطات في الفترة مابين 02 و 05 أبريل 2008.
عندما تصبح لحظات التعاسة..إحساس واقعي منبود.. تصبح أجمل المشاعر عند الإبداع.. وعندما ينكسر الحلم البشري على صخرة الواقع يكون أكثر ألما.. لكنه يتحول في الإبداع..إلى مجال فسيح للبطولة ..ومهد للأسطورة..عندما يتحول الواقع المرير إلى آلة لسحق بعض من ثنايا الأمل..يتحول في الآن نفسه عبر محراب الشاشة الكبيرة إلى فن سابع.. الصورة لغة جامحة ..موحية و ذات دلالات عميقة..تعبر عن أغوار الذات الإنسانية وتبديها في أبشع صورها..أو في أزهى حلتها في فيلم " المدينة..عبارات أخرى.." صور مكوناتها قليلة لكنها مشحونة بقسوة كبيرة قد تحير بال المشاهد مند البداية وتدفعه إلى تمعن الصور لكن من زاوية النظر مختلفة .. ليس الغموض و الرمز وحدهما مؤثران حقيقيان في لغة السينما.. بل هناك الصورة المباشرة التي تنقل الواقع الصادم بمرارته و بلونه الأصلي أكثر حدة..و أكثر تأثيرا وأكثر صدقا.. يضيع الإنسان...عندما تمس كرامته..عندما تنعدم لقمة عيشه..و قبر حياته ..و بعد ذلك قد ينتهي عندما ينصهر في غيابات الإنحراف.. هذا ما تبديه مشاهد الفيلم.. "المدينة..عبارات أخرى " لمخرجه هشام مداحي وإنتاج جمعية دار الكرم بمدينة القنيطرة .. تنمو البنايات كما تريد..ليس كما نريد نحن..تتسع..تتقلص وقد تتهدم..و نحن أيضا لا نريد.. المدينة كما نتمنها لم نتصورها لحد الآن..؟ غابت عن إرادتنا..فصرنا نحيا تحت رحمتها وقسوتها بل صرنا نحيا بإرادتها..هناك أناس تبني المدن..أما هنا تبنينا المدينة..وتصنع منا أفرادا وأحياءا هامشيين.. في فيلم " المدينة عبارات أخرى " تصادفك مشاهد قاسية بحدة.. (.بنايات بدون تصميم .. بدون ملامح.. ليس هناك ناطحات سحاب.. هناك فقط غارقات في التراب .. دجاجة بيضاء تقتات من ماء الصرف الصحي..ذو لون أسود قاتم.. أطفالا في عمر الزهور..يلعبون بابتسامات علي الشفاه وسط أكوام كبيرة من الأزبال و الأمراض متربصة من حولهم..أمهات عجائز يحملن بيدوزات كبيرة الحجم يبحثن عن ماء لم توفره إلا بعض المجاري المتفجرة في وسط طريق السيار يعج بالسيارات المهترءة والعربات المجرورة..أطفالا عراة حفاة يقفزون بين الأرض والسماء كفراشات بريئة.. لم نر طفلا يحمل حقيبة في إتجاه المدرسة, بل شاهدناه يخلع نعليه ويجري حافيا في إتجاه بائع مثلجات على دراجة هوائية يستجديه..كان مشهدا صارخا بصمته.."خد نعلي وأطفأ عطشي بقطعة ثلج باردة"..) . هكذا صارت مشاهد الحرمان القاهر أكثر صدقا على الشاشة منه في الواقع الذي نتواطؤ معه..وعندما تصير عيون الكاميرا أكر تأملا وخشوعا من عيون بشرية لم تعد تخشع لأي حال. ..توقض فينا براكن النقص والخصاص وتشعرنا أننا أمام واقع لا يرحم أمام واقع يحتاج إلى من يوقضه ويهمس في أذنه أن يوقف هذه السمفونية الحزينة... في" المدينة عبارات أخرى"..تجد نفسك عاجزا عن فهم ما يجري من حولك لأن ما تراه ليس مألوفا ...؟ أبو الشمائل طنجة ''الفوانيس السينمائية''