تعيين لوناس مقرمان أمينا عاما جديدا لوزارة الخارجية الجزائرية يأتي تتويجا لزوبعة من التغييرات التي تشهدها الدبلوماسية الجزائرية منذ الإطاحة برمطان لعمامرة وتعيين أحمد عطاف خلفا له. هذه الموجة من التغييرات شملت العديد من المسؤولين المركزيين والسفراء والمبعوثين الذين ينفق عليهم الكابرانات مليارات الدولارات من أجل العمل على غاية واحدة وفريدة هي معاكسة الوحدة الترابية للمملكة المغربية والسعي على نحو دائم وحثيث من أجل تقسيمها. هذا يعني أن هذه الغاية الاستراتيجية بالنسبة إلى النظام الجزائري تعد معيارا أساسيا من معايير انتقاء الموظفين والمسؤولين الدبلوماسيين في الجزائر. ماذا وراء ذلك؟ هذا يعني بعبارة أوضح أن طريق الاستوزار واحتلال المناصب السامية ومواقع المسؤولية مشروط في نظام الكابرانات بمناصبة العداء للمغرب وإعلان الولاء التام لأطروحة الانفصال. من المستحيل تماما أن يتولى مسؤول جزائري منصبه في الدبلوماسية وقطاع الخارجية إذا عرف عنه مثلا تأييده لفكرة الوحدة المغاربية والمصالحة بين المغرب والجزائر وإعادة فتح الحدود. وفي المقابل يفتح طريق النجاح والترقي الوظيفي على مصراعيه أمام الموظفين الذين يعلنون رسميا ولاءهم لأطروحة الانفصال وتأييدهم لفكرة إنشاء دويلة وهمية ومناصرة جبهة البوليساريو ولو على حساب المواطن الجزائري وثرواته ومقدراته. لذلك نحن في المغرب لا نتأخر كثيرا في فهم الدوافع والاعتبارات التي تحكم حركية المسؤولين والتعديلات الحكومية والسياسية في الجزائر لأننا نعي جيدا أنها ضيقة الأفق محدودة الرؤية، لا يحركها إلا ذلك الدافع العدائي الخالص المناهض للمغرب. لكن هناك سؤالا لا يقل أهمية يواكب هذه التغييرات الأخيرة التي حدثت في قطاع الخارجية الجزائرية. ما الدلالات التي تحملها قبل الغايات والأهداف؟ إنها تعكس دون شك حالة الهزيمة الشاملة التي تتعرض لها في مواجهة نظيرتها المغربية. وزير الخارجية ناصر بوريطة عاصر وحده خمسة وزراء خارجية من البلد الجار. وعاصر عددا كبيرا من الأمناء العامين ورؤساء المصالح والسفراء الذين عصفت به ماكينة الفشل في الوقت الذي تتألق فيه الأجهزة الدبلوماسية المغربية وتحاصر الجيران في كل ساحات المنافسة. كم من وزير خارجية أو أمين عام لها يلزم الكابرانات حتى يغطوا على هذا الفشل المركب والممتد؟ يبدو أن عليهم أن يستعدوا للمزيد من الانكسارات والتراجعات خاصة بعد أن نفدت على ما يبدو جل أوراق المناورة التي تم شراؤها بأموال الجزائريين. فشل في الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية وصدمة أخرى في الساحة الأوربية وقطيعة وحرج كبير في العلاقات مع واشنطن، إضافة إلى الورطة التي لا تنتهي وتشكل رعبا يوميا للكابرانات ألا وهي الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية. ولنا في فضيحة زيارة الرئيس الجزائري الأخيرة إلى البرتغال مثال حي على ما آلت إليه هذه الدبلوماسية من أعطال وعزلة على كافة الأصعدة. مرحبا إذاً بتعيين القبايلي لوناس مقرمان أمينا عاما للخارجية لينضاف إلى قائمة أهداف الوزير ناصر بوريطة وطاقمه الدبلوماسي. ونحن على يقين أننا سنسمع قريبا أخبارا عن رحيل أحمد عطاف وطاقمه من المسؤولية في ظل إصرار الكابرانات على توجيه كل الجهود والغايات والأهداف نحو معاداة المغرب والنيل منه. وهذا ما يعطينا المزيد من الحق والشرعية والإصرار على إحراج الدبلوماسيين الجزائريين الفاشلين، الذين بدلا من أن ينشغلوا بالملفات الحقيقية التي تهم المواطن الجزائري وأمنه واستقراره ورفاهه وتضمن مصالحه عبر العالم ينفقون كل وقتهم وجهودهم وأموالهم على الإساءة لهذا البلد الآمن. وهو رهان استنزف منذ سبعينيات القرن الماضي كل مقدرات الجزائريين وجعلهم اليوم تحت رحمة نظام فاسد ودولة فاشلة.