عكس ما ذهبت اليه الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية حينما هاجمت السياسة الخارجية للمغرب فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل ومع القضية الفلسطينية، فان المغرب لطالما حرص، من خلال سياسته الخارجية، على ترسيخ موقفه المبدئي والثابت من القضية الفلسطينية التي يضعها جلالة الملك، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، في نفس مرتبة قضية الوحدة الترابية. البيان الذي أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي استهجن "المواقف الأخيرة في بعض اللقاءات الإفريقية والأوروبية لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، يظهر الى أي حد رضخ حزب العدالة والتنمية للإغراء السياسي المنبني على استغلال الظروف والمزايدة على ركائز السياسة الخارجية. وكان حريا بحزب العدالة والتنمية الممثل داخل المؤسسات المنتخبة، عوض مهاجمة اختيارات الدولة، والتي دافع عنها الحزب في مرحلة سابقة، بعد توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية، أن يعطي الأولوية للإطار المؤسساتي والديمقراطي، لا سيما على مستوى غرفتي البرلمان، من خلال اللجان المختصة وآليات التفاعل مع الحكومة. وما يغيب عن ذهن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الاله ابن كيران، ورفاقه، وهم يهاجمون الوزير ناصر بوريطة، بعد تصريحاته على هامش لقاء جمعه بمفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار، أوليفر فارهيليعن، تحدث فيها عن أفق التعاون الثلاثي الإقليمي وما يتيحه من "فرص التطور بين المغرب والمفوضية وإسرائيل"، هو كون الدبلوماسية المغربية كانت حينها في أوج نضالها من أجل التمكين لهذه المؤسسة الإفريقية وتحريرها من الوصاية الجزائرية والجنوب إفريقية.. ابن كيران الذي سقط في تناقض صارخ وهو يهاجم اختيارات الدولة فيما يخص إعادة استئناف العلاقات مع إسرائيل، هو نفسه الذي خرج مدافعا عن هذه العلاقات، مؤكدا أن "حزب يقف الى جانب الدولة، و أن قوة حزبه مرتبطة باستمرار الدولة، وقوتها، كما تناسى حزب العدالة والتنمية أن " استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل كان قرار دولة، وقد كان حزب العدالة والتنمية أحد الموقعين على الاتفاقية الثلاثية الأطراف سنة 2020″. البلاغ الصادر عن الديوان الملكي، كان واضحا وأعاد التأكيد على مرتكزات السياسة الخارجية للدولة المغربية فيما يخص إعادة استئناف العلاقات مع إسرائيل، ومكانة القضية الفلسطينية بالنسبة للمملكة المغربية، حيث نهج بلاغ الديوان الملكي، سبيل الوضوح والمسؤولية، بعيدا عن لعبة المواقف الغامضة وإغراءات النهج الاستغلالي، التي ينهجها حزب العدالة والتنمية، في لعبة مفضوحة مكشوفة في مساعي لاستمالة الناخبين، وإعادة الحزب الى المشهد السياسي على حساب القضية الفلسطينية. هذه السقطة الجديدة لحزب العدالة والتنمية تؤكد أن السياسة الخارجية يعد ميدانا يستوجب الخوض فيه أكبر قدر من الانضباط وأعلى مستويات المسؤولية والحذر والالتزام بواجب التحفظ، خاصة وأن حزب العدلة والتنمية، وبخاصة أمينه العام عبد الاله ابن كيران، صرح في أكثر من مناسبة حينما كان رئيسا للحكومة، وبعدها بأن الدبلوماسية الخارجية مجال محفوظ لجلالة الملك، وأن حزب العدلة والتنمية من واجبه دعم الدولة المغربية وجلالة الملك في جميع الاختيارات التي تهم السياسة الخارجية.