على الرغم من الخسارة الثقيلة أمام المنتخب الألماني إلا أن المغاربة والعرب فخورون كل الفخر بلبؤات الأطلس اللواتي دخلن التاريخ كأول منتخب عربي نسائي يتأهل إلى كأس العالم. صحيح أن المباراة الأولى للنسيان لكنها كانت أمام أحد أقوى المنتخبات النسائية في العالم. المنتخب الألماني وصيف بطل العالم والفائز بهذا اللقب في مناسبات سابقة كان في مواجهة لاعبات مغربيات شابات كلهن طاقة وحيوية لتشريف بلادهن والقارة السمراء والوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج. حُقّ لنا أن نقول لهنّ هنيئاً لكنّ بهذه المباراة التاريخية بكل المقاييس. هذا الكلام ليس تنفيسا عن الروح أو ترويحا عن النفس. هذا الكلام ليس محاولة لابتلاع الهزيمة المريرة، بل هو قراءة استباقية لأحداث هذه المشاركة التي ستدخل التاريخ. ستشاهد الأجيال القادمة النساء المغربيات وهوّ يلعبن كرة القدم في كافة الفئات من الصغيرات إلى الكبيرات، وستتذكّر أن الفضل في ذلك كان لهذه النخبة التي سافرت إلى أستراليا وواجهت المنتخب الألماني العتيد. حصة 6 مقابل 0 ستصبح قريبا دافعا قويا نحو السعي باستمرار نحو الأفضل ونحو تحسين الأداء وتطويره. لا يمكن أبدا أن نتصور حجم الأثر الذي يمكن أن تتركه مباراة كهذه في نفسية اللاعبات المغربيات وعزمهن وإرادتهن. والذين يتحسرون على هذه الهزيمة ينسون أن الخبرة التي تكتسبها المنتخبات لا تقدر بثمن. لا يجب أن ننسى أن منتخبنا النسائي دخل ضمن النادي الضيق لمنتخبات كرة القدم النسائية ال32 المشاركة في هذه الكأس العالمية الغالية. بينما هناك منتخبات تحلم فقط بالمشاركة في الإقصائيات التأهيلية وأخرى نسي المسؤولون فيها عن كرة القدم تأكيد مشاركتهم عبر الإيميل، استطاعت لبؤات الأطلس السفر عن جدارة واستحقاق إلى أستراليا، وما تزال أمامهن مباراتان تاريخيتان أخريان تحلم بها الكثير من المنتخبات النسائية في كل أرجاء العالم. كم كان صوت النشيد الوطني وصورة الراية المغربية وهي ترفرف في سماء أستراليا مصدر فخر لنا ولهؤلاء اللاعبات البطلات؟ هذه المشاركة هي الأولى من نوعها. وبالنسبة لمنتخب نسوي شاب تمثل الخبرة والاحتكاك اللّذين ينالهما هدفا ثمينا يجب أن نقدره حق قدره. و"اللي قال لعصيدة باردة يدير يدو فيها" كما يقول المثل المغربي. هذه الهزيمة المريرة في حد ذاتها ستمثل نقلة نوعية في تاريخ كرة القدم النسائية ببلادنا لأن الدروس التي ستُستخلص من ورائها بليغة إلى حد كبير، ولا يمكن شراءها بأغلى الأثمان. مباراة واحدة كهذه تعادل عشرات المعسكرات التدريبية والمباريات الودية التي يمكن أن يخوضها هذا المنتخب. ونتيجة هذا الدرس لن تتأخر كثيرا وستظهر في المباراتين القادمتين أمام المنتخب الكوري والمنتخب الكولمبي. وحتى إذا لم تحقق لبؤات الأطلس التأهيل المنشود إلى الدور الثاني، فسنظل مصرين على اعتبار هذه المشاركة تاريخية ومفيدة ولها ما بعدها في تاريخ كرة القدم النسائية في بلادنا. لها ما بعدها لأنها ستدفع المسؤولين عن كرة القدم النسائية والبطولة الوطنية وأندية كرة القدم إلى العمل على سد الثغرات وتطوير القدرات وتجاوز الهفوات، ولها ما بعدها أيضا في مجال أكثر أهمية في نظرنا. إنه الإلهام الذي تمثله لبؤات الأطلس بالنسبة إلى الأجيال الحالية والقادمة من النساء المغربيات اللواتي يعشقن كرة القدم ويفكرن جديا في ممارستها. سنرى ذلك قريبا على مستوى الإقبال الذي ستشهده أندية كرة القدم النسائية. وسنلاحظ ذلك أساسا على مستوى كسر الحواجز الثقافية والصور النمطية التي يحملها المجتمع عن علاقة النساء بالرياضة وكرة القدم على الخصوص. لذلك علينا أن نشكر لبؤات الأطلس مهما كانت النتيجة لأن البصمة التي سيضعنها في تاريخ كرة القدم أكبر من مجرد تحقيق فوز أو تسجيل هدف.