حدد باحثون أمريكيون مجموعات فرعية غير معروفة سابقاً من أنواع الخلايا الموجودة في أنسجة المفاصل لدى الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وهو ما قد يساعد في تقديم تفسير حول أسباب استجابة بعض الأشخاص فقط للأدوية المتاحة للمرض. والتهاب المفاصل الروماتويدي "RA"، مرض مناعي ذاتي يُصيب المفاصل، إذ يتعامل الجهاز المناعي عن طريق الخطأ مع أنسجة المفاصل باعتبارها بكتيريا أو فيروسات ضارة ويهاجمها، بما يسبب الالتهاب والألم والتورم. ويؤثر هذا المرض على ما يُقدر بنحو 1.3 مليون أمريكي، أي حوالي 1٪ من السكان، وهو ما جعل كثيرا من الباحثين يعملون على الوصول إلى علاج فعّال، من بينهم لورا دونلين، المدير المشارك لمختبر الدقة التابع لمؤسسة ديرفنر، في مستشفى الجراحة الخاصة "HSS"، والتي قادت بحثين سعت من خلالهما إلى تقديم الحل. وقالت دونلين إن التهاب المفاصل الروماتويدي يتضمن تفاعلاً معقداً بين العديد من أنواع الخلايا المختلفة، بما في ذلك الخلايا التائية، والخلايا البائية، ووحيدات الخلايا والأورام الليفية، لكن الأنواع الفرعية المحددة التي تحرك تطور المرض غير محددة إلى حد كبير، وفهم هذه الأنواع من الخلايا بشكل أدق قد يحمل معلومات قيمة في تطوير علاجات جديدة. وأضافت: "في الوقت الحالي، النهج المعتاد لعلاج المرضى هو منهج التجربة والخطأ، إذ نعطي المريض دواء لمدة 3 أشهر، وإذا لم ينجح هذا، فسنحاول مع علاج آخر، وفي بعض الأحيان قد يستغرق الأمر سنة أو أكثر لإيجاد علاج فعال". وخلال البحث الأول الذي نشرته مجلة "Nature Immunology"، أخيرا، تعاونت دكتورة دونلين مع باحثين لإنشاء خريطة الخلايا الموجودة في نسيج مفصل لالتهاب المفاصل الروماتويدي، باستخدام تقنيات التسلسل المتقدمة، وتمكنوا من تحديد 18 مجموعة من الخلايا الفريدة في الأنسجة الزليلية التي قدمهاً 36 مريضاً بالتهاب المفاصل الروماتويدي. وكانت العديد من أنواع الخلايا موجودة بكميات أعلى في الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، مقارنة بعينات التحكم من مرضى هشاشة العظام، وهو مرض تنكسي مشترك ينتج عن تدهور الغضاريف بسبب الإصابة أو التآكل مع مرور الوقت. على سبيل المثال، حددت دونلين وزملاؤها مجموعة فرعية من الخلايا الليفية، وهي الخلايا التي تصنع النسيج الضام، وهذه المجموعة الفرعية من الخلايا الليفية يمكن أن يتعامل معها دواء "إنترلوكين 6 "، وبالتالي تمثل نوعاً من الخلايا قد يكون من المهم التركيز عليه في تطوير الأدوية لمرضى التهاب المفاصل الروماتويدي. كما اكتشفوا مجموعة فرعية من الخلايا البائية المرتبطة بالمناعة الذاتية في النسيج الزليلي، وتم العثور عليها أيضاً بكميات كبيرة في عينات التهاب المفاصل الروماتويدي، مما يشير إلى أن هذا النوع الفرعي قد يكون أيضاً هدفاً واعداً لتطوير الدواء في المستقبل. وخلال البحث الثاني الذي نشرته دورية "Science Translational Medicine"، الأربعاء، أجرى العلماء بحثاً بشأن نوع آخر من الخلايا المرتبطة بالمرض، حيث اكتشفوا مجموعة فرعية وفيرة من البلاعم. والبلاعم نوع من خلايا الدم البيضاء في الجهاز المناعي، تبتلع وتهضم الحطام الخلوي والمواد الغريبة والميكروبات والخلايا السرطانية، وأي شيء آخر لا يحتوي على نوع من البروتينات الخاصة بخلايا الجسم السليمة على سطحه، ولكنها في هذا المرض مصدر معروف لعامل نخر الورم "TNF"، وهو بروتين صغير أو خلوي يشارك في الاستجابات الالتهابية في التهاب المفاصل الروماتويدي. وبعد ذلك، اختبر الباحثون كيف أثرت أدوية التهاب المفاصل الروماتويدي الفعالة سريريا عليها، ففوجئوا باكتشاف أن مثبطات "COX"، المعروفة باسم العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية "NSAIDs"، قد غيرت هذه البلاعم بشكل كبير، لكنها لم توقف استجابات عامل نخر الورم. وقالت الدكتورة دونلين: "هذا الاكتشاف قد يفسر سبب علاج مضادات الالتهاب غير الستيرويدية للألم، ولكنها لا تعالج الأمراض في الروماتويد"، مضيفة: "قد يكون النهج الأفضل هو الدمج بين مضادات الالتهاب غير الستيرويدية وعامل نخر الورم، لإغلاق كل المسارات الالتهابية". وحتى يتم إقرار هذا النهج، يحتاج الفريق البحثي لإجراء أبحاث أخرى، ولكنهم على الأقل حتى الآن نجحوا -كما تؤكد دونلين- في تحديد مجموعات فرعية غير معروفة سابقاً من الخلايا، وقدموا رؤى جديدة حول كيفية تفاعل بعض أنواع الخلايا مع بعضها البعض لدفع التهاب المفاصل الروماتويدي. المصدر: الدار – وكالات