ضمن العروض السينمائية الرائعة التي يقدمها نادي السينما في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق عرض علينا فيلم ألملياري دولار والذي لازال حتى ألان يعرض على الشاشات الأمريكية. الفيلم لمخرج الروائع جيمس كاميرون الذي ارفد السينما العالمية بأعمال مهمة، وعلامات بارزة في تاريخها والمخرج المولود في كندا عام 1954 وتخرج في جامعة ولاية كاليفورنيا ولديه عدة اعمال سينمائية عالمية. منها تايتانيك صاحب اللقب السابق اعلى ايرادات لعام 1998والمدمر/الأيام الغريبة / رامبو 2/ نقطة توقف / الغرباء واستخدمت شهرة هذه الأعمال لأغراض الدعاية للفيلم الذي تجاوزت تكلفة انتاجه 300 مليون دولار، أضافه الى تكاليف الدعاية التي بلغت 150 مليون دولار. والفيلم من بطولة سام ورثنكتون الذي أدى شخصية العريف (جايك - سولي) و وزوي سالدانا ادت دور (ني- تيري) وستيفن لانج بدور الكولونيل. ولعبت دور الدكتورة (جريس)الممثلة البارعة سيجورني ويفر والحائزة على لقب أفضل ممثلة عام 1995 عن فيلم copy cat. فكرة الفيلم لا جديد فيها ومن الممكن ان يتعرف المشاهد على قصة الفيلم من الإشارات الأولى للفيلم من خلال ظهور مشاة البحرية الأمريكية و الخطب الحماسية ومحاولة رفع المعنويات. التي يلقيها الكولونيل على مسامع الجنود الأمريكان وعندما يخبرهم، أنهمليسوا في فيتنام او فنزويلا وانهم سيواجهون اي كائن يزحف أو يطير أو يتوغل في الوحل يرغب بقتلهم وان سلالة معدلة من البشر هم السكان الأصليين، يطلق عليها ال(نا- في) لهم نظام قبلي وهم مولعون باستخدام السهام المزودة بسم الأعصاب وان عظام هذه السلالة محصنة طبيعيا بألياف الكاربون التي تجعل قتلهم صعباَ. ويأتي جايك ليحل محل أخيه التوأم الذي قتل وهذا ما يؤكده جايك على شريط الصوت، أن "الجميع مرتزقة جاءوا من اجل الدولارات" تبدأ مهمة جايك بأن يحل في جسد الافتار الموجود في مختبر الشركة والذي تشرف علية البروفيسور (جريس) سيتبادر إلى ذهن المشاهد أن غزوا و مجازر جديدة ستقدم على ارتكابها أمريكا، وكما هو معروف أن الولاياتالمتحدة لا تحرك بيدق واحد ما لم تحصل على مصالح و أي كانت تلك المصالح لذا وضع المخرج مبررا أو سببا لدخول أمريكا كوكب (باندورا) إلا وهو حجرا نفيساَ يدعى (اوبتينيوم) يباع الكيلو الواحد منه بعشرين مليون دولار يسيل له لعاب جنرالات الحرب وجحيمهم على حد سواء. وربما هي إشارة إلى الأرض (الوطن) أو معدن مثل اليورانيوم أو النفط، تبدو هذه القصة هي المحور الأساسي للنص الدرامي للفيلم وتبدو الدكتورة (جريس) واكتشافها العجيب في تحويل العقل إلى جسد آخر تم تطويره جينياَ، يسمح للعقل بالتحكم الكامل بالجسد الموازي له وربما يقصد هنا الروح بما يشبه التناسخ أو انتقال الأرواح كما في الأساطير الشعبية وقصص الرعب. لكن ذلك يحدث من خلال صندوق فضائي يشبه التابوت الذي ينام فيه مصاصي الدماء في أفلام الرعب، ويخبرنا جايك الراوي للقصة على شريط الصوت والصورة أحيانا من خلال الكاميرا التي يسجل مذكراته فيها فيديويا. حيث نعرف أنة قضى خمس سنوات وتسعة أشهر واثنا عشر يوما في النوم داخل البرادات وان علية أن يكمل مهمة أخيه في التجسس وجمع الأخبار عن السكان الأصليين لكوكب باندورا. ومحاولة إقناعهم بالرحيل عن المنطقة كحل دبلوماسي ويوافق جايك مقابل بعض الدولارات التي تمنحها الشركة للانتقال في جسد افتار والافتار، مخلوق يجمع بين تكوين القرد والإنسان مع فرق شاسع وهو أن الافتار يملك مشاعر وأحاسيس لا يملك الإنسان مثلها والتي بدت واضحة من خلال العلاقات والمواقف الأكثر من إنسانية التي تربط هذه المخلوقات مع بعضها البعض في الحب والتضحية والوحدة والشجاعة في مواجهة عدوهم، فقد حاربت مخلوقات الكوكب معا في صراعاَ مميت لمواجهة الاجتياح الأمريكي والذي جاء هنا معكوساَ لأفلام الخيال العلمي، والتي يكون فيها سكان كوكب الأرض هم أهل الأرض ففي هذا الفيلم يكون سكان كوكب باندورا أصحاب الأرض والغزاة هم (أهل السماء) كما يسميهم الافتار ربما في الزمن الذي تدور فيه الإحداث عام2151 ستحكم أمريكا سيطرتها على مجرة التبانة وتطير لتسترزق في المجرات الاخرى! وفي الكوكب المفترض يستخدم المخرج احدث ما توصل له العلم في أنشاء التكوينات الصورية والبيئات والإشكال، من خلال تقنية ال3D التي أبدع فنانوها بصناعة كوكب باندورا بأشجاره الخضراء الباسقة وينابيعه و امطاره ونوادر نباتاته وحيواناته من خيول وذئاب ووحوش عملاقة وطيور مختلفة زاهية الألوان وطيور أسطورية تشبه التنين ولهذه المخلوقات (الافتار) خاصية التواصل مع بعضها البعض، من خلال الأعصاب لتشترك معا في (العقل-الروح) ليتمكن الافتار التواصل مع الحيوان والنبات من خلال الترابط بواسطة ضفيرة الشعر والمسماة (سا-هيلو)ولخلق الأجواء المناسبة التي تدور فيها أحداث الثلث الثاني من الفيلم. حيث يتوه جايك وهو بهيئة افتار في الغابة وتعثر عليه بنت زعيم قبيلة الافتار تحاول قتله وعندما تحدث علامة تقرر أخذه إلى أمها (تسا-هيك) التي ستفسر وقوف المخلوقات المضيئة على جسمه وتغطيتها له، ويتمكن جايك من أقناع القبيلة التي تشبه قبائل الهنود الحمر من ناحية المعتقدات والتقاليد والأعراف بأنة فرد من قبيلة جنود المشاة الأمريكية المارينز لذا يتم توكيل مهمة تدريبه وتثقيفه بثقافة القبيلة ل(ني- تيري) ونشاهد جايك وهو يتعلم ركوب كائن يشبه الحصان يسير على ستة ويتنفس بما يشبه خياشيم الأسماك، كما يتعلم ركوب طائر أل (أيك - ران) والذي يشبه التنين إلى حد ما والذي يتوجب أن يختار احدهما الآخر جايك والتنين وبعدها سيتمكن من ركوب الطائر (ارون- يا). يتعلم جايك ثقافة القبيلة وينقلها إلى قاعدة القوات الأمريكية على شكل تقارير يومية وما أن يقع بحب الفتاة (ني- تيري) التي تغير حياته وتجعله يغير انتمائه تاركاَ أبناء جلدته الأمريكان ليقف في جانب سكان الكوكب باندورا، ويساعدهم للقضاء على السلاح المتطور والفتاك بعد محاولاته التي فشلت لتهجيرهم عن أرضهم وتركها للغزاة الأمريكان أو أهل السماء كما يسميهم أهل الكوكب وتنشب الحرب والتي صورت بسريالية عالية، وقد تبدو النهاية قريبة لأفلام (الويسترن) رعاة البقر الرجل الأبيض وغزواتهم على سكان الارض الأصليين الهنود الحمر فأن اللغة والأزياء وتسريحات الشعر والماكياج والعبادات الوثنية والروحية والصيد والعلاقات الاجتماعية، والتصنيف القبلي الزعيم وزوجته العرافة وابناء الزعماء وقوة أرادتهم وتأثيرهم على القبيلة مع فارق التوقيت الزمني والحداثوي واللوني فأن الهندي هنا لونه ازرق! وله شكل قريب من القرد بوجود ذيل وإذنين وانف يشبه انف القرد الشمبانزي المستطيل، والحرب في نهاية الفيلم تظهر ولأول مرة مدى قسوة الجيش الأمريكي وقدرته على التدمير والقتل غير المبرر، واستهتاره بتاريخ الشعوب ومقدساتها من خلال حرق الشجرة المقدسة التي يرقد تحتها الأسلاف وعمرها ملايين السنين مستخدمين كل ما امتلكوه من أسلحة دمار وتخريب لكن الإرادة القوية لشعب باندورا ومؤازرة الغريب الأمريكي الذي وقف بخندقهم، استطاعوا رد العدوان فأنطلقت القبائل متعاضدة متوحدة ومعها الطير والوحوش الكبيرة التي دمرت الطائرات الفضائية والجرافات الضخمة ملحقين الهزيمة والعار بالجنود الأمريكان. وهذا الخيال بعينة الذي ذهب له كاميرون متحدياَ زمناَ طويلاَ من الإنتاج المؤيد والمناصر للسياسة الأمريكية والتي سقطت في فيلم افتار أمام سطوة الحب. وقد تجاوزت أرباح الفيلم الملياري دولار منذ طرحة في الأسواق الداخلية الأمريكية ولحد ألان الفيلم عرض في أكثر من أربعة الاف دار عرض في أمريكا وحدها، بتقنية ال 3D والتي تشترط ارتداء نظارات ثلاثية الأبعاد لمشاهدة الفيلم إضافة إلى التوزيع عن طريق DVD والانترنيت وقنوات الكابل، ان فيلم تنفق الملايين لإنتاجه ويحقق هذه الأرباح الطائله متحديا الأزمة الاقتصادية التي رافقت أنتاجه، فمن المؤكد أنه سيفتح آفاقا جديدة في تقنيات الانتاج والصناعة والتجارة وهو شرارة لثورة كبرى لتقنيات الحاسوب لاجتياح عالم السينما واعلان سينما جديدة ربما تستغني عن جهد العاملين في مجال الفن السابع، من ممثلين ومصورين وفنيو إضاءة وصوت وديكور وماكياج وأزياء لذا من الواجب ان نعتبر جيمس كاميرون مبشراَ بعهد جديد في السينما العالمية وعهدا ستصبح فيه أمريكا تعترف بالهزيمة وان كانت في سينما الخيال العلمي. عدي مانع - العراق