في يناير الماضي كان رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، يزكي حصيلة حكومته بعد قرابة سنتين من ولايتها. ولم يتردد العثماني حينها في كلمة ألقاها ضمن فعاليات الدورة العادية للمجلس الوطني لحزبه بسلا في القول إن حصيلة بعض القطاعات تجاوزت ما اتفق عليه في البرنامج الحكومي. وخلال أيام قليلة يعرض رئيس الحكومة حصيلة نصف الولاية للحكومة التي تم تعيينها في ظروف متعسرة اتسمت ب"بلوكاج" استمر لشهور. في نهاية الأسبوع الماضي قال رئيس الحكومة إنه راسل رئيسي مجلس النواب والمستشارين لتقديم حصيلة نصف الولاية الحكومية، مشيرا إلى أنه ينتظر جوابهما لتحديد الموعد النهائي لذلك. وكشف العثماني أن هناك فريق عمل مركزي خاص مهمته “متابعة تنفيذ البرنامج الحكومي مع مختلف القطاعات الحكومية والذي سيجتمع الأسبوع المقبل لتقييم عمل الحكومة”. وبغض النظر عن المعطيات الإحصائية التي يمكن أن تتضمنها الحصيلة الحكومية فمن المؤكد أنها ستتأثر بالتعثرات التي عرفتها العديد من الأوراش والملفات الاجتماعية أو الاقتصادية أو الإدارية. ومن المتوقع أن يتصدر اتفاق الحوار الاجتماعي الذي تم توقيعه في 26 أبريل المنصرم بين الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، لائحة المنجزات التي ستعرضها الحكومة. وكان هذا الاتفاق قد نص على زيادة مبلغ شهري صاف يتراوح بين 400 و 500 درهم للموظفين، و الرفع من التعويضات العائلية ب 100 درهم عن كل طفل والرفع من الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات في القطاع الخاص. ورغم هزالة الزيادات التي قبلتها النقابات من باب "العمش ولا العمى" ورفضت إحداها التوقيع على الاتفاق بشأنها إلا أن هذا الاتفاق سيشكل نواة الحصيلة التي سيقدمها رئيس الحكومة. وإذا كانت الحكومة تعتزم توظيف هذا الاتفاق من أجل تلميع صورتها، فإنها بالمقابل ستجد صعوبة في تفسير التعثر الكبير الذي عرفه قطاع التربية الوطنية بعد الإضرابات والاعتصامات الواسعة التي خاضها الأساتذة المتعاقدون رفضا لمنطق التعاقد، وهي الأزمة التي لا تزال متواصلة رغم عودة الأساتذة إلى فصولهم. وكان رئيس الحكومة قد وضع توظيف الآلاف من المتعاقدين لسد الخصاص في القطاع ضمن حصيلة منجزات السنة الأولى من العمل الحكومي. وعلى الصعيد الاجتماعي دائما يبدو القطاع الصحي واحدا من الملفات الساخنة التي تنتظر إجابات الحكومة خصوصا بعد موسم شتوي تميز لأول بفشل في تدبير موجة "أنفلونزا الخنازير" التي أودت بأرواح الكثيرين. ومن المفترض أن يقدم رئيس الحكومة معطيات حول المخطط الوطني للصحة في أفق 2025، والذي وعدت الحكومة بتنزيله خلال السنة الثانية من ولايتها. وفي سياق قراءة الحصيلة كان من الواضح أن الحكومة الحالية وضعت خلال السنة الماضية تحت مجهر المحاسبة الملكية الدورية. وكانت جلسات العمل المتعددة التي ترأسها الملك محمد السادس بحضور رئيس الحكومة بمثابة خلية متابعة لعدد من المشاريع والبرامج التي ظهر منذ البداية أن الحكومة تعثرت فيها كثيرا. وفي هذا الإطار تابع الملك محمد السادس عن كثب إعداد الحكومة لبرنامج تأهيل عرض التكوين المهني وتجديد الشعب والمناهج البيداغوجية والذي تم إعلانه رسميا في بداية أبريل الماضي بعد شهور طويلة من الصياغة والتعديل أسفرت عن ميلاد مشروع “مدن المهن والكفاءات” في كل جهة. وتثير مسألة تبني البرامج والإصلاحات جدلا بين الفرقاء السياسيين بين الفينة والأخرى. ففي فبراير الماضي لم يتردد وزير الفلاحة عزيز أخنوش في استهداف الحكومة التي ينتمي إليها خلال لقاء جهوي بالداخلة مشددا على أن الملك هو مؤسس عدد من البرامج الاجتماعية التي تستهدف الفئات الهشة والفقراء بالمغرب، مضيفا بقوله: “ميقولش ليكم شي واحد آخر شي كلمة” في إشارة إلى وزراء حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة. وفي 26 أبريل المنصرم احتفت الحكومة بعيد ميلادها الثاني وحرصت على أن يكون الاحتفال متوجا بتوقيع اتفاق الحوار الاجتماعي الذي على ما يبدو سيمثل طوق النجاة الوحيد لحكومة العثماني التي تعثرت في تنزيل الكثير من التزاماتها التي وردت في التصريح الحكومي. فقد ظل إصلاح الإدارة ورشا مفتوحا دون اتخاذ إجراءات عملية خصوصا فيما يتعلق بتسهيل مساطر الاستثمار، وفي هذا الإطار لم تتأثر وتيرة استقطاب الاستثمارات إيجابا بالإجراءات والتشريعات التي سنتها الحكومة وعلى رأسها القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار. وسيظل الاستفسار الملكي عن سر تعثر تنزيل مخطط تسريع التنمية الصناعية بجهة سوس ماسة درعة مطروحا. فهل تجيب عنه الحكومة بمناسبة تقديم حصيلتها الجديدة؟