تُواصل وكالة الأنباء الجزائرية ممارسة التخريف الإعلامي بعيداً عن أدنى معايير المهنية والاحترافية التي تفرضها قواعد اشتغال مؤسسات الأنباء الرسمية. يعدّ الخطأ الإعلامي وارداً عندما يتعلّق الأمر بمؤسسة هاوية أو مبتدئة أو غير رسمية، لكن عندما يصدر ذلك عن هيئة تمثل دولة برمّتها فهذا يعني أن الأمر يتجاوز الهفوة ويتحوّل إلى نية مقصودة تتعمّد من خلالها هذه المؤسسة الناطقة باسم نظام العسكر الإساءة للمغرب والنيل من مسؤوليه ونُخبه عبر ترويج الأخبار الزائفة والمعطيات المغلوطة. لماذا تضع إذاً وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية نفسها في مواقف محرجة كهذه التي جعلت المتحدث باسم وزارة الخارجية القبرصية ينفي تماما المزاعم المتعلقة بإصدار مذكرات توقيف في حق مسؤولين أمنيين مغاربة؟ من المؤكد أن فرع المخابرات الجزائرية، الذي يوصف ظلماً وعدواناً بوكالة الأنباء، يبني استراتيجيته الإعلامية على ثوابت نظام الكابرانات فيما يتعلق بالتعامل مع المغرب والقضية الوطنية. من أهم هذه الثوابت طبعاً العداء والكراهية تّجاه المسؤولين المغاربة والعمل باستمرار على ترويج الأكاذيب وفبركة الأخبار الهادفة إلى تقديمهم في صورة سيئة لا سيّما على الصعيد الأوربي. ليست هذه هي المرة الأولى التي تزعم فيها هذه الوكالة إصدار دولة أوربية مذكرات اعتقال في حقّ مسؤولين أمنيين مغاربة. بالمناسبة لا تنشر هذه الوكالة نهائياً الأخبار المتعلقة بالأوسمة ومبادرات التكريم التي يحظى بها هؤلاء المسؤولون في هذه الدول، لكنّها تحرص على ترويج خبر كالذي نشرته يوم 16 يناير الماضي بعنوان: "كبار المسؤولين الأمنيين بالمغرب محل مذكرة توقيف دولية". ما تنشره هذه المُلحقة المخابراتية يمثل في الحقيقة الأماني التي تسكن قلوب الكثير من قادة نظام الكابرانات. هذا ما يحلمون به. يريدون رؤية المسؤولين الأمنيين المغاربة الذين أثبتوا جدارتهم وكفاءتهم في التصدّي لكل المؤامرات التي يحيكها هذا النظام تحت طائلة المتابعة والتشهير. هذا حلم بعيد المنال لأن الدول الأوربية التي يدّعي كتبة المخابرات في وكالة الأنباء أنها تُصدر مذكرات اعتقال هي نفسها التي لا تتردّد في توجيه الشكر والتكريم والتعبير عن الامتنان للمؤسسات الأمنية الوطنية التي تُسهم بدور فعّال في محاربة الظواهر الأمنية الشاذة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة. لم تنتبه وكالة أنباء العار إلى أن مسؤولي المغرب الأمنيين الذين تُروِّج ضدهم هذه المزاعم هم الذين منحوا بلادنا مكانة خاصة لدى كبريات الدول مثل فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، وجعلت مؤسسة مثل الأنتربول تقرّر منح المغرب شرف تنظيم مؤتمر المنظمة المقبل في مراكش. كلّ مؤسسة إعلامية محترمة لا تتردد في العودة إلى صوابها وتصحيح أخطائها والاعتذار عن هفواتها، ومن المفترض أن تفعل وكالة أنباء العار ذلك لا سيّما بعد التكذيب الرسمي الذي أعلنه المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية القبرصية وأعلن فيه أن "السلطات المختصة في قبرص، أي المصالح القضائية والشرطة، تؤكد أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة على الإطلاق". لكنّنا على يقين أن وكالة الأنباء الجزائرية لن تعتذر ولن تصحح خطأها لأن مسؤوليها يعلمون أصلاً أن الخبر مفبرك ولا أساس له لكن الهدف منه لا علاقة له بالإخبار أو تنوير الرأي العامّ بقدر ما يرتكز على هدف آخر هو التشويش ومحاولة تلطيخ سمعة المسؤولين الأمنيين المغاربة بأيّ ثمن. وكالة العار تعمل بمنطق اكذب ثم اكذب ثم واصل الكذب حتّى يصدّقك الناس. وإذا عُرفت مصادر هذه الوكالة سيبطل استغراب المستغربين من وقوعها في هذه الورطة المهنية الكبيرة. إذا كانت هذه الملحقة المخابراتية قد استندت في ترويج هذا الخبر إلى ما روّجه مواطن مغربي مدان بارتكاب عمليات نصب واحتيال من طرف القضاء الإيطالي فليس من الغريب أن تقترف أخبارا كهذه لأن الغاية تبرّر الوسيلة، ولا مجال للأخلاق في عالم اللّامهنية. عندما يكون الإعلام موجّهاً من غرف إدارة عمليات البروباغندا والدعاية الموروثة عن الحقبة الباردة فمن الطبيعي أن تسوده ممارسات الفبركة والتزييف والكذب والافتراء. وفي عالم وكالة الأنباء الجزائرية ليست هذه حالة بل هي عادة ودأب ونهج لا يتردّد المسؤولون في الوفاء له بكلّ ما في الكلمة من معاني الخسّة والاندحار.